رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد إعادة تشكيلها برئاسة النائب العام:
لجنة استرداد الأموال المهربة فى مهمة صعبة

تحقيق: سيـــد صالـــح
لجان عديدة وقد تكونت العديد من اللجان الشعبية والرسمية لمكافحة الفساد، واسترداد الأموال المهربة من مصر- والكلام هنا للدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادي-، وقد توالت عملية تشكيل اللجان المخصصة لاسترداد الأموال المهربة إلى الخارج، منذ قيام ثورة يناير2011 وحتى الآن،

 كان أولها فى أبريل 2011، عندما أصدر المجلس العسكرى مرسومًا بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهري، مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع آنذاك، وفى يناير 2012 ، أصدر الدكتور كمال الجنزورى رئيس مجلس الوزراء آن ذاك- قرارا بتشكيل لجنة قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهرّبة، وتذليل العقبات التى تواجه عمل اللجنة القضائية، ومساعدتها فى التحرّى والبحث، وجمع الأدلة والمستندات الخاصة بتهريب الأموال المصرية، وفى أغسطس 2012 ، شكل مجلس الوزراء برئاسة هشام قنديل لجنة وطنية لاسترداد الأموال المنهوبة من جديد ، وبعد تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة مجلس الوزراء، قرر تشكيل »اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال، والأصول المصرية المهربة للخارج». قرار أوروبى وفى 22 مارس 2011، أصدر الاتحاد الأوروبى القرار رقم172 لسنة2011، والذى سمح بالتحفظ على الأموال المصرية لمبارك وكبار رموز حكمه، والموجودة فى البنوك الأوروبية لمدة عام بسبب مسئوليتهم عن اختلاس أموال الدولة المصرية، وحرمان الشعب المصرى من فوائد التنمية المستدامة لاقتصادهم ومجتمعهم، بل قام الاتحاد الأوروبى أيضا بطلب أكواد التحويلات الكبيرة التى تمت من مصر قبل وأثناء ثورة 25 يناير من الحكومة المصرية لتتبع هذه الأموال ومعرفة أين استقرت لوضعها تحت التحفظ. وبالرغم من كل هذه اللجان وهذه المحاولات، لم تتمكن مصر- كما يقول د. عبد النبى عبد المطلب- من استرداد الأموال المهربة للخارج، بل تحمل الاقتصاد المصرى مصروفات بدل الجلسات، والسفريات، والانتقالات، وترجمة مستندات وطلب استشارات، وتراوحت تكاليفها بين 100 و 300 مليون جنيه منذ نشأتها وحتى الآن. مهمة صعبة وفى تقديرى ، فإن عملية استرداد الأموال تضع على كاهل اللجنة مهمة صعبة وشاقة، حيث أنه من الصعب إقناع أى دولة فى العالم بفك السرية عن الحسابات المصرفية فى بلادها لتتبع هذه الأموال ، وذلك لأسباب عديدة ، منها حصول مبارك وكبار رموز نظامه على أحكام نهائية بالبراءة ، مما نسب إليهم فى العديد من القضايا التى نظرها القضاء المصري، وقد أعطى ذلك انطباعا لدى الدول التى سبق وأن جمدت بعض الأصول المملوكة لمبارك ، بأن الحكومة المصرية لا تمتلك دليلا مقنعا على أن هذه الأموال تم التحصل عليها من فساد، أو استغلال المنصب، أو بأى طرق أخرى غير مشروعة، كذلك عدم استجابة الحكومة المصرية منذ عام 2011 ، لطلب الاتحاد الأوروبى بتسليمه أكواد التحويلات الكبرى التى تمت فى مصر أثناء ثورة 25 يناير وما بعدها، حيث أنكر البنك المركزى مرور هذه التحويلات من خلاله أو من خلال البنك المركزى المصري، كما أن إقناع العالم بالتعاون مع الحكومة المصرية لتتبع الأموال المهربة، يحتاج وجود أحكام قضائية نهائية وباتة. أما بالنسبة للأموال التى تم تهريبها من مصر أثناء ثورة 25 يناير وما بعدها، فبالرغم من عدم وجود أرقام ولا معلومات مؤكدة فى هذا الأمر، فان تقرير الاستثمار العالمى لعام 2013 قد أشار بوضوح - لا لبث فيه- إلى خروج نحو 8 مليارات دولار من مصر خلال عام 2011، وفى نفس الفترة، ارتفعت حجم الأموال التى دخلت إسرائيل بنحو 7,4مليار دولار، وأشار تقرير آخر صدر عام 2014 ، إلى أن أرقام الأموال الداخلة إلى إسرائيل عادت لمستواها الطبيعي، وهذه البيانات قد تعنى تهريب نحو 8 مليارات دولار من مصر إلى إسرائيل، أما عبر قنوات غير شرعية، أو عبر الحدود، ثم تم توجيه هذه الأموال من إسرائيل إلى باقى دول العالم، وبذلك فانه يمكن تقدير الأموال المهربة خارج مصر حتى نهاية عام 2011 ، بنحو 26مليار دولار، أى نحو 180 مليار جنيه مصري. ويبقى السؤال: إلى أى حد يمكن أن تسهم اللجنة الجديدة فى استرجاع هذه الأموال المهربة؟ د.عبد المطلب: أعتقد انه من الصعب أن تتمكن اللجنة الجديدة من استرجاع أى أموال من تلك المهربة للخارج، حيث أن البنوك الأوروبية سوف تلغى تجميد أموال مبارك بعد الحكم ببراءته، كما أن القانون السويسرى لا يسمح إلا بتجميد الودائع فى البنوك فقط حال وجود أى منازعات بشأنها، لكنه يمنع مصادرتها أو إعادتها للدول التى هربت منها إلا بعد صدور حكم نهائى بات غير قابل للطعن، يثبت الحصول على هذه الأموال بطرق غير مشروعة، كما أن هذا الحكم سيجعل لجنة استرداد الأموال فى موقف صعب إذا حاولت استكمال عملها ، بل قد لا تهتم البنوك الأوروبية بالرد عليها أو التعامل معها باعتبار أنها لجنة لا تقدم الحقائق حيث الحكم فى القانون الأوروبى هو عنوان الحقيقة، إن لم يكن الحقيقة نفسها، ومهما كان حجم الأموال المهربة ، فإن عودة هذه الأموال إلى مصر أصبحت مستحيلة ، كما أننى أعتقد أن مهمة هذه اللجنة صعبة للغاية، للأسباب السابق ذكرها. مبادرة شعبية وإلى جانب الجهود الرسمية، تشكلت المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة، برئاسة معتز صلاح الدين، وتتمثل جهود المبادرة الشعبية لاستعادة الأموال المنهوبة على مدى 4 سنوات ونصف ، فى مساهمتها مع الجهود القضائية المصرية، فى تجميد مليار و300 مليون دولار من أموال «مبارك» وأسرته ورموز النظام الأسبق فى سويسرا وبريطانيا وأسبانيا، وعدة دول أوروبية، وتجميد ممتلكات عقارية وسيارات تخص بعض رموز نظام مبارك فى أسبانيا، وتسليم اللجنة القضائية الرسمية السابقة، وكذلك تسليم المستشار كامل جرجس، رئيس مكتب التعاون الدولى بالنيابة العامة المصرية، مستندات فساد لرموز النظام ، كانت المبادرة قد حصلت عليها من أمريكا ودول أوروبية، ويتم الاستفادة من هذه المستندات فى قضايا الفساد بالداخل والخارج، كما شكلت المبادرة منذ أكثر من 4 أعوام، تحالفا بريطانيا فى مجلس العموم البريطانى برئاسة أندى سلوتر، عضو مجلس العموم البريطاني، وبموجبه تم تجميد 44 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى 40 مليون جنيه إسترلينى سبق تجميدها ، إلى جانب تشكيل تحالف برلمانى آخر متطوع فى أمريكا يساند المبادرة، يقوده منذ 4 أعوام عضو الكونجرس الشهير، ديفيد برايس، مشيرا إلى أن قرار سويسرا بتجميد مبالغ وصلت إلى 763 مليون دولار من أموال رموز النظام السابق، كان نتيجة مساندة المبادرة للجهود الرسمية المصرية. التصالح.. حل مضمون وقد صارت قضية استردادها مطلبا جماهيريا، قضية الأموال المهربة- كما يقول الدكتور فخرى الفقى الخبير الاقتصادي- عقب ثورة 25 يناير 2011، ، علما بأن لجنة استرداد الأموال التى تم تشكيلها مؤخرا ، برئاسة النائب العام المستشار نبيل صادق- ليست اللجنة الأولي، فقد تشكلت لجان عديدة، و تعثرت جميعها فى استرداد هذه الأموال، لأنه لم تكن هناك تفاصيل كاملة حول حجم هذه الأموال، ولا أماكن إيداعها، مشيرا إلى أن إحدى المنظمات الأمريكية قد أعلنت بعد ثورة 25 يناير 2011، أن الأموال التى تم تهريبها من مصر، قد بلغت 132 مليار دولار، بما يعادل 845 مليار جنيه وفقا لسعر صرف الدولار فى عام 2011، ومن المتوقع أن تكون هذه الأموال قد شقت طريقها إلى العديد من البنوك فى سويسرا، وهونج كونج، وجزيرة ليشنشتين فى المحيط الأطلنطي، وجينرسى لاند، وبعض البنوك فى جزر البهاما، والكناري، ومن الصعب الوصول إليها، لأن مثل هذه المصارف لا تخضع للرقابة البنكية، كما أنها تمثل ملاذات آمنة لتهريب الأموال المتحصلة بطرق غير مشروعة. وبالرغم مما أثير حول حجم الأموال المهربة، إلا أن ما تم الكشف عنه، وتجميده بالفعل، - كما يقول الدكتور فخرى الفقي- بلغ نحو 680 مليون فرنك سويسرى ( 750 مليون دولار) ، فيما كشفت بريطانيا عن تجميد 220 مليون جنيه إسترلينى فقط، موضحا أن إجمالى ما تم الإفصاح عنه ، وتجميده من أموال سائلة بالبنوك، وأصول عينية ( قصور، وفيلات، وشقق، وشاليهات فى منتجعات) يقدر بنحو 1,8 مليار دولار، غير أن التعديل التشريعى الذى صدر مؤخرا، ويسمح بالتصالح، يشكل نافذة أمل لاسترداد جزءا من أموال الشعب المنهوبة. إثبات عدم مشروعية الأموال والحال كذلك، فإن السبيل لاسترداد هذه الأموال والكلام هنا للدكتور أحمد أبو الوفا رئيس قسم القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة القاهرة- وهو ضرورة صدور أحكام قضائية نهائية باتة، بعدم مشروعية هذه الأموال، والاستيلاء عليها دون وجه حق، لكن الذى حدث هو أن المتهمين حصلوا على أحكام بالبراءة فى قضايا المال العام، ما يجعل استرداد هذه الأموال أمرا مستحيلا، مشيرا إلى أنه يمكن إعداد ملف كامل بالوثائق والمستندات، عن حجم هذه الأموال، وأماكن إيداعها، وإقامة دعاوى أمام القضاء الأجنبي، وهو الذى يتولى الفصل فى أحقية مصر فى هذه الأموال من عدمه.

الأموال المهربة كما تقول الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة القاهرة- أثارت جدلا كبيرا داخل المجتمع المصري، وحظيت بالعديد من النقاشات، وشكلت من اجل استردادها العديد من اللجان، وأعتقد أننا لم نصل إلى نتيجة تذكر، بدليل تشكيل لجنة جديدة مؤخرا، وقبل كل ذلك لابد من الكشف عن الجهود التى بذلت من خلال اللجان السابقة، لبيان العقبات التى حالت دون استرداد هذه الأموال حتى الآن، مؤكدة أن الحل الوحيد هو صدور أحكام قضائية نهائية وباتة بعدم مشروعية هذه الأموال، إذ لا يمكن أن تسمح أى دولة بالكشف عن أموال شخص ما، أو الموافقة على استردادها دون سند قانوني، وإلا فقدت الثقة فى بنوكها، وعرضت اقتصادها للانهيار. أما اللجوء إلى القضاء الدولي، وإقامة دعاوى قضائية لاسترداد هذه الأموال، فهو فى تقديري- قد لا يكون مجدياً، وإنما السبيل الوحيد لاسترداها ، هو صدور أحكام قضائية نهائية وباتة- كما ذكرت- لكى نثبت للدول المضيفة لهذه الأموال ، وبما لا يدع مجالا للشك، بأن هذه الأموال تم تحصيلها بطريق غير مشروع، وأنها ملك للشعب، ومن ثم يحق لنا استردادها، إذا تمكنا من إثبات ذلك عبر أحكام قضائية نهائية وباتة، وبدون ذلك ، فلا مجال للحديث عن استرداد هذه الأموال من الأساس.

[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق