فى مراحل المجتمعات التى يغيب فيها العقل والاجتهاد وبوصلة العلم والقيم الأخلاقية والمهنية, يبرز الجنوح صوب الجهل والخرافة ولعبة المصالح الشخصية والانفلات الأخلاقى والمهنى ونشر اليأس والإحباط, وهو ما يجعل المجتمعات تقف فى حالة الجمود والشلل وعاجزة عن التحرك إلى الأمام صوب التقدم والازدهار, ولا يمكن أن يتحقق التقدم لأى مجتمع إلا بالعلم والإدارة والأخلاق والإعلام والفهم الصحيح لجوهر الدين, فى إطار منظومة متكاملة يلعب الإعلام فيها دورا فاعلا وإيجابيا ينتهج الأساليب المهنية وينحاز إلى المصلحة العامة ويشيع الأمل فى النفوس, ويتخلى عن المصالح الضيقة وتوازنات المصالح الشخصية والصيحات الزاعقة, ووجود معارضة وطنية قوية غير اصطناعية, وسياسات راشدة تشكل خريطة طريق للتقدم والتطور وتقودها قاطرة واعية لأهدافها التى ترنو إليها ومدركة لحجم التحديات والمشكلات التى تواجهها ويدعمها شعب موحد ومصطف على مستقبله وطموحاته بعيدا عن الانقسامات والاستقطابات والصراعات, وتكريس العدل والحق ودولة القانون.
وتلقى المقالتين المنشورتين فى هذه الصفحة الضوء على عنصرين مهمين من عناصر التقدم والتطور, حيث تعرض المقالة الأولى لعنصر الإعلام فى مصر وحالته الراهنة وما أصابها من ترهل وانحراف وغياب المهنية وارتباطه بالأجندات الخاصة لمالكيه, حيث توافقت مصالح البعض فى الإعلام مع المؤلفة جيوبهم, وغلبة المصلحة على الحقيقة وسيطرة الرغبة على الحكمة, ودوره فى إشاعة اليأس والإحباط وصناعة الكراهية والبحث عن الفضائح بدلا من أن يكون له دور إيجابى بناء للمساعدة فى بناء الوطن, ولذلك يطالب الكاتب بأن يتحمل البرلمان مسئوليته فى سرعة إصدار القانون الموحد للإعلام والصحافة لتنظيم عملهم واستعادة دورهم الحقيقى فى خدمة المجتمع والدولة وإعلاء قيم المهنية والاحتراف ويعيد للإعلام القومى دوره الوطنى ويحقق استقلاليته لأنه الأقدر عل التعبير عن كل أطياف الشعب بموضوعية دون مصالح.
أما المقالة الثانية فتعرض لأهمية دور العلم والاجتهاد فى تطوير المجتمع ويحاول الكاتب فض حالة الاشتباك والتصادم المزعوم بين العلم والدين, وتأكيد أن الدين والفهم الحقيقى له وإعمال الاجتهاد لا يتعارض مع العلم, وأن البعض يحاول تصوير العلم كشيطان ويفتعل صدامه مع الدين ويستنسخ تجارب التاريخ عندما وصف البعض ابن رشد بأنه شيطان يستخدم العلم لهدم الدين وهو أمر ليس حقيقى كما يوضحه الكاتب حيث يفند اتهامات السلطة الكنسية لمقولات وأفكار ابن رشد ويوضح حقيقة الأزمة المصطنعة بينهما.
ويتفق الكاتبان على أهمية إسقاط فكرة تديين السياسة وتسييس الدين وتحويله إلى رأس مال سياسيى, وأن يكون هناك اجتهاد وتجديد للخطاب الدينى ونقد للمفاهيم البالية, وذلك حتى يكون الدين, إلى جانب الإعلام, ضمن قاطرة التقدم والتطور.
لمزيد من مقالات الأهرام رابط دائم: