رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

نحن فى حالة حرب

فى أحيان كثيرة يبدو للمتابع للشأن المصرى هذه الأيام أن الكثيرين منا لا يستشعرون حجم المخاطر المحدقة بالوطن. بل قد يتخيل المرء- إذا كان بيننا من مازالت لديه طاقة على الخيال- أن بعضنا فقد الإحساس بالزمن، فكأننا منومون، أو فى غيبوبة. وما مناسبة هذا الكلام الآن؟

مناسبته أن حجم الخوف على الوطن ليس على قدر النار الراقدة تحت الرماد، وردود أفعالنا على أجراس الخطر التى تدق بمنتهى السفور لا تبشر بالخير. وبعيدا عن التجريد والإنشائيات قد يجوز للخائف على وطنه أن يتساءل: هل حقا نشعر بهؤلاء الشهداء الذين يدفعون كل يوم ضريبة الدم سخية فى سيناء وغير سيناء؟ هل نحس بالنار التى تشوى أكباد الأمهات اللائى فقدن فلذات الأكباد؟ هل نعرف مدى التضحيات التى دفعت- وتدفع- كل ساعة كى يبقى هذا الوطن؟

صحيح أننا نتحدث كثيرا- فى الميديا، وفى برامج الكلام، وفى خطب السياسيين الرنانة- عن الدم الذى يراق. وصحيح أننا نزين صفحات الصحف بصور النعوش المتوالية التى تصل إلى مساقط رءوس هؤلاء الشهداء الأبرار ملفوفة فى علم مصر. نعم.. ونخرج باكين بحرقة ونحن ندفن ما تبقى من الأشلاء.. لكن هل نحن نشعر بجد بالثمن الذى دفعوه؟ وهل كان لديهم أغلى من الروح يجودون بها للوطن؟

أغلب الظن أن أغلبنا لا يدرك حقيقة ما يجرى بالضبط، وحتى إن أدركنا فلا نبالى.. ولسان حالنا يكاد يصرخ: يا عم وأنا مالى!

ولو أنك سألت مسئولا أمنيا عما يحدث فسوف يجيبك على الفور: طبعا.. وماذا تتوقع؟ إنها الحرب.. وفى الحرب لا تسلنى عن الدماء.. وهل تريد نصرا بلا دماء؟ نحن يا سيدى فى حرب مع الإرهاب تفوق فى ضراوتها ضراوة كل حروبنا السابقة. وهنا يقفز السؤال اللئيم: وهل حقا يشعر عموم المصريين بمدى عنفوان تلك الحرب.. وبلسعات الألم؟

للأسف.. لا يبدو ذلك كذلك. إن من بدهيات السياسة أنك كى تكسب حربا فرضت عليك فرضا أن تكون قويا فى الداخل. ألا يقولون إن كسب الحرب يبدأ من جبهتك الداخلية؟ فكيف بالله عليك ستكسب حربا وبرلمانيوك يرفعون الأحذية، وإعلاميوك يتخبطون فى سراديب الكلام، وبعض وزرائك يتنابذون بالألقاب، وموظفوك يلهثون خلف العلاوات والمكافآت والكادر، واقتصاديوك غير قادرين على ضبط أسواق السلع والاستيراد والدولار؟

إن حربنا مع الإرهاب تتجاوز فى قسوتها كل الحروب التى مرت بها مصر فى تاريخها.. إنها حرب للبقاء (نكون أو لا نكون)! سيقول البعض: يا عم ربك سوف يسترها، أو: مصر فى رباط إلى يوم الدين فلا تخش شيئا، أو: كيف لسبعة آلاف سنة أن تضيع هكذا بسهولة. كلام جميل.. ونعم بالله.. لكن متى كانت الحروب ينهيها الكلام؟

نعرف أن عندنا خير أجناد الأرض، وأن قواتنا المسلحة تعد العدة لأى مغامر تسول له نفسه المساس بأمننا القومى، وأنها تتسلح بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة من عتاد.. كل ذلك معروف للكافة.. ومع ذلك يبقى السؤال: إذا كنا قادرين على التعامل مع عدو الخارج.. فماذا عن عدو الداخل؟ الإهمال، والكسل، و «النفسنة»، والشماتة، والغرق فى المصالح الخاصة الضيقة، وتباريح الفساد؟ من المسئول عن إفاقة الوعى وتأهيل المجتمع لكسب الحرب؟ نحن جميعا مسئولون.

إن يدا وحدها لا تصفق، والجيش الباسل لن يستطيع وحده كسب هذه الحرب ما لم يجد لدينا- نحن الناس العاديين (المواطنين يعنى!) المساندة الكافية. تعالوا نبدأ حملة- بل حملات- لإيقاظ الوعى. هيا نكف عن إشعال المعارك التافهة، ونبدأ فى وضع المشروع القومى الشامل للإنقاذ، الذى سيتعاون فيه الجميع.

.. وقد يكون من المناسب أن يكون الإعلاميون والمثقفون وقادة الفكر والرأى ورجال الدين فى طليعة هذا المشروع. لم يعد مقبولا أن نستمر فى معارك الوهم التى تشتت جهودنا لنقدم مصير الوطن على طبق من فضة للأعداء. كل المنابر والأبواق يجب من الآن وصاعدا توجيهها لهذا الغرض؛ كسب الحرب ضد الإرهاب. ولعل من المناسب هنا التنبيه على أن إتاحة المعلومات بشفافية وتجرد -ودون لؤم- هى البداية الصحيحة لأى تحرك.

ومن أين نبدأ بالضبط؟ وكيف نبدأ؟ وما هى خطة التحرك؟ كل تلك الأسئلة ينبغى الإجابة عنها فورا.. ونحسب أن بالأمة شرفاء مخلصين نابهين قادرين على إيجاد الحلول.. فقط امنحوهم الفرصة.. فالأمر جد وليس هزلا. يا أحباب الوطن.. إن الوطن فى خطر.. وعلينا جميعا أن نعترف أمام أنفسنا بتلك الحقيقة. كفانا استرخاء واعتقادا بأن غيرنا هو من سيدفع الثمن.. كلنا سندفع الثمن.. فأفيقوا!

لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: