فيروزالسينما المصرية
ظلمتها طفولتها فاعتزلت مبكر

فيروز اسمها الحقيقي' بيروز آرتين كالفايان'. ولدت بالقاهرة لأسرة أرمنية أصلها من حلب في سوريا. تميزت منذ صغر سنها بقدرتها علي الاستعراض والغناء والتمثيل.. وهو ما أدهش كل من عرفها وهي طفلة ومنهم إلياس مؤدب ذلك الموسيقي العربي الذي كانت تربطه علاقات قوية بالوسط الفني.
وأسرة فيروزونيللي وميرفت وابنة خالتهن لبلبة من أصول أرمنية من حلب, سوريا وتحديدا حارة يقال لها( حارة الجب),أتي والدهن الي مصر للتجارة
وفيروز كانت أول طفلة في العائلة تعمل بالتمثيل.. وقبل رحيلها تذكرت بداياتها وطفولتها فأكدت أن الفضل في ظهورها واستمرارها بل ونجاحها للراحل أنور وجدي.. قالت عنه انه كان سندا لها, رغم أن من اكتشفها هو المصري من أصل سوري.. إلياس مؤدب صديق العائلة الذي قدمها لأنور وجدي.. وأنها خسرته لأنه هو من تولي رعايتها وكان مثل والدها وتأثرت به حتي علي المستوي الانساني.. اكتسبت منه مهارات فنية وعلي المستوي الشخصي' عزة النفس' وعندما لم تنجح افلامها قررت الخروج من الفن
وهو من ساهم في استمرارها كبرت وكرمت في مهرجان القاهرة السينمائي لأنه لم يعاملها كطفلة بل نجمة.
وتذكرت قبل رحيلها الأيام الأخيرة له فقالت رحمهما الله عنه: عندما توفي كان عمري11 عاما وذهبت إلي المستشفي ورفضت اسرته أن يراها خوفا من تأثره وكانت تجلس معه آنذاك زوجته الراحلة ليلي فوزي حيث تدهورت حالته الصحية.. وأنها افتقدته بعد رحيله.
ونفت ما كان يتردد عن بخله قائلة إنه كان حريصا خصوصا فيما يخص العمل السينمائي ولو أنه كان بخيلا ما أنفق كل أمواله علي السينما بل كان يستعين بكبار النجوم مثل فيلم' غزل البنات' الذي استعان فيه بليلي مراد ونجيب الريحاني.. ولكن حرصه كان لمصلحة الفن حيث كان يهتم بالاحتفاظ حتي بأكسسوارات الأفلام لدرجة انه ذات مرة طلب منها' دبوس شعر' كانت قد نسيته في رأسها بعد التصوير..
وحكت قبل رحيلها عن أول فيلم صورته معه وهو ياسمين قالت بإنها عندما طلبت تصوير مشاهدها شاهدت حفل عيد ميلاد للاطفال يرتدون فساتين مبهجة وهي ترتدي فستانا ممزقا فبكت وطلبت أن تصور بفستان مثل الأطفال فقال لها' ايه انتي هتبتدي كدة من أولها' لكنها تداركت الموقف وأن فستانها الممزق جزء مهم من الدراما في الفيلم..
وعن سر توقفها بعد فترة الطفولة قالت فيروز' توقفت لكن الله ارسل غيري, ارسل نيللي التي اعتبرها ابنتي.. وللاسف عندما توقفت المنتجون قالوا انني كبرت ولا أصلح للتمثيل وقد لا يتقبلني أحد في دور الحبيبة او الأم, لأن الناس عرفت الطفلة فيروز الشقية التي تغني وتمرح فقط.. فيروز التي غنت' معانا ريال' وقد يكونون محقين لأن شيرلي تمبل توقفت أيضا عن التمثيل عندما كبرت..
المنتجون لم يتقبلوني عندما كبرت في دور الحبيبة كانوا يريدون البنت الشقية.. عكس نعيمة عاكف كان معها حسين فوزي.
وعن فيلمها' صورة الزفاف' من إنتاج وإخراج المخرج حسن عامر وتأليف حكيم وجليل البنداري, قالت انه لم يحقق نجاحا لأن منتجه لم يكن سينمائيا وخسر كل أمواله فيه وتوقف عن السينما وكأنه اتي ليقدم هذا الفيلم فقط.
وتعود بدايات فيروز الي الغناء وليس التمثيل فقد كانت فيروز تشارك والديها تلك الأمسيات, بحيث كانت ترقص علي الموسيقي التي يعزفها مؤدب. لفتت الصغيرة انتباه مؤدب الذي لاحظ موهبتها وحاول تطويرها فقام بتأليف وتلحين مونولوج لتغنيه وحدها. ولأنه كان يغني في حفلات منزلية اصطحبها معه لتؤدي المونولوج في إحدي المرات.
حقق مونولوجها نجاحا ملحوظا, مما دفع مؤدب لإشراكها في مسابقة مواهب في ملهي الاوبرج الليلي. حينها كان الملك فاروق حاضرا الحفل, فأعجب بأداء الصغيرة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها. وقوبل أداؤها ذاك بإعجاب من الجميع.
وكانت المفاجأة حصول فيروز علي أول مكافأة في حياتها وكانت من الملك فاروق وهي عبارة عن خمسين جنيها. ويقال إن أول أداء لها كان أمام الخديو توفيق في المسرح الروماني وأنه; أي الخديو, أعجب بها بشدة ومنحها خمسين جنيها.
وتعد هذه اللمحة نقطة تحول مهمة في حياة الطفلة اذ اكسبتها ثقة كبيرة في أن تحتك بالعالم الفني وأن تكتسب شهرة وكما قالت عزة نفس وكبرياء.
فهي من غنت امام الملوك... وصفق لها الجميع معجبين بصوتها وخفة ظلها.. عرفها أنور وجدي الذي كان عاشقا للسينما ولديه حس عال بالمواهب.. اهتم بها وبدأ في عمل ورشة تدريب علي التمثيل وتعليمها ماهية السينما وكيفية الوقوف امام الكاميرا.
فهو ليس هنا ممثلا بل هو المؤسسة الفنية التي ستحتوي الطفلة وتحيطها برعايتها.. وبالفعل بدأت الطفلة فيروز مشوارها بأول فيلم سينمائي وهو ياسمين الذي غامر به وعرض لأول مرة في عام.1950
وفيلم ياسمين لمن لا يعرفون الكثير عنه تدور احداثه حول رب أسرة لا يحب انجاب البنات تنجب زوجته ابنة أخري يطلق عليها ياسمين, لذا يؤخذ الطفلة الرضيعة وتترك علي باب أحد الملاجئ, وبعد فترة يموت الأب وتكبر الطفلة وتهرب من الملجأ وتنضم إلي عصابة من الأطفال محترفي النشل, يتقابل عازف سكسفون صدفة بياسمين, وهذا العازف كان عاطلا عن العمل, يطلب منها أن تعاونه في مهنته وأن تترك طريق الجريمة وتتوب, تعيش معه فترة ثم تضيق بحياة الشرف وتهرب وتعود مرة أخري للعصابة, ويكتشف العازف أن ياسمين ما هي إلا حفيدة رجل ثري, يسعي لمقابلته, لكنه يقابل ابنته التي هي في الحقيقة ياسمين, يحاول الجد والأم البحث عنها لكنهما يفشلان في العثور عليها, تتفق مع الأطفال الآخرين للسطو علي إحدي الفيلات, وتكون هي فيلا الجد, ويتم القبض علي العصابة وتعود ياسمين إلي أمها وتتزوج الأم من العازف.
يعد فيلم ياسمين من أنجح الأفلام السينمائية, وهو من إنتاج وإخراج وتمثيل فتي الشاشة الأول أنور وفيروز ومديحة يسري وزكي رستم إنتاج عام1951, ونتيجة لأن البطولة لطفلة فكانت هناك شكوك حول نجاح الفيلم.
ولكي يضمن أنور وجدي نجاح الفيلم, ابتدع فكرة غريبة فقد قام بعمل دعاية للفيلم قبل عرضه بالسينما في إحدي المجلات الفنية يقول فيها إنه يدعو الأطفال لحضور السينما وأن بطلة الفيلم فيروز سوف توزع مجموعة من الهدايا المتنوعة داخل صالة العرض علي الأطفال.
إنتاج الفيلم كان معدا ليكون مشاركة بين أنور وجدي وشركة الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب, لكن عبد الوهاب, تراجع بعد أن شاهد فيروز خوفا علي فشل الفيلم لأن الاحداث تقوم علي طفلة.
كثيرون يرون أن رغبة والدها في تحقيق مكاسب من وراء موهبتها كانت سببا في انفصالها عن العمل مع أنور وجدي.. لأنه رفض تجديد عقده معه فبعد النجاح المدوي للفيلم بدأ والدها في مطالبة وجدي بزيادة الأجر. وتعكر صفو العلاقة لكنها لم تنفصل عنه في هذه اللحظة بل أنتج لها فيلما باسمها وهو فيلم' فيروز هانم' وظهر الفيلم للنور في12 مارس عام1951, اخرجه عباس كامل ثم التقيا في فيلم' دهب'الذي يراه كثيرون أنه أشهر أفلام الثنائي( أنور وجدي) و( فيروز) وأصبح بمرور الوقت من كلاسيكيات السينما المصرية المهمة.
وقام وجدي ايضا بإنتاج فيلم( الحرمان) في نفس عام إنهاء التعاقد مع فيروز في1953, حيث حدث الانفصال النهائي عن أنور وجدي اي بعد ثلاث سنوات فقط من العمل, لرفض والدها تجديد عقد الاحتكار معه, وقرر أن يقوم هو بإنتاج أفلامها. قام بإنتاج فيلم الحرمان في الوقت الذي كانت هي قد بلغت13 عاما وكان ذلك في عام1953, وقد ظهرت فيه فيروز إلي جانب شقيقتيها الفنانة الاستعراضية نيللي وشقيقة ثالثة لهما هي ميرفت التي ظهرت لأول مرة في عمل فني.. وهو ما أكد رغبة الأب في أن يكون هو المنتج لأعمال بناته لكن اتت الرياح بما لا تشتهيه سفن والدها فلم يكن فيلم' الحرمان' كباقي أفلام فيروز رغم أن نيللي كانت مبدعة في هذا العمل.
وفيلم' الحرمان' اخرجه عاطف سالم عن قصة لنيروز عبد الملك وتدور احداثه حول' الأب الذي يقوم بتربية طفلته ورعايتها إذ أن أمها تتركها وتنشغل بعملها الذي يأخذ منها كل وقتها, ومن أجله تترك زوجها وطفلتها, تذهب الطفلة مع والدها للعمل فهي لا تجد من يرعاها وفي أحد الأيام تكون سببا في وقوع حادثة لوالدها تشعر بذنبها فتهرب حتي لا تقع تحت طائلة العقاب. يبدأ الوالد في البحث عنها وتكون نقطة التقاء بين أبويها اللذين يعثران عليها في النهاية ويلتئم شمل الأسرة مرة أخري..شارك في بطولته عماد حمدي وزوزو ماضي وعبد السلام النابلسي
وجاء فيلم الحرمان بعد فيلم' دهب' الذي كانت ما زالت علي علاقة بأنور وجدي حيث لم يكن عقد الاحتكار قد انتهي..
وفي عام1955 قدمت فيلم' عصافير الجنة' ثم بدأت لقاءاتها مع اسماعيل ياسين الذي كان قد اراد ضمها الي فرقته فقدمت معه' اسماعيل ياسين للبيع' و'اسماعيل ياسين طرزان' وبعده قدمت فيلم' أيامي السعيدة' وانهت مشوارها السينمائي بفيلم' بفكر في اللي ناسيني'
رحلت فيروز احدي علامات السينما المصرية الخالدة والتي لم تنجح طفلة في أن تملأ فراغها منذ توقفها.. رغم أنها قالت قبل رحيلها إنها تري في شقيقتها نيللي خليفة لها وأنها ان كانت قد توقفت الا انها تسعد بمتابعتها في التمثيل.