رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الشرطة المصرية تاريخ من العطاء

حفظ الأمن أول المسئوليات العامة منذ عاش الإنسان فى تجمعات. كان أهم وظائف «كبار القبيلة» توفير الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم.كان عملاً تطوعياً بالتناوب ثم تطور إلى أن أصبح مهنة لها أصول وقواعد، تتطلب إعداداً مهنيا مستمراً وتدريباً متميزاً أصبحت من مقومات الدولة.

والشرطة المصرية من أعرق مؤسسات الأمن، مرت بعدة تطورات وصولاً للعصر الحديـث عنـدما باشر مصطفى رياض باشـا مسئوليتها سنة 1879 ثم أنشئت نظارة. وزارة الداخلية سنة 1900.تولاها عدد من رموز الوطن منهم سعد زغلول - النقراشى - عبد الخالق ثروت - عدلى يكن - أحمد ماهر- جمال عبد الناصر. ولأن من يسيطر على الشرطة يسيطر على مقدرات الشعب. ظلت الشرطة عاملاً فى لعبة السياسة يتولاها أقطاب الحزب الحاكم ويحتفظ بها رئيس الوزراء حاولت الأحزاب المتصارعة استقطاب رجال البوليس لتنفيذ سياساتهم والانتقام من خصومهم السياسيين بالاستغناء عن مؤيدى الخصوم مما أدى إلى إنهيار عنصر الأمان لدى رجل البوليس وأثر على أدائه. كذلك حاول الاحتلال الانجليزى السيطرة على الجهاز واحتلال المناصب القيادية به مع إضعاف الروح الوطنية، وأسهمت سياسة الدهاء الانجليزى فى إيجاد فجوة بين الشعب والبوليس بنشر عدد من الفتوات والبلطجية يفرضون قانون الغاب والبلطجة والإتاوات على البسطاء مما أدى إلى رفض الشعب للشرطة. التحديات التى واجهت الجهاز متعددة إلى جانب عدم تعاون المواطنين وأنه يتحمل أخطاء الحكومة والسياسات غير الرشيدة.

رغم هذه التحديات وغيرها كثير تطور الجهاز إلى أن أصبح أفضلها فى المنطقة يستمر فى تحديث آلياته وتطوير أنظمته حتى يواكب التحديات غير المسبوقة. يقدم خدماته فى 30 مجالاً مختلفاً وله أكاديمية تؤكد التقارير الدولية أنها من أرقى المعاهد الشرطية وأكثرها تقدماً وتحتفل الشرطة ومعها الشعب بعيدها فى ذكرى معركة الإسماعيلية وهى واحدة من المواقف البطولية للشرطة ولها سجل وطنى حافل لا يتسع المقام لسرده، عندما حاصرت القوات البريطانية قسم شرطة الإسماعيلية قصفته بالقنابل فقتل 64 شرطياً وأصيب 72 بجروح. هدموا المحافظة اوبلوكات البوليس»، وتمكن «البوليس» مع المواطنين من أسر 80 جنديا بريطانيا بمعداتهم. صاح مصطفى رفعت فى وجه الانجليز لن نستسلم الا جثثا هامدة»، اعترفت القيادة البريطانية ببطولاتهم وانها لم تكن تتوقع هذه المقاومة الباسلة. استنجدت الصحافة البريطانية بأمريكا، بينما قطعت مصر العلاقات مع بريطانيا. مهدت لها معركة التل الكبير عندما كسر الفدائيون الحصار المشدد ومهاجمة قطار حربى يقل قياداتهم. قتل فيها 20 ضابطا بريطانيا وجرح 120 واستشهد 6 فدائيين وأصيب 14 بجراح. ثارت ثائرة الإنجليز وحاصر 1500 جندى التل الكبير وتصدى لهم فريق شرطى بقيادة القائمقام أبو هيبة والكباشى على الحديدى واليوزباشى عبد الكريم درويش.

ويزخر سجل دور الشرطة فى الكفاح الوطنى بمواقف وأحداث نشير إلى القليل منها:

سنة 1881 تحدت الشرطة الأوامر بإخماد مظاهرات عابدين وشاركت فيها مع الجيش مطالبة بحقوق الشعب بفريق شرطى بقيادة اللواء إبراهيم فوزي.

فى حوادث الإسكندرية 1882 انضمت الشرطة إلى الثوار وصدرت ضد القائمقام سعد أبو جبل وقياداته و35 مجنداً أحكام تفاوتت بين الأشغال الشاقة والإعدام الذى نفذ بوحشية علناً أمام مقر الشرطة.

فى كتابه عن أحداث دنشواى يسجل «محمد جمال الدين» موقف الشرطة ضد الإنجليز عندما أخذوا صف الفلاحين وشهدوا أنهم بادروا بحرق المخازن ثم لم تتعرض الشرطة للمظاهرات التى قامت ضد إعدام أربعة من الفلاحين مما أدى إلى معاقبة الكثيرين.. ويسجل الفحام فى كتاب رجال البوليس والإدارة مهدوا لثورة عرابى مواقف بطولية تحسب لأجهزة الأمن. ويصف الرافعى فى كتابه عن ثورة 19هجوم الثوارعلى قطار يقل قيادات إنجليزية من أسوان للقاهرة لإخماد الثورة بأنه من أعنف حوادث الثورة. تجاهلت الشرطة إشارة تطالب بتشديد الحراسة عليه لكنهم أخطروا الأهالى بأنه من العار على أبناء الصعيد أن يتركوهم يصلون إلى القاهرة. حوكم الضباط الذين هاجموا القطار أمام محكمة عسكرية وحكم على اليوزباشى أبو المجد حمو، والملازمين مصطفى حلمى وعيد إبراهيم بعقوبات تراوحت بين الحبس مع الشغل أو الفصل من الخدمة. وصدر حكم بإعدام الملازم محمد السبع رئيس مدينة ضبو الذى فتح مخزن السلاح ووزعه على الفلاحين للهجوم على المراكب النيلية كما حكم على البكباشى عبد السلام بالأشغال الشاقة لنفس السبب.

شددت القوات البريطانية الحصار حول مدينة أسيوط بعد حادث الاعتداء على الضباط والجنود بداخل القطار وأرسل قائد القوة رسالة إلى البكباشى محمد كامل مأمور بندر أسيوط يطلب إليه الاستسلام فرفض وتقدم هو وجنوده والأهالى يدافعون ببسالة عن المدينة وقد أعدم البكباشى محمد كامل رمياً بالرصاص. كما حكم على الملازم السيد إبراهيم السيد ملاحظ الشرطة بمطاى بالأشغال الشاقة لمدة اثنى عشرعاماً، وعلى الملازم أول أحمد كامل يوسف بمديرية المنيا بالفصل من الخدمة لانضمامه للثورة.

سنة 1907 شارك خليل حمدى قائد كلية البوليس فى اجتماعات الحزب الوطنى ضد الإنجليز فطالبوا بإقالته خوفاً من أن يقتنع الطلبة بأفكاره ثم ألغوا وظيفته بأمر عمومي.

وعندما قامت ثورة الغضب ثم ثورة التحرير ألقى على كاهل الشرطة مواجهة الفوضى والتصدى لجماعات إرهابية اختطفت الثورة وعملت على نشر الفوضى وتفكيك جهاز الشرطة وبعد التخلص من حكمها أصبح عليها مواجهة إرهاب غاشم يقتل ويدمر وسقط منها 731 شهيدا، 18 ألف مصاب. عطاء يسجل بالأسماء يستحق أن يتضمنه كتاب يوزع فى المدارس والنوادى وقصور الثقافة ومراكز الشباب كى يعرف الشباب دور وعطاء ذلك الجهاز ويحقق التقارب والتعاون بين الشعب والشرطة. ويقينى أن الداخلية لا يفوتها إقامة حائط شرف بعنوان أبطال وشهداء يسجل عليه أسماء مئات من الذين عاشوا أو استشهدوا من أجل الوطن ومازال أبناؤهم وأحفادهم يحملون الرسالة.

وقد جاء لقاء الرئيس السيسى بعائلات وأطفال شهداء الشرطة يعكس شموخ التواضع وعظمة البساطة والمشاعر الإنسانية الصادقة التى لمست القلوب بالاطمئنان والعيون بدموع الرضا.. بهذه القدوة وذلك الإيمان بالوطن سوف يعود عيد الشرطة، يوماً تحتفل فيه مع الشعب بالعزف فى الميادين والعروض وحفلات للأطفال وفتح مراكز للشرطة للزيارة والتعريف بعمل ذلك الجهاز الذى أعطى ومازال يعطى حتى يتعاون الشعب مع الشرطة فى خدمة الوطن وتقوم الشرطة بحمايته. حفظ الله مصر.

لمزيد من مقالات د. ليلى تكلا

رابط دائم: