اردت أن أصور قصة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم وكونت تعاليمه حضارة خصبة أغنت وجدان العالم لقرون طويلة، ودفعت سلالات من الاحياء فى طريق التقدم واكتشفت آفاقا من طبيعة الحياة والناس.
هذا ما يقوله الراحل الكبير عبدالرحمن الشرقاوى عن سبب قيامه بتأليف كتاب «محمد رسول الحرية»، وطول الكتاب تحدث المؤلف بعقلانية شديدة عن الإسلام وإنسانية الرسول وسمو رسالته بعيدا عن الغيبيات.
يقول إننى أدعو إلى قصة إنسان رائع البطولة ناضل على الرغم من كل الظروف ضد القوى الغاشمة من أجل الإخاء البشرى ومن أجل الحرية وكبرياء القلب المعذب، ومن أجل الحب والرحمة، ومستقبل أفضل للناس جميعا بلا استثناء: الذين يؤمنون والذين لا يؤمنون على السواء إنه ميراثهم جميعا!
يقول: إننا لسنا فى حاجة إلى كتاب جديد عن الدين يقرؤه المسلمون وحدهم ولكننا فى حاجة إلى مئات من الكتب عن التطور الذى يمثله الإسلام .. كتب يقرأها المسلمون وغير المسلمين لتصور ما هو إنسانى فى حياة صاحب الرسالة، وإن فى حياته لثروة لا تنفد من الاباء والرحمة والحب والحكمة والبساطة والقدرة الخارقة على التنظيم والإبداع وكسب القلوب.
ويسأل الشرقاوى فى دهشة بعد المعركة الكبيرة التى تعرض لها الكتاب: أحرام على أن أكتب لغير المسلمين عما فى حياة محمد النبى من روعة وبطولة وإنسانية ؟
وقد اخترت لهذا الكتاب الشكل القصصى لا شكل البحث لانى أقدمه أولا.. إلى غير المؤمنين بمحمد، والكتاب ليس مجرد عمل أدبى بل انه مسئولية فنية يجب أن ينهض بها من يشعر فى نفسه الاستقرار لها.
ويصف الشرقاوى الرسول بأنه بشر لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه أوغيره المرض أو الموت، وأنه يبكى مثلهم ويضحك، ويتعب وينشط وينام ويصحو، ويغضب ويرضى مثل كل الناس. وأنه ليجوع ويعطش ويأكل الطعام ويمشى فى الأسواق. ولا يعرف الغيب ولا هو بمعجز، فما البشر بمعجزين، لكن فى الصدر منه تتأجج الكلمة المضيئة التى يقتحم بها مجاهل الظلمات ليضيء شعاعها كل طرق الإنسان إلى الحق والعدل والعافية والصدق والخير، فيتحرر الإنسان مما يعاني.
فقد جاء الرسول بالاخاء والمساواة والعدل، جاء لتحرير القلب من سلطان الكهنوت وتحرير الرقاب من النخاسين وتحرير الوجدان من الخوف والهوان، لتنطلق كل طاقات الإنسان نحو عمارة الكون.
وانه يطالبهم بالعبادات لكنه يطالبهم أيضا بالعلم فهو الذى يؤكد أنه لا فضل لأحد على الآخر إلا بالمعرفة التى يذخر بها القلب. كما انه يجعل الإنسان مهيبا أمام كل القوى الغاشمة كقلعة حصينة الأسوار.. حتى أنه يقول لهم فضل العلم خير من فضل العبادة.
رابط دائم: