رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

لا للتصالح .. نعم للمصادرة

أرفض التصالحات التى تجرى حاليًا مع رجال أعمال ورموز حكم نظام مبارك، والتى تتمحور حول قيامهم برد أموال للدولة مقابل الحصول على حريتهم، وبطبيعة الحال فإن الأموال المقصودة هى تلك الموجودة فى مصر والتى يصعب عليهم التصرف فيها بالبيع، أما الأموال المهربة للخارج والبعيدة عن الأعين، فلن تتطرق لها التصالحات القائمة على تعديلين قانونيين معيبين أجرتهما حكومة المهندس إبراهيم محلب، يسمحان بإسقاط كل الاتهامات المتعلقة بنهب المال العام، مقابل دفع مبالغ مالية لا تمثل شيئًا من قيمة ما تم سرقته، والأشد خطورة ذلك التعديل الذى أدخل على قوانين الانتخابات للسماح لهم بالترشح للمجالس النواب.

كانت بداية التوجه للتصالحات مع «الإعلان عن انتهاء الحكومة من تعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975م والخاص بالكسب غير المشروع، والتى تضمنت إمكانية قبول الجهات القضائية المختصة عرض المتهم بالتصالح عن جريمته، بشرط أن يرد كل ما اكتسبه من أموال غير مشروعة. وشملت التعديلات منح المتهم الحق فى الاعتراض على تقدير اللجنة لقيمة الأصول موضوع الكسب غير المشروع عن طريق التظلم لوزير العدل خلال 15 يومًا، ويفحص التظلم بمعرفة لجنة مغايرة من الخبراء يشكّلها وزير العدل لتقدير ما يدفعه رجل الأعمال».

ويكمن مفتاح التصالحات فى المادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية، التى عدلت مؤخرًا بحيث تعطى حق التصالح لرئيس الوزراء الذى يخاطب النيابة بإلغاء العقوبة، وبذلك لم تعد المصالحات من اختصاص النيابة العامة بما يعنى أن التفاوض يقوم على أسس مالية وسياسية وليس بناء على قواعد قانونية .

ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة بجميع أوصافها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين فى الواقعة إذا تم الصلح قبل صدور حكم بات، فإذا تم التصالح بعد صدور حكم واجب النفاذ وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذًا لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعًا بالمستندات المؤيدة له.

والقانون بهذه الصورة يعطى للأجيال المقبلة صورة خاطئة عن إمكانية نجاة لصوص المال العام من العدالة، ويشجعهم على السرقة بقلب بارد مطمئن إلى وجود ثغرات تمكنهم من الافلات من العقوبة فى حال اكتشاف سرقاتهم، فضلاً عن أنه يمكّن اللصوص من الأموال التى هربوها خارج البلاد، حيث يمنحهم حرية السفر بعدما يتم التصالح. وتمثل هذه التصالحات صورة لتخبط الحكومات التى تعاقبت على مصر منذ ثورة 25 يناير، حيث أنفقت اللجان المشكلة لاسترداد الأموال المنهوبة والمهربة قرابة نصف مليار جنيه دون أن تسترد قرشًا واحدًا، فى وقت كشفت وثائق بنما أن تأخر بريطانيا فى تجميد أموال عائلة مبارك، مثّل فرصة ذهبية استغلها علاء مبارك لغسيل الأموال واخفائها، حتى بعد ايداعه السجن.

لهذا لابد من إعادة النظر فى قواعد التصالح، فليس من المعقول أن يتصالح الضحية مع اللص على ترك جزء مما سرقه، ليفلت اللص بالغنيمة الكبرى ويستمتع بها، والأصوب مصادرة الأموال والعقارات الموجودة فى مصر وتخيير اللصوص بين البقاء فى السجن أو رد ما هربوه إلى الخارج. إن المصادرة والايداع فى السجون هى السبيل الأنسب للتعامل مع ناهبى أموال الشعب، فليست هناك جريمة أكبر من سرقة المال العام، واعتمادنا المصالحة مع اللصوص يفتح الباب مستقبلاً لغيرهم لتكرار ذات الفعل وهم آمنون من العقاب، فهل نعى ذلك؟!


لمزيد من مقالات أسامة الالفى

رابط دائم: