رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

وديع فلسطين فى شيخوخته..وإعادة فتح ملف تكريم الأدباء فى حياتهم!

تهانى صلاح
العلامة وديع فلسطين (93 عاماً) ليس من الأدباء الرواد فحسب؛ بل من علامات مصر المضيئة ثقافياً على الصعيد العربى، وهو أيضا شيخ شيوخ الصحفيين؛ فهو من أقدم خريجى قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية (عام 1942)، وأقدم عضو مصرى فى مجمعَى اللغة العربية فى دمشق والأردن، وهو موسوعة معارف أدبية عميقة الغور، فقد زامل ربابنة الفكر، وأساطين السياسة والنقد فى مصر والعالم العربى. وهو من القلة القليلة الذين لهم صلات واسعة بالنخبة الساطعة فى أفق النهضة العربية.

إذ مارَسَ الصحافة السياسية والاقتصادية والأدبية؛ حيث بدأها بجريدة الأهرام لمدة ثلاث سنوات؛ ثم انتقل وتألق نجمه فى صحيفتى «المقتطف» و«المقطم» بين عامى 1945 و1952 حيث رأس القسم الخارجى، وعمل فى جميع الأقسام الأخرى، وأُسندت إليه كتابة المقالات الافتتاحية اليومية التى كانت تنقلها الصحف الأجنبية والعربية، كما اختير عضوا ًفى مجلس إدارة وتحرير هذه الدار إلى أن أغلقت كما أغلقت الكثير من الصحف فى مصر فى تلك الفترة.


ألف أديبنا الكبير وديع فلسطين وترجم ما قد يجاوز الأربعين كتاباً فى الأدب والاقتصاد والسياسة وعلوم الصحافة التى قام بتدريسها فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مدى عشر سنوات بين عامى 1948 و1957م. وله ثلاثة كتب فى فنون الصحافة، وبقيتها فى الأدب والثقافة والفكر من أهمها: قضايا الفكر فى الأدب المعاصر، ومختارات من الشعر المعاصر، وكلام فى الشعر. ولعل من أهم كتبه الأدبية ذلك الصادر عام 2003 والمعنون بـ «وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره» فى جزءين أعاد فيهما زهوة فن التراجم الذى كاد يندثر؛ فقدم بعضاً من مخزونه الوافر، وسجَّل فيهما أدق علاقاته بنحو مائة من الأعلام فى مصر والبلاد العربية والمهاجر وديارات المستشرقين. وقد ذُكّر فيه بأنه أول من تنبأ بأن نجيب محفوظتسوف يصبح ذا شهرة عالمية؛ عندما قرأ له فى مطالع الأربعينيات روايته (رادوبيس) وبالفعل فقد حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1988.

نعم؛ كتب وديع فلسطين عن مشاهير عصره، وغير عصره؛ فتاهوا بذلك زهواً؛ بفضل قلمه الرشيق، وأسلوبه الساحر، وعباراته العالية فى الأداء والمضمون، وفكره الخلاَّق!

كما شارك فى إخراج عدد من الموسوعات, منها «الموسوعة العربية الميسرة»، و«موسوعة الإقباط» باللغة الإنجليزية الصادرة فى ثمانية أجزاء عن جامعة يوتاه فى الولايات المتحدة الأمريكية، و«موسوعة أعلام مصر والعالم»، و«موسوعة من تراث القبط», إلى جانب مئات المقالات التى كتبها والتى نشرت فى مختلف أنحاء العالم العربي، ونلمح فيها خفة الظل غير المُتكلّفة، مع الوقار والجدية التى تكشف عن المعدن النفيس، والجوهر المشع فى وجدان هذا الكاتب الكبير وعقله.

انتخب وديع فلسطين عضواً فى مجمعى اللغة العربية الشهيرين، فى كل من سوريا عام 1986 والأردن 1988 ومن المستغرب أنه لم يدعَ لدخول مجمع اللغة العربية (الخالدين) فى بلده! وهو أحد الأدباء المصريين القلائل الذين ذاعت شهرتهم فى أنحاء العالم العربى وليس فقط ضمن حدود مصر.انتسب وديع فلسطين إلى عدد كبير من الهيئات والجمعيات الأدبية، فأنشأ مع الشاعر الدكتور ابراهيم ناجي «رابطة الأدباء» عام 1935، وتوالى انتخابه نائباً لرئيسها حتى توقفها عام 1952، وكان عضواً مؤسساً فى رابطة «الأدب الحديث»، وهو عضو فى اتحاد الكتّاب المصريين منذ عام 1981، وعضو فى نقابة الصحفيين المصريين منذ عام 1951, وعضو لجنة تنسيق الترجمات التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الملحقة فى الجامعة العربية، بالإضافة إلى عضويته فى الهيئة الاستشارية لمجلة «الضاد» فى حلب.

وفاز فلسطين بعدد من الجوائز والنياشين نتيجة لجهوده فى الصحافة والأدب والترجمة؛ منها جائزة فاروق الأول للصحافة الشرقية عام1949، ونيشان الاستحقاق المدنى الإسبانى من طبقة كوماندز، وكُرِّم فى الندوة الإثنينية فى جدة عام2005، وفى معظم البلاد العربية إلا مصر التى لايزال البعض فيها يتساءل إذا كان وديع فلسطين مصريا أم لا !

ومنذ عام 1952 اعتزل أديبنا الحياة الرسمية، وابتعد عن الانخراط فى الأنشطة الخاصة بالثقافة بعد اختلاط العمل الثقافى بالعمل الرسمي، نتيجة لما لاقاه فى حياته وكتاباته من عنت، وما تعرض له من مضايقات، ومن تنكر وجحود.!

إنها بعض سطور من رحلة كفاح وديع فلسطين الكاتب، والصحفي، والأديب، والناقد، والشاهد الأمين المنصف على أعلام عصره؛ وهوالذى واصل رسالته النبيلة قاطعا ًوراءه أكثر من70عاما، حيث تجاوز الآن التسعين من عمره المديد، وهو يرقد حاليا وديعاً وحيداً فى منزله بعد خروجه من المستشفى إثر تعرضه لوعكة صحية ألمت به.

وهو ما يجعلنا نتساءل - من جديد! - عن دور مؤسساتنا الثقافية فى رعاية المبدعين والأدباء - خاصة إذا بلغوا السن الذى يتطاب الرعاية - والاهتمام بعلاجهم، والتخفيف من آلامهم فى لحظات مرضهم، وهو ما أكدت عليه توصيات مؤتمر أدباء مصر الذى عقد فى أسوان الشهر الماضى.. سؤال متكرر, ورسالة تتوجه بها صفحة «أدب» للوزير الإنسان حلمى النمنم، والدكتور علاء عبد الهادى رئيس اتحاد الكتاب،والأستاذ يحيى قلاش نقيب الصحفيين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2016/01/12 00:28
    0-
    0+

    شكرا لك يا تهاني على كلماتك الجميلة ...
    وبعضنا نسي فلسطين الوطن قبل ان ينسى فلسطين الأنسان ..
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق