رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ملاحظات حول تأهيل الشباب للقيادة

اخيرا يتاح للمجتمع المصرى معلومات محددة عن البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة وذلك من خلال الخبر المطول الذى نشره الاهرام يوم الاربعاء الماضى والذى يتضح من المعلومات المنشورة عنه ان البرنامج وما يوفره من معارف للمتدربين سوف يساعدهم على السير فى مسارات مختلفة فى حياتهم العملية بحيث قد يلتحق خريجو البرنامج بالعمل فى الوزارات والمصالح الحكومية أو توفير فرص عمل لهم حسب تخصصاتهم المختلفة، فضلا عن اعداد بعض الخريجين لاستكمال دراساتهم العلمية سواء داخل مصر او من خلال البعثات الخارجية ويشمل هذا البرنامج تدريس اربعة محاور: الاول: خاص بدراسة التسويق والتغيير المؤسسى والموارد البشرية، والثاني: دراسة العلوم الاستراتيجية والامنية، والمحور الثالث: التخطيط الاستراتيجى وريادة الاعمال، اما الرابع فهو: العلوم السياسية والاقتصادية. والمستهدف ان تنظم عدة دورات يلتحق بكل منها 500 شاب وفتاة يدرسون هذا البرنامج خلال ثمانية اشهر. من هذه المعلومات يتأكد اولا ان البرنامج لن يستوعب اعدادا تغطى مختلف مجالات النشاط لشعب تعداده 90 مليونا وان اقصى ما يمكن ان يحققه هو ما لا يتجاوز 5000 شاب خلال فترة رئاسة الرئيس السيسى ويضاف الى هذا ان البرنامج الذى يدرسه الشباب لا يكفى لاعداد قيادات بل هو فى الحقيقة يعد متخصصين فى هذه المجالات وليسوا قيادات لان القيادة فى جوهرها عملية مجتمعية فيها جانب ميدانى على النحو الذى سنوضحه فيما بعد وهذا البرنامج لا يغطى المجال السياسى بما يؤدى الى اعداد قيادات سياسية رغم الحاجة الى تجديد النخبة المصرية وحقنها بعناصر شبابية تكفى لتحقيق ما اشارت اليه المادة الخامسة من الدستور التى تنص على (يقوم النظام السياسى على اساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الانسان وحرياته على الوجه المبين فى الدستور).

ان اقصى ما يمكن ان يحققه هذا البرنامج هو تكوين عناصر بيروقراطية او تكنوقراطية و هذا مفيد ،ولكنه يحتاج الى تطوير البرنامج الدراسى والتفاعل مع المجتمع مع الوضع فى الاعتبار ان التعددية السياسية والحزبية لاتزال هشة وان الاحزاب السياسية لاتزال عاجزة عن اعداد قيادات سياسية قادرة على التفاعل مع المجتمع وكسب اعضاء لكل حزب تكفى لتكوين قاعدة شعبية تمكن هذه الاحزاب من المنافسة السياسية وطرح تصور علمى لاحتياجات المجتمع يتم تضمينه فى برامج الاحزاب المختلفة حسب توجهاتها رأسمالية كانت او اشتراكية او قومية.

وكما قلنا من قبل ان البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة ينقصه محور بالغ الاهمية وهو ان يتم اعداد القيادات فى اطار مجتمعى ذلك ان القيادة هى عملية التأثير الاجتماعى من قبل شخص ما فى سبيل تحقيق اهداف محددة. ويتضمن هذا التعريف ثلاثة عناصر اساسية للقيادة، العنصر الاول: انها عملية تأثير جماعى بمعنى ان ظاهرة القيادة توجد عندما يحدد شخص ما ولو جزئيا سلوك اشخاص اخرين، اى ان القيادة لا توجد كظاهرة الا فى وجود جماعة بشرية.

اما العنصر الثانى: فيتمثل فى ان القيادة لا تتحقق الا فى اطار تنظيم له هياكله وعملياته وقواعده ونظمه .

ثالثا: ان القيادة السياسية المنظمة فى اطار حزب ما تسعى لتحقيق اهداف هذا الحزب.

وهناك صفات اساسية يجب ان تتوفر فى القائد لكى يكون جديرا حقا بالقيادة هي: الحركية والمعرفة العلمية والشعبية.

ولا يختلف هذا كثيرا عن قولنا ان القيادة موهبة وعلم وفن فالخط الطبيعى لتطور القائد(وهذا ما غفل عنه البرنامج الرئاسى) هو انه من خلال حركته وسط جماعة محددة من الناس يكتسب المعرفة باحوالهم وظروفهم، ويطور هذه المعرفة باستمرار، وعلى قدر تفاعله مع هذه الجماعة وخدمته لها ونجاحه فى حل مشاكلها فإنه يكتسب شعبية بين افرادها، فيلجأون اليه كلما دعت الحاجة الى ذلك. ومن خلال هذه المسئولية فانه يطور معرفته بأحوالهم، ويزداد إلماما بأوضاعهم فتزداد قدرته على التنبه مبكرا الى مشاكلهم قبل ان تستفحل، ويكون اول من يطرح عليهم هذه المشاكل وكيف يمكن مواجهتها فتزداد شعبيته بينهم، ويزداد نفوذه وسط صفوفهم وتأثيره فيهم. وهكذا تتعمق هذه الصفات فى تكوينه، فتتعزز مكانته كقائد معترف به، وتتسع دائرة شعبيته باتساع دائرة الجماعة التى يتحرك وسطها وتستجيب له.

وهذا الفهم لعملية القيادة هو الذى ينقص البرنامج الرئاسى، ومن المهم لكى يكتمل هذا البرنامج ان يضاف اليه محور جديد يتمثل فى المزاوجة بين الاعداد النظرى للدارسين وبين العمل الميدانى وذلك بأن يتخلل البرنامج النظرى تكليف ميدانى للدارسين بتوليهم اعمالا قيادية فى مراكز الشباب ويطلب من كل منهم ان ينشط فى مركز الشباب مع اعضائه وتنفيذ برنامج محدد لرفع مستوى وعى هؤلاء الاعضاء واستعدادهم للمشاركة فى العمل العام، وعلى قدر نجاح هذا الدارس فى اقناع اعضاء مركز الشباب بالافكار المطروحة عليهم وزيادة قابليتهم للمشاركة فى النشاط السياسى يكون تقييم هذا الدارس، ويكون المجتمع قد كسب فى نفس الوقت قاعدة جماهيرية واعية سوف يساعدها وعيها على الانضمام للحزب السياسى الذى تراه اقرب لمصالحها والمساهمة فى خلق قيادات جديدة من خلال نشاطها العام. ومن المؤكد ان المجتمع المصرى سوف يكسب الكثير بهذا التطوير للبرنامج الرئاسى.


لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر

رابط دائم: