رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مهام الإعلام المصرى

الإعلام حسبما تعلمنا وعرفنا إنما هو أحد الأسلحة الرئيسية فى حروب البلاد من أجل البناء الداخلى من ناحية ومن اجل الدفاع او الهجوم او الهجوم المضاد ضد الخارج ولا يمكن أن أفصل الإعلام عن الحياة اليومية للمواطن أينما كان .

لا يخفى على أحد الدور الكبير الذى لعبه الإعلام المصرى منذ بدايات القرن الماضي، والذى ترسخ أكثر عقب ثورة 23 يوليو 1952 فى الترويج للنموذج المصرى عربيا وإفريقيا، وكان أهم أدوات السياسة الخارجية المصرية فى لعب دور القائد الإقليمى لعقود طويلة؛ فقد كان خطاب الزعيم عبد الناصر فى صوت العرب فى تأثيره أقوى من غارات الطائرات على المستعمر وعملائه.

وقد يدعى ـ البعض الآن ـ المثالية أو التحزلق ويردد بأن هذا الاعلام كان موجها وغير حيادي؛ أقول لهؤلاء .. أعطونى نموذجا واحدا لإعلام غير موجه من مالك أو مهيمن أو صاحب مصلحة أو مقدم أو إعلام غير منحاز لقضية أو أيديولوجية أو رسالة لها هدف ومستهدف محدد. وإذا كان هذا مفهومى لمنهج الإعلام الوطنى فى الأوضاع الطبيعية التى تمر بها الأوطان، فإنه أولى بالتطبيق فى أوقات المحن والمنعطفات التاريخية والمفصلية الكبرى فى تاريخ الأمم والأوطان.

وقبل أن أتحدث عن رؤيتى للإعلام المصرى والدور الذى يجب أن يلعبه فى هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر، لابد نستعرض طبيعة تلك المرحلة من خلال العناصر الآتية:

أولا: الدولة والمجتمع فى مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن يمران بمرحلة استثنائية من تاريخهما، هى أقرب للأزمة منها إلى الانفراجة.

ثانيا: يبدو واضحا أن الدولة المصرية، ومؤسساتها وفى القلب منه المؤسسة العسكرية (عمود الخيمة المصري) صارت هدفا لمؤامرات داخلية وخارجية تريد هدمها؛ ولأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث تتعرض الدولة المصرية لمثل هذا الخطر الجسيم.

ثالثا: الثورة المصرية بموجتيها الأولى فى 25 يناير 2011 والثانية فى 30 يونيو 2013 بقدر ما أظهرت أفضل ما فى المجتمع المصرى من قيم، بقدر ما كشفت حجم التراجع والتدهور فى أخرى، بالإضافة إلى كم هائل من السلبيات نتيجة تراكمات عقود طويلة من الفساد وتجريف التربة المصرية من قيمها الأصيلة.

رابعا: استهداف عدد من وسائل الإعلام فى الخارج، والمتعاون معها والمعبر عنها فى الداخل المجتمع فى مصر والنيل من وحدته وتماسكه، وتشكيكه فى قيادته ومؤسساته، وتشويه جميع الانجازات والجهود المبذولة، وإشاعة مناخ من الاحباط والتشاؤم.

خامسا: عدد كبير من وسائل الإعلام المصرية، بات يستقى موضوعاته ومادته من وسائل الإعلام الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ويكفى هنا أن ندرك أن مركز الهيمنة على شبكة المعلومات الدولية فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تنضح سياستها وأفعالها بكثير من التآمر على الدولة المصرية ومؤسساتها.

فى هذا السياق، حين أتأمل حالة الإعلام المصرى الراهنة أجده - للأسف الشديد دون تعميم غير مدرك لواقع المرحلة التاريخية التى تمر بها الدولة المصرية حاليا، وينساق كثيرا بعضه دون وعى والآخر بوعى - خلف رؤى ومفاهيم وأجندات عمل لا تصب بالضرورة فى المصلحة الوطنية المصرية، بقدر ما يصب فى تحقيق أجندات داخلية وخارجية - مخالفة لهذه المصلحة. لذا، على الإعلام المصرى أن يكون مدركا لحقيقة التحديات التى يمر بها الوطن، وأن يعلن بقوة انحيازه الصريح لقضايا الوطن، وتبنيه أجندة وطنية خالصة، والكف عن محاولة الترويج لمثاليات ليس موضعها الآن؛ فالمثاليات حين تطبق فى غير موضعها تصير أشد خطورة من تجاهلها المؤقت. كما تستوجب المرحلة الراهنة، أن يكف كهنة النخبة والمؤدلجون ومدعو الحقيقة عن استخدام أساليب الدعاية لفكرهم الذاتى على أنه الأصوب والأجدر بالاتباع، وما عداها نكوص عن الحق والعدل، وتخل عن المبادئ.

نريد إعلاما يمارس دوره الوطنى فى الترويج والدفاع عن المشروع الوطنى المصري، يبرز الايجابيات مهما كانت ضئيلة بقدر ما يركز على السلبيات، إعلام يدعم روح المواطنة والانتماء، يسهم فى بناء مواطن واع مدرك لحقيقة التحديات التى تحيط به، وسبل التعامل معها.

نريد إعلاما موجها .. نعم موجها .. موجها للشعب المصرى .. يتبنى قضاياه دون تهويل أو تضليل، وينأى عن صغائر الأمور التى لا تهدف سوى جذب أموال المعلنين، وتسئ لقيم وشعور الأسرة المصرية.. إعلاما ينأى عن إلقاء تهم التكفير والتخوين دون ضابط أو رادع، إعلاما يبتعد عن أسلوب السب والتعرض للأشخاص فى أعراضهم ومعتقداتهم ومبادئهم.

نريد إعلاما ينحاز .. نعم ينحاز لتماسك المجتمع، ويحض على قيم العمل والنظام والانضباط، ومقاومة قيم الانبطاح والانهزام والاستبداد واستغلال سلطة الدين أو المال أو الحكم، بعيدا عن الاستغلال والتضليل والابتزاز.

باختصار، نريد إعلاما هدفه البناء وليس الهدم، إعلاما مسئولا يحمل رسالة ايجابية وليس أجندات لهذا أو ذاك، إعلاما جادا يعطى لمناقشة قضايانا القومية الفكرية والسياسية والمجتمعية والدينية الكبرى الأولوية على ما عداها، حتى فى طرحه لمواد ترفيهية وفنية نريدها ذات مضمون ورسالة تعلى من شأن الانتماء الوطنى واستنهاض روح وقيم الشعب المصرى الأصيلة، ونبذ كل المظاهر السلبية الدخيلة على مجتمعنا.

فى الختام، الإعلام كرسالة وأفكار لا يمكن ويجب ألا ينفصل عن مقدميه، والقائمين عليه، ومصر كانت ومازالت تمتلك خيرة إعلامى الأمة العربية والمنطقة بأسرها، ممن علموا غيرهم أصول ممارسة الإعلام، وعلى هؤلاء أن يتحلوا بالمسئولية والجدية فى ممارسة دورهم، فيبحثوا ويدققوا فيما يقدمونه لمتلقى الرسالة الإعلامية، وأن يتحروا الصدق والحقيقة، ويبتعدوا عن الاجتزاءات وأنصاف الحقائق، أو اجتهادات شخصية وتوقعات وافتراضات يسبغون عليها ثوب الحقيقة.

مصر يا سادة.. تواجه تحديات جساما .. مصر فى حاجة لتكاتف كل أبنائها خلف مشروعها الوطني.. فى حاجة أن ننحى خلافاتنا جانبا مؤقتا حتى نخرج بالوطن إلى بر الأمان.. حينها يمكننا الاختلاف وفعل كل ما نشاء فى وطن قوى آمن مستقل ومزدهر. واعلموا أن دون ذلك لن يكون هناك وطن لا قدر الله لنختلف فيه أوعليه، وانظروا عن يمينكم ويساركم لتتأكدوا من صدق ما أقول.

وأختم برجاء وأمل أن يتم تعيين وزير للإعلام المصرى و«بلاش» حجة الدستور الذى لم تمنع نصوصه التعيين وكل مركب لازم لها رئيس ومركب الإعلام مركب مهمة جدا وخطيرة والأخطر أن تترك بلا رئيس.. حمى الله مصر.. وتحيا مصر.


لمزيد من مقالات سامى شرف

رابط دائم: