رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الإدارة الحرة لإحياء قطاع الأعمال

بمناسبة تخصيص وزارة لقطاع الأعمال العام واستقلالها عن وزارة الاستثمار، يظهر في الأفق اهتمام الدولة بقطاع الأعمال العام لتحقيق تعظيم موارد الدولة وتشغيل هذا القطاع بأحدث الوسائل التكنولوجية بعد توقف لجانب منها أو عدم تشغيلها بكامل طاقتها.

ولتحقيق هذه الأحداث لا بد من البحث عن أفضل الأنظمة القانونية في إدارة هذا القطاع حيث لا ينكر احد أن الإدارة الرشيدة والمتخصصة هي القادرة علي تحقيق ذلك، إذ كما يقول المثل الإدارة علم العلوم. ونود في هذا المجال ذكر وسائل الإدارة التقليدية في عجالة ثم نوضح مفهوم الإدارة الحرة باعتبارها نظاما قانونيا يأخذ بيد مشروعات قطاع الأعمال العام دون بيعه أو تصفيته.

من الصور التقليدية لإدارة المشروعات هو الجمع بين الملكية والإدارة والاستقلال بمعني أن صاحب المشروع هو القائم علي إدارته واستغلاله باسمه ولحسابه وتحمل كامل نتائج ذلك سواء من مكسب آو خسارة أو تمويل المشروع كما يخضع مالك المشروع لنظام شهر الإفلاس. ومن هذه الصور أيضا الحالة التي يجمع فيها مالك المشروع بين الملكية والاستغلال باسمه ولحسابه دون الإدارة، إذ قد يستعين بمدير مأجور يخضع لعقد العمل، وذات الأمر إذا لجأ مالك المشروع في إدارته إلي وكيل مدير عندما يرغب في فتح فروع لنشاطه ويعطي الوكيل المدير استقلال في الإدارة وهو وان كان لا يعد أجيرا ولكن تظل الملكية والاستغلال لمالك المشروع وعادة تحدد أجره هذا الوكيل المدير بنسبة من أرباح المشروع. أما الصورة الثانية فهي صورة استغلال المتجر وإدارته بواسطة مدير حر، بمعني انفصال الملكية عن الإدارة والاستغلال وهي موضوع هذا المقال. ويتم ذلك بعقد يبرم بين مالك المشروع والمدير الحر يستقل هذا الأخير بإدارة المشروع باسمه ولحسابه متحملا كامل نتائج المشروع من ربح أو خسارة، وخضوعه لنظام شهر الإفلاس. ويطلق علي هذا النظام القانوني عقد الإدارة الحرة وفقا للتسمية التي أتي به المشرع الفرنسي في قانون 1956 بشأن تأجير المتجر بعناصره المعنوية . والطبيعة القانونية لهذا العقد انه عقد إجارة لمنقول معنوي لا يدخل العقار المقام عليه المتجر أو المصنع فيه، بمعني أن تظل ملكية العقار للأرض أو المباني إلي مالكه وهو مؤجر الاستغلال. ومحل هذا العقد هو المنقولات المعنوية مثل حق الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والاسم التجاري والرخص والإجازات والملكية الصناعية من براءات اختراع ورسوم ونماذج صناعية وعلامات تجارية. ويعد تأجير الاستغلال أو التأجير بالجدك كما يطلق عليه في الوسط التجاري المصري، وسيلة ملائمة ونموذجا مقبولا كأحد طرق إدارة مشروعات قطاع الأعمال العام حيث تظل الدولة في ظل هذا النظام القانوني المالك لعقار المشروع والأراضي المقام عليه وعناصره المادية من الآلات وعدد أو بضائع، كذلك العناصر المعنوية، ولعل أهم الآثار القانونية لهذا العقد هو تحمل مستأجر الاستغلال نتائج إدارة مشروعه بين ربح أو خسارة والخضوع لنظام شهر الإفلاس، دون ادني مسئولية علي مالك المشروع. كما أنه بنهاية العقد تسترد الدولة - مالكة المشروع - كامل العناصر المعنوية والمادية، كما أنها تظل المالكة للعقارات والأراضي المقام عليها المشروع، حيث لا تعد عنصرا من عناصر عقد تأجير الاستغلال، ويعد هذا أمرا في غاية الأهمية لقطاع الأعمال العام حيث يسعي المستثمر سواء الوطني أو الأجنبي الى الحصول علي تملك الأراضي والعقارات المقام عليها المشروع عند إبرام عقد لبيع المشروع كما حدث في حالات بيع القطاع العام، ذلك أن الأراضي بطبيعتها ترتفع قيمتها ويتخلص المستثمر من المشروع ويسعي لوقفه أو تغيير نشاطه إلي نشاط عقاري.

ويتميز نظام الإدارة الحرة بالتزام مستأجر الاستغلال بعدم تغيير نشاطه الأصلي فتظل العملاء لمالك المشروع وهو الدولة بعد انتهاء العقد فتعود الحرية إليها سواء في تجديد العقد أو لمستثمر آخر.

وبالنسبة للعمالة القائمة بالمشروع فهي تظل علي قوة المتجر في مواجهة مستأجر الاستغلال حيث ينص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 علي ذلك (م9/2). ويمكن الاتفاق علي عدم انتقال العمالة أو تدريبها أو تقوم الدولة بتحمل جانب من التعويضات من العمالة عند وجود مصلحة في ذلك لمستقبل المشروع 0 وعادة ما تكون مدة العقد طويلة نسبيا حتى يتمكن المدير الحر من تعويض ما أنفقه في سبيل تحديث المشروع بكفاءة عالية. والجدير بالذكر أن هذا العقد وهو تأجير استغلال المتجر أشار إليه قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999 لأول مرة بالمواد من (34 إلي 43) حيث نظم شهر العقد في سجل خاص وحدد البيانات التي تقيد في هذا السجل وأطراف العقد والأجرة المتفق عليها ، كما اعتبر المشرع هذا العقد عقدا شكليا يجب كتابته وإلا كان باطلا نظرا لأهميته وعدم إمكان المستأجر التنازل عن استغلاله للغير. خلاصة القول إن هذا النظام القانوني في إدارة مشروعات قطاع الأعمال العام يمكن أن يكون نظاما ملائما وعاملا فعالا لإحياء نشاطه بكفاءة عالية دون تكلفة عالية علي الدولة، وتفاديا للاقتراض مع احتفاظ الدولة بالملكية.

لمزيد من مقالات د. سميحة القليوبى

رابط دائم: