رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الصراع العربى / الإسرائيلى: سياسى وليس دينيا

تردد أخيرا من بعض المفكرين والمثقفين فى مصر افتراضا بأن إزالة القدسية عن المسجد الأقصى سوف ينهى العداء بين المسلمين والإسرائيليين، وسوف يعم السلام بين الجانبين. كما تردد من نفس المثقفين والمفكرين تصور أن ثورة 1952 قامت من أجل «تحرير فلسطين» فحسب، وأن الضباط الأحرار تعهدوا بالانسحاب من السلطة بعد تحرير فلسطين.

بالنسبة للنقطة الأولى، نحن هنا لسنا بصدد معرفة إن كان للمسجد الأقصى قدسية أم لا، ولكن المسألة تكمن فى تصور أن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، أو بين الدولة الإسرائيلية والبلاد العربية، هو صراع فى الأصل دينى. إنما الواقع هو أن الصراع هو فى الأصل سياسى، إنه صراع على الأرض، بين شعب اغتصبت أرضه، ومجموعة من الإرهابيين فى الأصل، احتلوا هذه الأرض بالعنف والإرهاب. وإن كان المثل الذى قدمه هؤلاء المثقفون عن أن صابرا وشاتيلا لم ترتكبها إسرائيل، وإن المجزرة أرتكبها الكتائب اللبنانيون، ليبرئوا الإسرائيليين منها، هو مثل لا يعتد به. فقد تمت المجزرة تحت سمع وبصر وحماية الجيش الإسرائيلى وقائده أرييل شارون الذى أصبح فيما بعد رئيس وزراء البلاد. مثله فى ذلك مثل بن جوريون، الذى تزعم ميليشيات إرهابية فى الأربعينيات، شتيرن والإريجون، وقامت تلك الميليشيات بنشر الرعب والعنف والمجازر بين القرى الفلسطينية، لنشر الخوف والرعب بين المواطنين الآمنين، وتجبرهم على الهرب.

لم يقرأ هؤلاء المثقفون والمفكرون الكتب التى نشرها المؤرخون الجدد الإسرائيليون، والذين، بعد إطلاعهم على الأرشيف، كشفوا مدى كذب المؤسسين الأولين للدولة الإسرائيلية الذين إدعوا أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم وهربوا، وأن الجيوش العربية هى التى طلبت من المواطنين مغادرة الأرض حتى لا يعيقوا تقدم الجيوش العربية، لم يقرأوا كتب إيلان بابيه وغيره ممكن كتب عن فضيحة التطهير العرقى، وعن خريطة إسرائيل الكبرى التى قدمتها المنظمة اليهودية العالمية عام 1919 الى مؤتمر «فيرساى» والتى تضم أراضى فلسطين وتمتد الى جنوب لبنان حتى نهر الليطانى، والى منتصف شبه جزيرة سيناء، ولم يدركوا أن تلك الخريطة هى التى تسعى إسرائيل لتحقيقها.

بالنسبة للنقطة الثانية، فلا يجب اختزال ثورة 1952 فى تحرير الأرض الفلسطينية فحسب. فقد كشفت حرب فلسطين مدى الفساد الداخلى، وجاءت الثورة من أجل الاستقلال: الاستقلال السياسى والاستقلال الاقتصادى، ليس فقط فى مصر ثم فلسطين، ولكن أيضا فى كل دول العالم الثالث، فى أفريقيا والعالم العربى الذى كان لايزال تحت سطوة الاستعمار، ومن أجل إيجاد طريق ثالث وهو عدم الانحياز ليكون لدول العالم الثالث صوتا فى المحافل الدولية، تستطيع من خلاله نقل مطالبها وفرضها على القوى الكبرى والعظمى. ذلك هو المشروع القومى والعالمى الذى قامت من أجله ثورة 52، ولا يجب على مثقفينا ومفكرينا قصره على فكرة واحدة.

إن إسرائيل تحاول منذ سنوات تحويل الصراع بينها وبين الفلسطينيين والدول العربية الى صراع دينى، حتى يتسنى لها جذب تعاطف العالم لها على أساس فكرة معاداة السامية، من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى تستطيع بناء الدولة اليهودية الصرف، و «تطهيرها» من العرب المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وللأسف يساعدها من الوطن العربى هؤلاء المثقفون الذين تبنوا نفس الفكرة وتصوروا أن الصراع دينى.


لمزيد من مقالات ليلى حافظ

رابط دائم: