رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد عودة سميرة توفيق‏,‏ نجاح سلام‏,‏ سعدون جابر‏,‏ نهاد طربية
نجاة ترد الاعتبار للأغنية الشرقية بـ كل الكلام‏!‏

أحمد السماحي
يبقي الفن رسالة إنسانية سامية تهدف إلي الارتقاء بأحاسيس الإنسان نحو الحب والخير والجمال‏,‏ والفن في المقام الأول والأخير يرتقي دائما بوجداننا لأنه ينقل نبض قضايا ومشكلات المجتمع الذي نعيشه علي جناح الإحساس والشعور‏,

وبالتالي فإن الفن الراقي دائما ما يحوز علي إعجاب الناس لأنه يؤثر في وجدانهم بالإيجاب, ولأنه بعيد كل البعد عن الابتذال والإسفاف, ومن ثم فإن الفن لا يكون مبتغاه تدمير قيم المجتمع وأخلاقياته, بل يكون مصدرا لتوعية العقول, ومعنيا بإيقاظ العقول الغافلة عن قضايا الأمة, فضلا عن كونه يحارب ظواهر الانحراف والانجراف عن المسار الذي نريده منه.
............................................................................
والمتأمل للمشهد الغنائي الحالي سوف يلحظ حتما أن الساحة الغنائية في السنوات الأخيرة تعاني فقرا إبداعيا شديدا في النغمة الشرقية الطربية التي تميز بها غناؤنا العربي طويلا, وهذا الفقر سمح بالضرورة إلي بحدوث فوضي موسيقية غنائية, عندما تسلل غربان الملاهي الليلية إلي مقدمة الصف, وفي تحد سافر أصبح الغناء الذي كان يهذب الروح والوجدان ملطشة لكل من هب ودب, فانتشرت أغاني المهرجانات التي تسمم ذائقة الأجيال الجديدة بصخبها الموسيقي, وكلماتها الرديئة التي ليس لها أي معني, وبدأنا نسمع أغنيات من علي قارعة الطريق تلك الألوان التي تخاصم الذائقة السليمة, وتتنافي تماما مع دور مصر الغنائي والفني في مرحلة تعد من أهم مراحل نضجها السياسي, التي انسحبت آثارها علي خارطة الفعل الثوري العربي من المحيط إلي الخليج في أعقاب30 يونيو العظيم, وتبقي الكارثة أن كثير من الفضائيات تقبل- للأسف- علي هؤلاء المشوهين وتظهرهم في برامجها, مما أصاب المشاهد بحالة قرف شديد.
لكن يبدو أن الحال سينصلح خلال الفترة القادمة, مع طرح عدد كبير من الألبومات المتميزة لمجموعة من الأصوات المصرية والعربية المتميزة وسبق منهم بالطبع أنغام وسميرة سعيد ومحمد حماقي, وفيروز كراويه, ورامي صبري, وريهام عبدالحكيم باستعادتهم شيئا من بريق الأغنية العربية في عصرها الذهبي, لكن اللافت للنظر أكثر هو عودة قيثارة الغناء الفنانة الكبيرة نجاة التي انتهت مؤخرا في العاصمة اليونانية أثينا من تسجيل أغنية كل الكلام كلمات الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي, وألحان الموسيقار السعودي طلال, وتوزيع يحيي الموجي, وخلال الأيام القادمة ستعرض علي الفضائيات, يقول مطلعها:
كل الكلام قلناه
ودينا زي ما أحنا
لا عرفتا ننسي الآه
ولا طابت جراحنا
حبيبي أنت غاوي تقول كلام
لو الكلام بيداوي
ليه حاسة بالآلام؟
نجاة التي ابتعدت عن الغناء منذ أكثر من15 عاما بعد تقديمها لآخر أغنياتها لا تنتقد خجلي الشديد في مهرجان قرطاج2001, من كلمات الدكتورة سعاد الصباح, ألحان كمال الطويل, لم تظهر إلا عام2006 في احتفالية تكريمها في دبي بمناسبة حصولها علي جائزة هؤلاء أسعدوا الناس التي منحتها لها مؤسسة سلطان بن علي العويس للرموز في الفنون والآداب.
نجاح سلام
عودة نجاة للغناء شجعت واحدة من الأصوات الجيدة المحترمة التي صاغت وجداننا, وشغلت سماءنا بألوان قوس قزح الطربية بفنها الراقي, للعودة هي الأخري, وهي المطربة الكبيرة نجاح سلام, والتي ارتبطت منذ بداية مشوارها الفني بقضايا مصر والعالم العربي الكبير, انطلاقا من ارتباطها الأكبر بالعروبة, فكان غناؤها معبرا وكاشفا عن حسها القومي العظيم, فاستحقت عن جدارة لقب صوت العرب, وغيره من الألقاب التي توجها بها الجمهور التواق للفن الصادق والغناء العذب الندي, من منا ينسي لهذه المطربة يا أغلي إسم في الوجود يا مصر, برهوم حاكيني, عايز جواباتك, يا ريم وادي ثقيف, أنا النيل مقبرة للغزاة, وغيرها من مئات الأغنيات الوطنية والعاطفية الرائعة.
نجاح سلام ستعود للغناء قريبا, من خلال بوابة الغناء الوطني حيث تستعد حاليا لتسجيل أغنية وطنية جديدة بعنوان احضنولي مصر كلمات عبدالفتاح البنا, وألحان فاروق سلامه, يقول مطلعها: إحضنولي مصر اللي روحي فيها/ أصل حب مصر بالدنيا وما فيها, وستقوم- كما ذكرت لي في حواري معها لـ الأهرام قبل ثلاثة أشهر- بإهدائها للإذاعة وللتليفزيون المصري.
سميرة توفيق
ولا تقتصر العودة علي نجاح سلام وحدها, فخلال الأيام الماضية عادت بالفعل المطربة اللبنانية الكبيرة سميرة توفيق, لتشرق من جديد حيث أحيت بعد غياب طويل امتد لأكثر من19 عاما, حفلا رائعا في مسرح ربيع سوق واقف أمام جمهور عريض تجاوز الثلاثة آلاف متفرج, وقدمت في مستهل الحفل كلمة احتفائية بالمهرجان والجمهور, قبل أن تعيد ذاكرة الجمهور بعدد من الأغاني التي ميزت مسيرتها الطويلة, مثل يا هلا بالضيف, بالله تصبوا هالقهوة, يا بنات الخليج, بين العصر والمغرب, بيت الشعر, ضيوف الخير, ريدها ريدها فضلا عن أغنيتها الشهيرة يا عين موليتين.
وبدت المطربة الكبيرة سميرة توفيق, التي رافقتها فرقة الإيقاعيين التي برزت معها في السبعينيات, حريصة علي أن تعطي انطباعا واضحا علي قدرتها في الغناء, وأدي نجاحها واحتفاء الجمهور بها إلي قرار اللجنة المنظمة للمهرجان, علي أن تقدم الفنانة الكبيرة وصلة ثانية قبل الحفل الذي أحياه كل من فهد الكبيسي وديانا حداد. يذكر أن سميرة كانت قد ابتعدت تماما عن الساحة الفنية لنحو عقدين لأسباب صحية وتعد حفلتها في سوق واقف الأولي لها بعد كل هذا الغياب الطويل, ويحسب لهذه العملاقة أنها وضعت حجر الأساس لمدرستها الفنية الخاصة عبر أثير الإذاعة الأردنية, بعد أن دعيت إلي افتتاح إذاعة عمان الثانية في أواخر الخمسينيات, وهناك وقع عليها الاختيار لإعادة إحياء التراث الأردني فتعلمت أصول اللهجة البدوية وأطلقت مجموعة كبيرة من أغنياتها البدوية, حتي لقبت بمطربة البادية.
سعدون جابر
والعودة لا تقتصر علي جيل معين, فها هو المطرب العراقي الكبير سعدون جابر, أحد أعمدة الغناء العراقي يعود للساحة الغنائية بقوة, بعد أن قرر الاستقرار في مصر, وتقديم ألبوم غنائي يجمع ما بين اللون العراقي, واللون المصري, ويتعاون فيه مع أساطين الكلمة واللحن.
نهاد طربية
ومنذ سنوات قرر المطرب اللبناني الشهير نهاد طربية, الابتعاد عن الساحة الفنية والإقامة في باريس, وقبل أشهر قليلة قرر العودة إلي لبنان, وشارك في حفل تكريم الموسيقار الراحل فريد الأطرش, الذي سبق وأعاد له مجموعة من أفضل أغنياته مثل ارحمني وطني, ياعوازل فلفلوا, قلبي ومفتاحه, وكشف طربية عن عودته إلي الساحة الفنية من خلال ألبوم جديد, وهذه الأيام يضع اللمسات النهائية له, وينتظر التوقيت المناسب لإصداره, ويضم أغنيات جديدة إضافة إلي تجديد ثلاث أغنيات سبق وأن قدمها, منها يا أميرة يا بنت الأمرا كلمات إبراهيم الدرواني, ولحن شاكر الموجي, والتي قدمها عام1984, وكانت بوابة شهرته في لبنان والعالم العربي, وقام طربية بتجديد الأغنية,بعد أن قام بتوزيعها له مجددا نيكولا شبلي, أما المفاجأة أن نهاد طربيه قام بتقديم هذه الأغنية بأسلوب الديو مع المغني اللبناني الشاب وليد عوض.
ويبقي شغلنا الشاغل بعد عودة هؤلاء الكبار, إثبات حقيقة أن الفن رسالة سامية, دائما ما ترتقي بالمجتمع, وتنهض به وترقي بأخلاقياته وسلوكياته من خلال ما يقدم من أعمال ملتزمة تعالج قضايانا الملحة, بعدما بدأ الدخلاء علي الأغنية بكتابة الكلمات الهابطة, وأصبحنا نسمع أغاني تغني لـ الحشيش والبانجو علي إيقاع صاخب يدعو للجنون, حينما سمحوا للسفهاء- في غيبة من الوعي- أن يقتحموا علينا بيوتنا بأغان مسفة وهابطة, وبأسلوب الإلحاح المفروض من جانب الفضائيات العابثة في سمائنا العربية كالأفاعي السامة, أصبح لزاما علينا أن نسمعها وبدون أي مراعاة لشعورنا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق