رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
>> انتظرت أمى بصبرها المعتاد فور التحاقى بالعمل فى الأهرام أن تتصدر مقالاتى صفحات الصحف وعناوين الأخبار، وعندما عيل صبرها لمحت الحيرة فى عينها وسألتنى وهى تنظر إلى قميصى المخطط بحبر المطابع كل يوم: ـ الشقا مش عيب يابنى بس عرفنى انت بتشتغل إيه فى الأهرام؟ ـ أنا سكرتير تحرير. ـ سكرتير!! .. سكرتير مين يعنى ؟! فقلت لها بفخر: ـ أنا مش سكرتير حد.. دى مهنة صحفية شريفة واسمها كده. ـ مهنة إيه ياكبدى اللى بتشغلك حتى تأتى نص الليل غرقان بهدومك فى الشحم الأسود؟ حاولت أن أشرح لها طبيعة مهنتى فتكلمت كثيرا عن الإخراج وتكنولوجيا التصميم والطباعة وأننى أجتمع مع رئيس التحرير يوميا، وسكرتير التحرير هو الشخص المهموم بتجميل الجرنال وحفظ أسراره والأمين على شخصيته لكنى لمحت فى عينيها عدم الفهم وخيبة الأمل.. واكتفت بالدعاء لى بطول العمر وراحة البال وقالت:أشوفك سكرتير لواحد من العظماء زى هيكل أو مصطفى أمين! ومرت 30 سنة ..كان كل همى أن أشبع غرور أمى، لتفخر بابنها سكرتير التحرير، مثل أمهات الذين تتصدر صورهم الصحف ونشرات الأخبار، إلى أن تحققت دعوة أمى ـ وهى الآن فى رحاب الله ـ . ورغم أن هناك الكثير من الأساتذة الذين أدين لهم بالفضل بعد الأهرام منهم الدكتور عبدالملك عودة عميد كلية الإعلام عام ١٩٧٤ والدكتور خيرى عيسى أستاذ السياسة والدكتور عزت قرنى أستاذ الفلسفة يزيد عليهم عظماء الصحافة وتشريعاتها فى ذلك العصر الدكتور جمال العطيفى والدكتور أحمد كمال أبو المجد والأستاذ جلال الدين الحمامصى والدكتور خليل صابات والدكتورة عواطف عبدالرحمن. الذين أثبتت محاضراتهم أن دراسة الإعلام أخطر من السياسة والإقتصاد، وأن الصحفى والمذيع لا يقل أهمية عن السفير، ولكن دعوة أمى تحققت على يد الأستاد محمد حسنين هيكل فقد شرفت بصداقة الأستاذ لأكون واحد من الذين يأتمنهم على كتاباته، كما أننى كنت سكرتير التحرير المسئول عن تصميم شكل واحد من أهم وآخر ما قال وماكتب ورغم أننى صرت مديرا للتحرير بالأهرام..إلا أننى لازلت أفخر أننى سكرتير لواحد من العظماء اسمه «الأهرام» ....................................................... >> صديقى وطنى جدا. لم يغلبه فى الوطنية غلاب. لم يزعجه ويطير النوم من عينيه ان جزيرتى تيران وصنافير عادتا الى السعودية ولا أن مصر خسرت موقعا استراتيجيا يتحكم فى مدخل خليج العقبة، ولا أن المنطقة ستتحول ـ بجسر الملك سلمان ـ إلى همزة وصل تربط مصر بقارة اسيا وسيجعل المسافة من شرم الشيخ إلى تبوك والمدينة والكويت والدمام والبحرين وأبو ظبى ودبى «فركة كعب» او «مسافة السكة»، ولم يسعده عودة الحياة إلى هذه المنطقة بعد موات، ولم يؤلم صديقى أن مصر تركت من قبل ميناء العقبة بعد نكبة ٤٨ ولا ان اسرائيل التى زرعت فى المنطقة لتفتتها تكسب كل يوم أرضا جديدة منذ ٦٧، وان التفاهم بين القاهرة والرياض وغيرها من العواصم العربية هو الطريق لوقف المخطط الصهيونى، ولم يحز ويؤلم وطنية صديقى ان سوق السياحة «انضرب» بفعل فاعل مثله وعشرات الفاعلين الخبثاء، وان مصر كلما ارادت ان تنهض بهذه الصناعة الحيوية يتم اختراع حدث ليجرنا للخلف، وما كدنا نتخطى حادث سقوط الطائرة الروسية حتى دهمنا حادث السياح الكوريين، ثم السياح الانجليز والفرنساوية، ولم يحزن صديقى على موت العديد من المشروعات والمقاصد السياحية بسيناء، ولم يرتاب صديقى من الصمت الرسمى الإسرائيلى وحالة «الزقططة» لتوقعها أن تعقد السعودية قريبا معها معاهدة سلام مجانية، وتجاهلت بوستات صديقى الحارقة والحزينة ذكرى وفاة والده ووالدته فى حادث سير، منذ سنوات لانشغاله بالنحيب على مقتل المأسوف على شبابه «الباحث» روجينى حتى كاد يقيم له تمثالا، ولم يحزن صديقى ـ قطعا ـ على أن الاتفاق بين الدولتين العربيتين اقتصر على ترسيم الحدود وليس إلغاء الحدود والفواصل التى وضعها المستعمر، لكن الحادث الجلل الذى أطار النوم من عين صديقى المناضل هو : إذا كانت هذه الجزر سعودية فى الأصل كما كشف عشرات الوثائق والكتب والشهادات، لماذا تدفع السعودية لمصر سنويا اثنين مليار دولار لمدة 65 عاما قادمة مقابل تأمينها عسكريا ؟؟؟! قلت لصديقى «خبير الإشاعات المضروبة» متعمدا أن أحرق دمه: لست متأكدا من هذه الأرقام وسأعتبرها مجرد إشاعات، لكن المؤكد أن الأشقاء السعوديين تعهدوا بأن تحصل مصر على 25٪ من عائد أى مشروع يقام على الجزيرتين أو فى نطاقهما، وضع صديقى أصبعه كالمسدس فى رأسه للدلالة على الخبث والذكاء الحاد وقال: أليس هذا معناه أن الجزر مصرية فى الأصل وأنهم اشتروا الجزيرتين بهذه المبالغ ؟ هنأته على ذكائه الخارق المخلوط بالحقد على أى نجاح، وقلت وأنا أبادله الإشارة الى مخى بنفس الأصبع: هل تعلم أن هذه الجزر وقعت تحت الاحتلال وحررتها مصر مرتين بعد حربى 1948ــ 1967، فماذا يا فالح لو وقعت هذه الجزر الاستراتيجية تحت سيطرة إسرائيل منذ 1950 حتى الآن ألم يكن مصيرها التهويد كما حدث للضفة الغربية والشرقية والقدس والجولان ؟ لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف