رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مبارك .. وناصر

لأننا فى موسم غسيل السمعة الآن، حيث يحاول الكثيرون إخفاء حقيقة مواقفهم السياسية على مر العهود، أو السعى لتبرئة نظام مبارك ورموزه من الكوارث التى حاقت بمصر ومازلنا نعانى آثارها، جاءت هذه الندوة التى نظمتها جمعية محبى الفنون الجميلة فى ذكرى انتصار المصريين على العدوان الثلاثي، لتكشف جوانب من موقف نظام مبارك الحقيقى من كل مايمت بصلة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

ففى أثناء تصوير فيلم «ناصر 56» الذى أنتجه التليفزيون المصرى زار الرئيس الأسبق حسنى مبارك استوديوهات التصوير خلال افتتاحه فى العام 1995 مدينة الانتاج الاعلامي، والتقاه النجم السينمائى الراحل أحمد زكى بطريقة أثارت الكثيرين.. فقد تعامل زكى مع مبارك باعتباره جمال عبد الناصر ولم يقل له سيادة الرئيس، كما قال زملاؤه، وقال بعدها لزملائه «إنه لا رئيس فى وجود ناصر».، وتقبل الجميع ذلك من أحمد زكى الذى كان فى حالة تقمص للشخصية أمام الكاميرا وبعيدا عنها.

الواقعة التى رواها المخرج الكبير محمد فاضل مخرج فيلم «ناصر 56» فى هذه الندوة قد توحى بقبول نظام مبارك للفيلم أو تبنيه سياسيا، لكن الحقيقة غير ذلك، والكلام أيضا على عهدة فاضل.

المخرج الكبير قال ـ وفقا للتقرير الذى نشره الأستاذ محمد حربى عن الندوة فى موقع «البداية» الإلكترونى، إن النظام شعر فى منتصف التسعينيات بنشاط ملحوظ للحزب الناصرى فى صعيد مصر وبعض مناطق القاهرة، فقرر أن يتبنى هو الفكرة الناصرية ويصدرها للشعب المصرى باعتبار أن الحزب الوطنى الحاكم آنذاك امتداد طبيعى لما آمن به ناصر وحاول تطبيقه فى مصر، ولذلك وافق التليفزيون المصرى على إنتاج الفيلم ولكن المسئولين بعد ذلك شعروا بورطتهم بعدما أثار إنتاج الفيلم قبل أن بدأ تصويره عاصفة من الحماس الشعبى لعودة ناصر إلى المشهد الفنى فى فيلم روائى للمرة الأولي.

كان فاضل صاحب فكرة تحويل الفكرة من فيلم تليفزيونى إلى سينمائى وتحمس الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن وأحمد زكى ، وفور بدء التصوير والحملات الإعلامية للفيلم بدأت المعركة الخفية لنظام مبارك لوقف الفيلم، بعدما شعروا أنهم تورطوا فى الحكاية.. بدأت القصة بمكالمة ساخنة سمعها المخرج فاضل بين ممدوح الليثي، المسئول البارز فى التليفزيون المصرى مع أحد رجال مبارك المقربين اعتراضا على إنتاج التليفزيون عملا فنيا عن عبد الناصر، فقرر الليثى وصفوت الشريف ـ وزير الإعلام وقتها - افتعال المعارك الصغيرة لوقف الفيلم بصورة لا تجعل الناس تظن ان النظام تراجع عن إنتاجه. بدأت الحلقة الأولى برفض إمداد تفاضل بأفلام خام بالأبيض والأسود وكان قد قرر إنتاج الفيلم كله بهذه النوعية من الأفلام ليمنح المشاهد ، كما قال الناقد السينمائى محمد الروبي، العودة النفسية لزمن أحداث الفيلم ولكى يمنح نفسه كمخرج استخدام لقطات وثائقية دون أن تقطع السياق البصرى للفيلم.

ولكن المخرج، كما أخبر جمهور الندوة، لجأ إلى أحد أصدقائه فى شركة للتصوير توفر له الأفلام الخام.

المشكلة الثانية افتعلها الليثى عندما طلب من فاضل التوقف عن التصوير لأن أسرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر غاضبة من الفيلم بسبب الأخبار التى تنشرها الصحف.. فاتصل فاضل بخالد عبد الناصر بوجود الليثى ليؤكد له نجل عبد الناصر أن الأسرة لا تتدخل فى العمل لأنها راضية وواثقة تماما فى الكاتب والمخرج والنجم الكبير ، فأسقط فى يد الليثى ومرت الأزمة الثانية.

الأزمة الثالثة كانت طعنا شخصيا فى نزاهة فاضل حيث يقول إنه فوجئ بأخبار ملفقة عن مجاملته زوجته الفنانة فردوس عبد الحميد، ومنحها مساحة درامية كبيرة فى الفيلم على حساب الفكرة السينمائية، واضطر فاضل ومحفوظ إلى اختصار مشاهد فردوس من36 مشهدا بحسب السيناريو الأصلى إلى ستة مشاهد فقط.

المشكلة الأخرى حدثت بعد إنتاج الفيلم ومروره من كل العقبات التى واجهته والحملة الإعلامية المنظمة ضده، عرض الفيلم فى مهرجان الإذاعة والتليفزيون ونجح نجاحا باهرا، وظن فاضل أن المعركة انتهت بانتصار «ناصر» إلا أن المسئولين ردوا عليه بجملة غريبة عندما سألهم: متى يعرض الفيلم للجماهير؟ حيث قالوا :«ربنا يسهل»... ونام ناصر فى أدراج التليفزيون المصرى قرابة عام كامل.

وعندما زارت وزيرة الاعلام الليبيبة صفوت الشريف قالت له «لو مش عاوزين تعرضوا فيلم ناصر، احنا نشتريه وندفع لكم كل التكلفة وزيادة ونعرضه فى ليبيا عندها شعر المسئول المصرى بالحرج وقرر عرض الفيلم منتظرا فشله وليستريح الجميع.

الفيلم الذى تكلف فقط 3 ملايين جنيه وتم تصويره فى عام تكامل ، حصد فى أسابيع قليلة أعلى إيراد فى تاريخ السينما المصرية، فقد حقق الفيلم 14 مليونا من الجنيهات وسط إقبال شبابى منقطع النظير.

وظن الجميع أن الفيلم سيستمر، إلا أن إدارة التليفزيون قررت وقف الحملات الدعائية للفيلم وسحبته من دور العرض فى عز نجاحه، ليتم قتل نجاح فيلم أو إخفاء صورة زعيم كان يمثل مشكلة لنظام ينهار أمام الشعب فى صمت من الطرفين.

قصة بسيطة تكشف دون مواربة حقيقة ماكان يجرى فى مصر.

# كلمات:

أفضل علاج للجسم هو الذهن الهادئ

نابليون بونابرت


لمزيد من مقالات فتـحي مـحـمود

رابط دائم: