رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«الفنار» ىضىء الطرىق لجىل من المبدعىن

محمد بهجت
وسط عاصفة عاتية من المسرحيات الهزلية المسطحة التى لا ترقى حتى إلى مستوى «الاسكتش»، والتى أصبحت تملأ شاشات التليفزيون فى مختلف القنوات الخاصة، وانزلق فى تلك الموجة نجوم كبار لهم تاريخهم وبصماتهم فى المسرح المصري، وأصبح لزاما عليهم أن يقدموا الساندويتش الأسبوعى سريع التجهيز، تظهر بين الحين والآخر تجارب مسرحية شديدة الرقى والتميز، تحمل قيمة إنسانية عالية، وتبشر بمسرح حقيقى ينتمى إلى روح جيل الستينيات.

من بين هذه التجارب مسرحية «الفنار» التى يعرضها مسرح الشباب على مسرح القاعة الصغيرة، لمخرج موهوب ومبدع هو ماهر محمود، ابن مركز الإبداع بالأوبرا، وأحد الأصوات المميزة فى مجال الغناء الشرقى الأصيل، لكنه فى ذلك العرض يظهر لنا وجه المخرج الذى يمتلك أدواته، والمتأثر بأستاذه خالد جلال فى سرعة الإيقاع، وحيوية المشاهد، والحرص على إيجاد تناغم بين عناصر العمل، وعلى رأسها بالطبع العنصر البشري، وهو التمثيل.

المسرحية تدور حول شخصين يعملان معا فى فنار منعزل فى عرض البحر، وطبيعة كل منهما عكس طبيعة الآخر تماما، بحيث لا نلمح أى ميل أو مزاج مشترك بينهما، فالأول شديد الخجل والانطواء، والآخر مرح ومنطلق ويعشق الموسيقي، والحياة الاجتماعية، والأول يعيش قصة حب فى خياله، بينما الآخر تتعدد تجاربه العاطفية، وتسعى لمعرفته الفتيات، والأول شديد الالتزام بالأمور الروتينية التافهة، بينما الآخر يعيش الحياة بحرية، ويجدد من أسلوب حياته كلما عن له ذلك، ورغم هذا التناقض العجيب فهما مضطران للعيش معا تحت سقف الفنار، وكلما أظهر الخلاف بينهما جوانب جديدة من حياة كل منهما، نرى الرابط الذى يجمعهما، وهو أنهما عاشا معا الحياة نفسها بكل تفاصيلها، ثم نكتشف أنهما شخص واحد يعيش فى حالة مرضية تسمى «انفصام الشخصية» وأن الشاب الخجول المنطوى يبحث فى داخله عن روحه الحقيقية التى اختبأت طويلا، وحوصرت كثيرا حتى صارت مرضا يطارده فى كل لحظة

قدم الإعداد الدرامى للعمل الكاتب الموهوب محمد محروس، الذى كتب من قبل مسرحية «البيت النفادي» وعرضين آخرين، وهو من الكتاب القلائل أصحاب الأسلوب الواضح، والقدرة الخاصة على ايجاد الحوار بذكاء ومهارة ربما لا تتوافر عند بعض المؤلفين من أصحاب الأسماء الكبيرة اللامعة، وهو بالقطع يستحق احتفاء أكبر بأعماله المسرحية. وأبدع أحمد شحتوت فى وضع الموسيقى والألحان، وكذلك وضحت لمسات مصمم الديكور يحيى صبيح، الذى نفذته نهى نبيل بخامات بسيطة ومبهرة، أما بطلا العرض أحمد عثمان ومحمد درويش فقد أثبتا أنهما ممثلان من طراز رفيع، وقدما مباراة مشوقة حافلة بالمشاعر، والصدق الفني، والقدرة على تطويع الصوت والجسد والإشارات، بل ولحظات الصمت، لتخدم الدراما، وتجسد حالة المريض النفسى دون أن تكشف مرضه حتى آخر لحظة فى المسرحية. وهو عرض أدعو الفنان المبدع فتوح أحمد إلى الترويج له، ودعمه، وترشيحه لمهرجانات عربية ودولية، فهو باختصار عرض قصير قليل التكلفة، شديد الثراء بمفردات المسرح الحقيقي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق