رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

غزل المحلة وكتان طنطا ونسيج سمنود ..قِلاع صناعية أفسدتها «الخصخصة»

أحمد أبو شنب:
مصنع الغزل يحتاج الى تدخل الحكومة لتشغيله
على مدى سنوات طويلة شهدت محافظة الغربية فسادًا مُمَنْهَجًا في العديد من قلاعها الصناعية، مما أدى إلى إجبار مئات العمال على الخروج «معاشًا مبكرًا»، كما أدى إلى «الخراب المستعجل» للمصانع التي اكتسبت منتجاتها شهرة عالمية، والتي تنتظر من الدولة ، خاصة بعد ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، التدخل العاجل لعودة الروح إلى هذه المصانع، وإحياء الأمل لدى هؤلاء العمال الذين أنصفهم القضاء.

ومن بين القلاع الصناعية التي تعثَّرت خلال السنوات الأخيرة -ولا تزال- شركات: مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وطنطا للكتان والزيوت، و»سمنود للنسيج والوبريات».

وتأتي شركة «مصر للغزل والنسيج» بمدينة المحلة الكبرى، في مقدمة القلاع الصناعية، التي كان إنتاجها ذا شهرة عالمية، والتي تأسست عام 1927، برأسمال 300 ألف جنيه ، وكان يعمل بها في الستينيات أكثر من 48 ألف عامل، ثم وصل هذا العدد إلى نحو 18 ألف عامل في 2016، والتي كانت تقع في بدايتها على مساحة 580 فدانًا، تمت زيادتها إلى 1000 فدان، منها 335 فدانًا للمصانع المنتجة، تضم 300 ألف مغزل موزعة على 6 مصانع للغزل، و500 نول تضمها 10 مصانع للنسيج، وكانت هذه المصانع تستهلك مليون قنطار قطن، تمثل 25% من إنتاج القطن على مستوى الجمهورية، كما كان بها 10 مصانع للملابس، تنتج 5 ملايين و100 ألف قطعة ملابس سنويًّا، بالإضافة إلى مراكز التدريب والمساكن والنادي الاجتماعي والرياضي، والمستشفى، وغيرها من الخدمات المختلفة.. ثم أصبحت «غزل المحلة» من الشركات المتعثرة؛ بسبب ما شهدته خلال عهود مضت، ولا تزال تشهده، من فساد إداري، لا مثيل له، حتى وصل الحال بالإدارات الفاشلة إلى بيع عشرات بل مئات الأفدنة من ملكيتها لسداد ديونها، وعلى الرغم من ذلك لم يتم تطويرها وتحديثها، بالشكل الذي يجعلها تعود إلى مصاف الشركات المنتجة، ذات الشهرة العالمية، بل لاتزال تتكبد خسائر فادحة، تكشف عنها سنويًّا تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، ومنها المخزون الراكد منذ نحو 20 عامًا والذي تبلغ قيمته مئات الملايين من الجنيهات.فهل تأخذ الدولة بيد «غزل المحلة» وتنهض بها من كبوتها؛ لتعود الروح إلى ماكينات مصانعها، وتعود الحياة الكريمة إلى عمالها، بعد سنوات من استجداء حقوقهم؟!!


مصانع الغربية متوقفة عن العمل

أما القلعة الصناعية الثانية، والتي أفسدتها سياسة «الخصخصة» الفاشلة، فهي شركة «طنطا للكتان والزيوت»، والتي أنشئت عام 1954، وكانت أكبر قلعة صناعية للكتان فى الشرق الأوسط، وكانت تضم 10 مصانع تنتج أكثر من نصف إنتاج الكتان فى العالم، فقد تمت بيعها في عام 2005، للمستثمر السعودى عبد الإله الكعكى مقابل 83 مليون جنيه، وبالتقسيط على ثلاث سنوات، رغم أن الدولة قدرت قيمة الشركة عام 1996 بنحو 211 مليون جنيه، الأمر الذي أدى الى توقف إنتاج هذه القلعة وتشريد مئات العمال الماهرين، تحت مسمَّى «المعاش المبكر». وفي 28 سبتمبر 2013، أصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكمًا نهائيًّا ببطلان خصخصة شركة طنطا للكتان، وأيدت حكم أول درجة، بكل ما جاء فيه، من «إعادة العمالة إلى سابق أوضاعها، مع منحهم كامل مستحقاتهم وحوافزهم وحقوقهم»، وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن عملية خصخصة الشركة تتستر بدون خجل فى ثوب من فساد، ولم يقتصر على قيمة الصفقة وإجراءاتها، بل امتدت إلى إهدار القيمة الاقتصادية والبشرية، الأمر الذى لا يتحدى فقط التشريعات المصرية، وإنما يخالف بوضوح حكم المادة 34 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التى انضمت إليها مصر بموجب القرار الجمهورى 307 لسنة 2004». وعلى الرغم من مرور أكثر من عامين على صدور هذا الحكم القضائي، وعودة «طنطا للكتان» إلى كَنَف الدولة ، فلا تزال خسائر الشركة تتوالى، ولم يعد العمال إلى مصانعهم، وإنتاجهم ، بالإضافة إلى آلاف الأيدي العاملة التي تعطلت عن العمل في مجال زراعة وصناعة الكتان، كما بارتْ آلاف الأفدنة بعد توقف زراعتها بالكتان..

فمتى يتم اتخاذ قرارات سيادية تعيد إلى الكتان المصري سمعته العالمية، ويتم إعادة تشغيل المصانع العشرة التي تضمها الشركة، وكذلك تشغيل الأيدي العاملة الماهرة، التي تعطَّلت عن العمل بعد سنوات من الإنتاج وتوفير العملة الصعبة؛ بسبب سياسات حكومات فاشلة في عهود سابقة؟!!

أما القلعة الصناعية الثالثة، شركة «سمنود للنسيج والوبريات»، التي تأسست عام 1974، على مساحة 22 فدانًا، برأسمال 14 مليونًا، و598 ألفًا، و500 جنيه، وكان يعمل بها حتى وقت قريب نحو 1300 عامل، في إنتاج أجود أنواع النسيج والملابس، وبها الماكينة الوحيدة بمصر، والثانية على مستوى الدول العربية، حيث توجد الأخرى بتونس، وهي ماكينة صناعة الجينز، والتي يبلغ طولها 50 مترًا، وتعطَّلت عن العمل منذ سنوات طويلة؛ بسبب عدم صيانتها، كما توقفت ماكينات الشركة الأخرى عن الإنتاج، حتى بلغت ديونها نحو 30 مليون جنيه. وقد لاقت مشكلات «وبريات سمنود» اهتمامًا ملحوظًا من كل حكومات ما بعد 25 يناير، و30 يونيو، وتمت زيادة رأسمال الشركة إلى 120 مليون جنيه، ودخل بنك الاستثمار القومي شريكًا لإنتشال الشركة من عثرتها، إلا أن الإدارة الفاشلة قررت التخلص من عبء الخسائر المتلاحقة؛ بسبب توقف الشركة عن الإنتاج، وصرف مستحقات العاملين من صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة، وقررت بدلا من ضخ استثمارات جديدة، وإعادة تشغيل الشركة، تسريح مئات العمال، بل تشريدهم، فيما يسمى قانونًا «الخروج على المعاش المبكر». فهل تم حل مشكلات «وبريات سمنود» بالتخلص من مئات الأيدي العاملة الماهرة، وتوقف ماكينات مصانعها عن الإنتاج، في وقت تسعى الدولة إلى جذب وتشجيع الاستثمارات لتشغيل الأيدي العاطلة، وإحياء الاقتصاد؟!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق