رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

منمنمات ثقافية
ذاكرة معرض الكتاب ومستقبله

ساعات قليلة بعدها تنطلق فعاليات الدورة السابعة والأربعين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب تحت شعار الثقافة فى المواجهة، بمشاركة 34 دولة منها 21 دولة عربية وإفريقية و13 دولة أجنبية و850 ناشرا.

وإضافة للأنشطة السنوية المعتادة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، يتم تكريم الكاتب جمال الغيطانى وتسليط الضوء على مشروعه الثقافى كما تُقام مجموعة ندوات بمناسبة مرور عشر سنوات على وفاة نجيب محفوظ، ليصل عدد الفعاليات لحوالى 50 فعالية يومياً.

ولعل من أهم ما يستلفت الانتباه فى الدورة الجديدة للمعرض تخصيص قاعة لذاكرة المعرض سيتم من خلالها عرض أمسيات شعرية لنزار قبانى ومحمود درويش وعبدالرحمن الأبنودى وغيرهم من كبار الشعراء الذين شاركوا فى فعاليات المعرض قبل عدة سنوات، بالإضافة إلى أبرز الندوات والمناظرات مثل مناظرة فرج فودة.

وفى تقديرى الخاص أن هذا النشاط تحديدا يمثل أهم ملمح لمعرض هذا العام ليس فقط لأنه سيعيد للمعرض جمهورا انصرف عنه فى السنوات الأخيرة لسبب أو آخر لاستعادة ذكريات زمن كان معرض الكتاب فيه يمثل احتفالية ثقافية سنوية تستقطب كل أفراد الاسرة المصرية عبر فعاليات تتيح للجميع فرصة اقتناء الكتب وشرائط التسجيل النادرة بأسعار زهيدة ومتابعة أشكال الإبداع المصرى فى كافة صوره ومناقشة الرموز الفكرية والأدبية والفنية والسياسية، بل أيضا لأن هذه الفاعلية تحديدا ربما تجتذب فئات عمرية أصغر لم تعاصر أصحاب تلك الأمسيات، فتتيح لهم فرصة المشاهدة الحية لجيل من المبدعين شكلوا ملامح الثقافة المصرية والعربية فى النصف الثانى من القرن العشرين والتعرف على رؤاهم فى قضايا تناولوها خلال أمسياتهم، و من المؤسف انها لا تزال تثير جدلا حتى اللحظة وتشغل جيل الأبناء مثلما أرقت آباءهم..ومن يدرى فلعل إيقاظ الذاكرة البعيدة عبر هذه الامسيات يكون حافزا لمحاولة حسم تلك القضايا وكسر الحلقة المفرغة كى لا نورثها لجيل ثالث من الأحفاد..

على صعيد مواز تعتبر استضافة المعرض لهذا العدد من دول إفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية ودعوة الروائى الصينى ليو جين يون» - الذى تمت ترجمة روايته «الموبايل» للغة العربية لتقدم للقارئ العربى نموذجا لأدب ينتمى لحضارة عريقة يتناول قضية اخلاقية فى ضوء متغيرات العصر بأسلوب ساخر ولغة سهلة - فرصة لوصل ما انقطع قبل خمس سنوات وإحياء مشاريع تواصل الثقافة العربية ومختلف الثقافات وخاصة الصينية وتشجيع الترجمة بينهما طبقا لما كان مقررا فى معرض كتاب 2011 الذى كانت الصين ضيف شرفه. ففى ذلك الحين أبدى كل من وزير الإدارة العامة للإعلام والنشر فى الصين السيد «ليو بينجي» والمستشار الثقافى الصيني «د. إتشين دونج يونج» فى حوارهما لصفحة دنيا الثقافة بالأهرام اهتماما كبيرا بإنهاء سنوات تغييب التواصل بين أقدم حضارتين بسبب حاجز اللغة وضعف حركة الترجمة للعربية التى جعلت من رائعة بيرل باك الأرض الطيبة - الوثيقة الوحيدة المتاحة للقاريء العربى عن الحياة الثقافية والاجتماعية فى الصين فى نهاية القرن التاسع عشر وأوائل العشرين. كما أوضحا أن تشجيع الترجمة المتبادلة يتطلب الدعم الحكومى والأهلى لنقل تراث الماضى ومواكبة ما يحدث فى البلدين. وأشار وزير الإدارة العامة للإعلام والنشر الصينى إلى أن بلاده خصصت صندوقا خاصا للتبادل الخارجى ومن بين المشاريع التى يدعمها تأليف المعجم الصينى العربى ووضع خطة للترجمة بين الجانبين لمدة عشر سنوات يتم خلالها ترجمة ما بين 50 إلى 100 نوع من الكتب العربية والصينية فى مجالات العلوم والفنون والتربية وغيرها.

وأظن أن تفعيل المحورين السابقين قد يحولا معرض الكتاب لما هو أكبر من احتفالية تنتهى بإغلاقه لأبوابه انتظارا لعام مقبل، فايقاظ الوعى واستعادة الذاكرة ربما يكونان السبيل الوحيد للخروج من دوائر نقاش سفسطائى استنزف جيلا كاملا ويهدد أجيالا قادمة.على صعيد مواز فإن استثمار هذا التجمع الثقافى وزيارة الروائى الصينى التى سبقتها بأيام زيارة الرئيس الصيني «شى جين بينج» لمصر بمثابة فرصة ذهبية لإحياء الخطط التى توقفت مع الجانب الصينى قبل سنوات، إضافة لدعم جهود مصر للانفتاح سياسيا واقتصاديا على دول اسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وتشجيع وتعزيز أفاق التعاون الثقافى مع دول شراكتها الاقتصادية والسياسية تستوجب مبدئيا مساحة من التفاعل الثقافى والحوار..

لمزيد من مقالات سناء صليحة

رابط دائم: