رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حذاء ميسى.. والقطار «المكيّف» !

بادىء ذى بدء- وعلى سبيل الاستفتاح- فإنه لا يمكن الاعتماد على الفيس بوك كمصدر موثوق فيه للمعلومات.. ومن ثم

فلنكن فى غاية الحذر ونحن ننقل منه أى مادة؛ سواء كانت معلومة، أو خبرا، أو لقطة فيديو. ورغم ذلك، فإننا أيضا لا يمكننا تجاهل مواده، أو النظر إليها باعتبارها غير موجودة.. ببساطة لأنها بالفعل موجودة، وتؤثر فى تفكير ووجدان الكثيرين منا، شئنا أم أبينا.

إذن- وبعد التحذير والانتباه وغسل اليد قبل الفيس وبعده- فلا مانع من عرض لقطتين ألقاهما الفيس فى وجوهنا قبل أيام. اللقطة الأولى كتبها أحد مستخدمى الفيس عن مشهد رآه فى أحد القطارات المكيفة وهو مسافر( ربما تكون صحيحة أو لا تكون.. الله أعلم)

لقد شاهد صاحبنا مجندا شابا بسيطا ركب القطار المكيف وليست معه تذكرة.. فلما سأله موظف التذاكر عن تذكرته قال: اضطررت لركوب هذا القطار على عجل كى ألحق بموعد كتيبتى، فقال الموظف: هذه ليست مسئوليتى.. أنا مجرد موظف.. ويجب أن تدفع 35 جنيها. ولما لم يكن مع المجند إلا 50 جنيها.. فلم يبق معه بعد الدفع إلا 15 .. وكان على المجند أن يشترى «كارت شحن» للموبايل بـ 10 جنيهات كى يطمئن أمه عليه. يعنى فى النهاية لم يبق معه إلا 5 جنيهات.

.. المهم أن المجند جلس على أحد المقاعد، وأخرج «شقة طعمية» راح يأكلها.. ولم ينس أن يدعو الجالسين لمشاركته.. وطبعا رفضوا، إذ كيف يقاسمونه شقة طعمية واحدة؟ ثم يكمل مستخدم الفيس روايته قائلا: حدث بعد ذلك أن أتى صاحب المقعد وطلب من المجند أن يترك له المقعد( مقعده.. وهذا حقه!). إذن فقد جلس هو وظل المجند واقفا طوال المسافة كلها رغم أن المجند قال له: عندى» خدمة» سوف تستمر 12 ساعة سأمضيها واقفا على قدمىّ!

أما اللقطة الثانية- على» الفيس»- فكانت عن إحدى القنوات الفضائية التى دفعت للاعب الكرة العالمى ليونيل ميسى مليونا و300 ألف جنيه( بل قيل إنها 15 مليون جنيه!) كى يقبل أن تستضيفه القناة لعدة دقائق فقط، ليتحدث عن الشهرة التى ينعم بها.. ولم تتركه المذيعة إلا بعد أن وعد بعرض حذائه فى المزاد لجمع المال لصالح فقراء المصريين (كى نأكل وننبسط وندعو لك ياحضرة العمدة.. على رأى سعاد حسنى!)

طيب.. وما مغزى هاتين اللقطتين يا ترى؟ مغزاها أنه على الرغم من أن ضريبة الدفاع عن الوطن لا تعرف غنيا ولا فقيرا.. وأن ما حدث مع هذا المجند البسيط يحدث مثله كل يوم على مرأى ومسمع منا جميعا ألف مرة.. إلا أن سؤالا ملغوما بالغيظ لابد وأن يفرض نفسه: هل نحن- الجالسين فى مكاتبنا، وسياراتنا، واستوديوهاتنا، وقطاراتنا المكيفة نشعر حقا بحجم التضحيات التى يدفعها أبناؤنا كى يعيش هذا الوطن؟ هل نشعر بلهفة قلوب الأمهات على أبنائهن وهم فى طريقهم للزود عن حياض الوطن( والذين يستشهد بعضهم كل يوم)؟

أغلب الظن، أن الكثيرين منا لا يشعرون.. لأننا لو كنا نحس لكان هذا المجند أكثر المستحقين- ليس فقط للقطار المكيف- بل ولكل شىء مكيف.. وكيف لا.. وهو الذى يجود بحياته فلا يطلب مقابلها شهرة أو ثمنا – أو تذكرة قطار- إلا أن يحيا الوطن عزيزا كريما صامدا لكل ما يحاق حوله من مؤامرات وفتن؟

هل تقصد يعنى أن نسمح له بركوب المكيف مجانا؟ طبعا.. فإن لم يكن هو وزملاؤه هم من يستحقون تلك الخدمة فمن ذا يستحق؟.. وليس ذلك وحسب.. بل يجب أن تصلهم منا- وبشكل عاجل- رسالة مضمونها: نحن نثمّن ما تبذلونه من أجلنا وإن كانت تضحياتكم لا تقدر بثمن. إن علينا أن نشعرهم بأنهم أغلى ما نملك.. وبأنهم لولا بطولاتهم لفقدنا نحن أعز ما نملك (وهل نحن عندنا أعز من الوطن؟).. ولولاهم ما كنا ما نحن عليه الآن(نحن المتمرغين فى نعيم المكيف!)

هذا أولا.. فأما ثانيا، فإن البعض منا مازال حتى الآن غير مدرك لحقيقة المعركة الضروس التى نخوضها ضد إرهاب آثم جبان لن يغمض له جفن إلا حين يرانا وقد- لا سمح الله- تفتتنا. إن السيد ليونيل ميسى على دماغنا من فوق.. وليس ذنبه أن وجد بيننا من يدفع له الملايين.. إنما اللوم على السادة «المكيفين» الذين لا يعرفون- أو يعرفون لكن يستعبطون- مدى المعاناة التى يعانيها الكثيرون. ولهؤلاء نهمس: إرحمونا من «جزمة» ميسى.. وغير ميسى!

لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: