رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

شاعر اسمه نجيب سرور
رحلة أديب من قمة الإبداع إلي حضيض البذاءة

محمد شمروخ
قد آن يا كيخوت للقلب الجريح أن يستريح فاحفر هنا قبرا ونم وانقش علي الصخر الأصم‏:‏ يا نابشا قبري حنانك‏..‏ ها هنا قلب ينام لا فرق من عام ينام وألف عام

هذي العظام حصاد أيامي فرفقا بالعظام.
أنا لست أحسب بين فرسان الزمان
إن عد فرسان الزمان
لكن قلبي كان دوما قلب فارس
كره المنافق والجبان
مقدار ما عشق الحقيقة.
والآن: ما رأيك في هذه الأبيات؟ جميلة؟! لكن لمن هذا الشعر؟!. لشاعر من رموز النهضة المسرحية العربية في ستينيات القرن العشرين, يدعي نجيب سرور.
فنجيب سرور الذي ولد في عام1932 ومات في24 أكتوبر1978, شاعر له مكانته بين شعراء جيله وكما هو شاعر هو ناقد لا يشق له غبار واقتحم عالم المسرح مؤلفا ومخرجا وكانت له اتجاهاته السياسية التي لا تخفي في شعره ونثره.
وما تصدر هنا كانت كلمات قصيدة لنجيب سرور, كتب طالب أبياتها الأولي بعدما شغفته قصيدة سرور هذه حبا فسطرها بقلمه الفلوماستر الأسود, علي جدران القاعة الملحقة بإدارة رعاية الشباب في أحد مباني كلية الآداب جامعة عين شمس وكنت قد قرأت لنجيب سرور في مقتبل حياتي لكن هذه القصيدة من ديوانه لزوم ما يلزم ولكن لم أذكر أن جرت تحت عيني هذه الكلمات, فسارعت للبحث عن نجيب سرور مشدوها بالأبيات, فانفتح أمامي عالم جديد من الشعر, ربما بسببه بدأت استسيغ ما لم يرق لي من الشعرمما ليس علي قوالب القصيدة التقليدية في الشعر العربي.
وحتي ذلك الوقت- النصف الثاني من الثمانينات- لم أكن قد سمعت شيئا غير ما قرأته وهو قليل, عن نجيب سرور, حتي جاءت لحظة فارقة مع شعر وعقل وشخص نجيب سرور عندما اقتحم جلستنا زميل بالمدينة الجامعية وهو يخفي شريط كاسيت وكأنه صيد ثمين.. وحتي تم إحضار جهاز كاسيت, راح الزميل يحكي قصة ما سجله نجيب سرور علي هذا الشريط بصوته وكيف أن أجهزة الأمن في العهد الناصري عذبته وأدخلته المعتقل ثم مستشفي الأمراض العقلية.
وجلسنا وسمعنا وبهرتنا التجربة أن نسمع شعرا يستخدم ألفاظا مكشوفة وفي غاية من البذاءة والانحطاط الأخلاقي ومع تعمده ذلك بوضوح, إذ لم يكن ورود هذه الألفاظ عرضا لخدمة الشعر وإبراز الفنيات الخاصة بالشاعر, لكن كان النطق بها عمدا لذاتها, كما يبدو من طريقة الضغط علي حروفها وتكرارها في كل بيت أو شطر أو رباعية, وهذا يؤكد أن نجيب سرور كتبها للبذاءة واستثارة الهزل فقط!.
أنها المعروفة بـأميات مصر والمسبوقة بلفظ بذيء يستعصي علي الكتابة وأنت الآن تبتسم سخرية مع ترديده في ذاكرتك وهي مجموعة القصائد التي صيغت بالعامية في أجزاء مسجلة بصوت نجيب نفسه.. وها أنت قد تهم بالبحث عنها علي مواقع البحث في الشبكة العنكبوتية.
ولم تكن اللمحات الفنية في الصور البلاغية, إلا ليتخذ الأمر شكل الشعر لتبرير ما يحدث.
ورجل شاعر وناقد ومسرحي مثل نجيب سرور, بالطبع كان له من القدرة, ما يتيح له أن يستولد من تلك الألفاظ البذيئة, معاني فنية مبهرة لسامعيه, علي الأقل لمن هم عمرنا في ذلك الوقت.
وفيما بعد كنا نتبادل شرائط هذه القصائد أو صورها الضوئية المكتوبة بخط اليد سرا, وكأننا نتبادل قصصا ومجلات جنسية, مع ابتسامة ذات مغزي تدل علي المغامرة باقتنائها ومطالعتها علي انفراد أو وسط دائرة صغيرة من الأصدقاء ويتفاخر البعض منا بحفظ بعض أبياتها أو كلها ومع كل لفظ بذيء يظهر التعجب والانبهار.
انها عملية أشبه بالمغامرة ويقبل عليها الشباب بشغف, كما يقبلون علي كل جديد وغريب ومثير!.
لكن الخلاصة بعد سماعها, ليس سوي المزيد من اليأس والإحباط والسلبية ثم الاستسلام, فنجيب سرور يحكي خلالها عن تجربته في المعتقل الذي لاقي فيه كل صنوف المهانة وكذلك في مستشفي الأمراض العقلية رغما عن أنفه ولكنه يصعد بالمأساة وهو يروي قصته مع زوجته الممثلة المشهورة ويتهمها علنا بخيانته وهو يبكي علي جرحه منها بكاء مرا, حتي أوغل بالفعل في الجنون.
لكن ربما لم نشهد عاقلا واعيا بجنونه, مثلما رأينا نجيب سرور في وعيه بما يقول مع قوة ذاكرته وتلميحاته التي تجزم بمدي تركيزه, فكأن جنونه كان باختياره
لكنه مع إهانته لها قد أهان كل امرأة فبلغ به الشطط حتي أمه هو شخصيا ثم إلي حواء أم البشرية متهما كل امرأة بأنها عاهرة.
فمجرد اسم العمل هو إهانة لكل أم وسب علني للأم الكبري مصر التي يتغني كثير من الشعراء بحبها في المنتديات العامة, بينما يرددون سبها سرا بأقذع الألفاظ!.
وسرور لم يكتب ذلك لأنه العاصي أو الكافرأو الخائن ولو كان لما خفي علي أحد, بل هو الإنسان المحبط اليائس البائس الذي يستعرض آلامه ويشتكي ويستبكي الناس وهو يلعن كل شيء ويريد أن يحطم كل شيء لأنه فشل كزوج مع زوجة أدانها بالخيانة ثم فضحها في كل مكان واتهم بها كثيرين ممن حوله, حتي أخلص أصدقائه!.
ولم يهمه أنه مع ذلك قد فضح نفسه كرجل كان من الممكن أن ينفصل عنها ويندم علي تجربته ثم يكمل حياته, لكنه أصر أن يعيش ممثلا لدور الضحية ويستعرض سوأته في استعطاف مخلوط بالاندفاع الجنوني نحو الانتقام وهو موقف لا يمكن وصفه بالرجولي لشخص عاقل ومع ذلك, فهو لا يكف كل مرة, أن يؤكد أنه رجل لا مثيل لرجولته وهو إبن بلد وشهم ومصري حتي النخاع وهو حقا كان كذلك!نه رجل لا ولم يفرط في رجولته.
ولكن لا تفسير إلا أن سرور قد أحب هذه السيدة حبا جنونيا ملك فؤاده وأفقده عقله, فلما كانت هذه السيدة ممثلة وتؤدي أحيانا أدوار إغراء ثانوية, فإن ذلك لا يروق لرجل مثل نجيب سرور ربيب القرية المصرية والفلاح الأصيل المتأصلة فيه عروق الغيرة, فلم تفلح ثقافته ولا انتماؤه للتنظيمات اليسارية ولا اختلاطه بالوسط الثقافي والفني وما بهما من تحرر, لم يفلح كل ذلك في تغيير طبيعته القروية المحافظة التي لا يمكن أن تتزلزل أمام إيمانه ولا ممارسته لرسالته كشاعر وناقد وفنان عظيم!.
حقا إن الذي يتفاعل وينفعل مع نجيب سرور, سيشعر بأنه فنان عظيم وشاعر صادق الشاعرية ولم يتخذ الفنون كمهنة, بل كرسالة, لكن الرجل العظيم عندما يصيبه جرح ما لأي سبب, فإن ألمه يكون علي قدر عظمته ويمكن أن يكون سقوطه أيضا, سقوطا عظيما!.
ويتضح بجلاء في طريقة نطقه بالكلمات أنه واقع تحت تأثير الخمر, حيث يشجعه السكر علي المزيد من البذاءة والألفاظ والتراكيب البذيئة وهي في الوقت نفسه مستوحاة من البيئات الشعبية الدنيا التي تدخل البذاءة في مفردات لغتها المعتادة في معاملاتها اليومية كملامح أساسية لتلك اللغة.
وسرور هو ابن البيئات الشعبية الدنيا وبسببها ومن أجلها, اختار أن يتبني النهج الاشتراكي الشيوعي المطالب بحقوقها والثائر من أجل هذه الحقوق وقد قيل انه كان يخفي أنه كان عضوا بتنظيم الحركة الديمقراطية للتحررالوطني واختصارها حدتو وهي الحركة الشهيرة التي لعبت دورا كبيرا وخطيرا في الأحداث قبل ثورة يوليو وهي أشهر حركة يسارية بعد أن بشر اليهودي المصري هنري كوريل بالمباديء الشيوعية في مصر.
ولم يكن سرور بأول شاعر أو أديب يستخدم البذاءة في شعره, فكتب التراث الأدبي العربي, بل والإنساني مفعمة بالألفاظ البذيئة واشتهر كثيرون من الأدباء, لاسيما الشعراء, بالبذاءة, خاصة في هجاء خصومهم, وأقربهم كان عبد الله النديم الذي ألف كتاب أسماه المسامير سخرية من أحد مستشاري السلطان العثماني إبان إقامته في إسطنبول وهو كتاب يعتبرمفقودا الآن ولكن يحدثنا الأستاذ أحمد بهاء الدين في كتابه الرائع أيام لها تاريخ في فصله عن النديم, أن من قرءوه قالوا إنه بذيء جدا.
وهناك من ذكر أبياتا عامية بذيئة منسوبة إلي بديع خيري هجا بها سعد زغلول, علي ما كان يشغله سعد من مكانة جماهيرية وتاريخية منقطعة النظير.
وكان كثير من الشعراء في كل العصور, ينظمونها سخرية أو هجاء أو انتقاما أو مداعبة أو ابتزازا ولعل الشاعر العربي المخضرم الحطيئة, كان رائد هذا النحو وجاء بعده كثير من الشعراء من بينهم أسماء لشعراء كبار من أساطين الشعر العربي!.
كذلك كانت هذه البذاءة المصاغة في قصائد شعرية عامية أو فصحي, ترد في الأخبار المتناقلة شفويا عبر كثير من الأجيال لكن غالبها قد اندثر, لأنه مثل النكات التي تضحك في حينها ولكن عند تكرارها تفقد قيمتها ويسأمها الناس.
غير أن هذا الإبداع البذيء, يفقد قيمته لو انتشر بشكل مشروع ومكشوف للجميع, فهو قائم علي التداول سرا, وقيمته تكمن في أنه مثير لأنه يخالف الواقع المعهود وإذا ما انتشر صار شيئا معتادا ففقد قيمته وإثارته, لأن المطلوب هو ألا يكون معتادا.
ولكن شعر سرور البذيء هذا, يعكس أمرا خطيرا, إذ انه اتخذ في الأوساط الثقافية علي أنه جواز مرور لعالم الأدب والإبداع, فأنت لا تستطيع أن تنتقد سرور علي شعره هذا وإلا صرت جامدا متخلفا مضادا لفكرة الثورة التي تفيض بها بذاءة قصائد سرور, هذا إن لم يتم التعامل معك علي أنك عميل لجهاز من أجهزة الأمن!.
وهذا مرض من الأمراض التي يعج بها الوسط الثقافي المصري, فلا عجب أن تري انحطاطات أخلاقية في تجمعات المثقفين وفي علاقاتهم ومعاملاتهم, ذلك مع نشدانهم الكمال كما يدعون, لكن العجب كل العجب, أن تري كثيرا منهم يتسافلون بأساليب غاية في البذاءة وهم يحسبون ذلك من قبيل ممارسة حرية الإبداع, بل بات البعض يقتصر علي البذاءة في قراءة الشاذ من الآداب مع حفظ وتأليف مثل هذه الأشعار!.
وهناك أسماء يعتبرها البعض رموزا, تصيبك بالدهشة لو عرفت عنهم سلوكيات وقبائح لا تليق بكلمة ثقافة التي تحمل في تعريفها اللغوي المباشر, معني التهذيب!.
وكثير منهم يري أن مكانته الإبداعية المدعاة تعطيه الحق في التحدث بتلك الطريقة في استعراض وتعمد واضح للفت الأنظار, فكثيرا من هؤلاء لا تجدهم مبدعين حقا, بل أدعياء ويخلقون حول بعضهم بعضا هالات مزيفة في تمركز بغيض حول ذواتهم.
وسرور نفسه استهجن هذه النوعية التي تنتشر كالجراد في مقاهي الشارع الثقافي, وانتقدها نقدا لاذعا
ففي ديوانه بروتوكولات حكماء ريش سخر منها كاشفا عن زيفها وافتعالها.
ورغم ذلك فهذه النوعية هي التي تروج له كأمير شعر البذاءة وتحمل مع أطنان الكتب, أشعاره في مصر التي يملاون فضاء الميادين بحبهم الزائف لها.
ألا تراه يقول فيهم في بروتوكولاته:
(مقهي ريش أحد ملتقيات المثقفين والأدعياء بالقاهرة)
تنح عن الطريق للرجل القادم إليك
فأنه علي الأرجح رجل منظم
أو لعله من الماسونيين وهذا أضل سبيلا
- دونالد فينكل-
ديباجة:
نحن الحكماء بمقهي ريش
من شعراء وقصاصين ورسامين
ومن النقاد سحالي الجبانات
حملة مفتاح جهنم
وهواة البحث عن الشهرة
وبأي ثمن
والخبراء بكل صنوف الأزمات
مع تسكين الزاي كالميكانزم
نحن الحكماء المجتمعين بمقهي ريش
قررنا ما هو آت:
البروتوكول الأول:
لا تقرأ شيئا كن حمال حطب
واحمل طن كتب
ضعه بجانب قنينة بيرة
أو فوق المقعد
واشرب وانتظر الفرسان.
وهكذا يمضي سرور ساخرا منهم وكاشفا زيفهم إلي آخر البروتوكولات.
لقد كان الكثيرون تصدمهم الأشعار التي كتبها سرور عن مصر وإهانته لها, مع أنه كان يستعين بالمثل الشعبي الدارج ادعي علي ابني وأكره اللي يقول آمين في صحوة اعتذار قصيرة ثم ما تلبث أن تعود البذاءة لمجراها.
لكن حب سرور لمصر كوطني مخلص لها يعشقها بكل قطرة من دمه وحرف من شعره, جعله يتطرف تطرفا حادا إلي ما يشبه الحنق والكراهية لها, وهذه ثمرة فاسدة من ثمار التطرف الذي لا يقبل بغير ما يعتقد ولا ينتظر غير ما يأمل.
وتلك هي نهاية الانفعالات المجنونة ولو كان مبدؤها قصد الحب والخير, فهذا الشاعر الذي أطلق عليه بعضهم لقب شاعر العقل هو ذا قد صار بلا عقل, فإن كان سرور قد جن حقا, فلأنه أفرط في حساسيته وتطرف في حبه وإيمانه, حتي صار وقع الذباب علي جلده كلدغ العقارب!.
فانظر إليه وهو يقول:
الحق أقول لكم:
لا حق لي أن ضاعت حقوق الأموات
لا حق لميت أن يهتك عرض الكلمات
وإذا كان عذاب الموتي أصبح سلعة
أو أحجبة أو أيقونة أو إعلانا أو نيشانا
فعلي العصراللعنة
والطوفان قريب.
هل عرفت من يكون نجيب في هذه الكلمات وغيرها؟!.
وها هي قصائد سرور البذيئة تبهت وتصبح ذكري من الذكريات التي تستدعي الابتسامات الفاترة, خاصة بعد انتشار الوسائط الإليكترونية التي أتاحت لأي شخص بضغطة علي مفاتيح لوحة الكمبيوتر أو من خلال هاتفه المحمول, أن يطلع علي العجب العجاب مما لا يخطر علي بال في جميع مجالات الأدب وقلة الأدب, فبدأت قصائد سرور البذيئة, تفقد إثارتها واتخذت مكانا منحطا بين نصوص الأدب القبيح.
لكن المأساة الحقيقية التي صاحبت اسم نجيب سرور هي اقتران اسمه وتاريخه ومكانته بهذا العمل البذيء وتجاهلنا أشعاره مع بقية إنتاجه الأدبي والمسرحي العظيم, فما أن يذكر اسمه, حتي يمتعض السامع أو يبتسم في استنكار وتعجب, لأنه سيتذكر حتما هذا العمل الذي وصفه شاعر كبير من علامات شعر العامية, بأنه أفضل ما كتب سرور!.
فذاك الشاعر أيضا, اشتهر بالبذاءة في أحاديثه العادية مع قهقهات من المستمعين في جلساته من الذين ينبهرون لسبابه المقذع ويعتبرون ألفاظه المكشوفة عديمة الحياء, دليل النبوغ والعبقرية في عالم الإبداع, تماما كما انبهروا بشعره, لكنه لم يفعل لا هو ولا غيره, كما فعل سرور, أن أفرد قصائد كاملة البذاءة ومن فعل لم يشتهر. فحتي في بذاءته, تفوق عليهم سرور!.
ولكن تعال وافغر فمك وأوسع من مقلتيك واستغرب واستهجن ومصمص شفتيك وهز كتفيك معي عجبا وأنت تقرأ هذه الكلمات في قصيدة من قصائد نجيب سرور يقول فيها:
في ألفاظك اعرف نفسك
الألفاظ لها ميزان
ثمة لفظ قد يكسبك العالم لكن.. تخسر نفسك
ثمة لفظ قد يفقدك العالم لكن.. تكسب نفسك
زن ألفاظك تعرف نفسك!.
فما علي سرور وقد أنكرها أن ينكص ويحكم علي نفسه بأن يخسر نفسه؟!.
صارهذا الجانب من سرور المشهور بالبذاءة, علامة علي ذلك النوع البغيض من تشويه الإبداع ونسي أمر شعره البديع.. وذلك لعمرك لهو الخسران المبين!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق