لاشك فى أن فكرة التدخل البرى فى سوريا فى صورتها المطروحة حسب ما أذيع ونشر نقلا عن أطراف معنية مسئولة يمثل مشهدا شديد العبثية حيث يستهدف جمع أطراف بينها خصومات شديدة تصل إلى حد العداوة التامة ومطلوب منها أن تعمل تحت راية واحدة وبنفس القيادة لتحقيق الهدف ذاته وهو محاربة الإرهاب وسحق داعش, هذا “الهدف النبيل البراق” هو ذاته الذى تم تشكيل التحالف الدولى من أجله منذ نحو عام على وجه التقريب ولم يحقق الشيء الكثير منذ ذلك التاريخ ولولا التدخل الروسى لما تحركت المياه الراكدة ولما أصبحت الصورة أكثر وضوحا, أن الهدف المعلن للتدخل البرى لمحاربة داعش لا يستوجب تعبئة كل تلك القوات, يكفى فقط التوقف عن توظيف النزاع لأهداف ذاتية وشخصية والعمل على دعم القوى الشرعية للدول حتى تتمكن بالفعل من مواجهة الخطر الداهم بشكل صحيح. ويكفى تأمل تلك الانتصارات التى أنجزتها القوات العراقية بمجرد ما أتيحت لها الفرصة لتحقيق ذلك. ويبدو أن الرغبة فى التصعيد العسكرى قد تحولت إلى ما يشبه”الشهوة” التى يرى البعض حتمية ممارستها بغض النظر عن حاجته إليها أو تقييم أهميتها وتداعياتها الإيجابية والسلبية , وإن كانت النتيجة المؤكدة لذلك هى تدمير كل فرص السلام وحرق جميع أوراقه, ومن المؤسف أن تلك منهجية غربية – أمريكية تمارس دوما تجاه الأزمات العربية على وجه الخصوص حيث لا ترى تلك المنهجية أهميةً لإعطاء الفرصة أوالمزيد من الوقت لحسم الأمور سلميا أو بأقل قدر من الخسائر مع تفضيل الحسم العسكرى حتى ولو بمئات الآلاف من الضحايا وخراب المدن وتدمير الدول. وفى هذا الإطار فإن خيار إرسال قوات برية إلى سوريا - يواجه العديد من العقبات كما أن له العديد من التداعيات الخطيرة فى حال حدوثه لأنه سيصل بالمنطقة بالفعل إلى حد الجنون خاصة أنه سيأخذ شكل الغزو الخارجى لدولة صاحبة سيادة مما يساعد على تكرار تجارب تدمير العراق وليبيا بتدخلات غربية ومظلة عربية مع الأسف.
لمزيد من مقالات عمـاد عريـان رابط دائم: