رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المستثمرون يطرحون حلا
الواردات تستنزف الدولار .. والمنتجات المصرية تواجه منافسة غير شريفة

تحقيق:مى الخولى
إن حرية السوق لا تعنى عدم رعاية الصناعة الوطنية ، كما لا تعنى فتح الأسواق للمنتجات الواردة دون ضوابط،ولا السماح بحالات الإغراق، الأمر الذى ترتب عليه تعثر وتوقف صناعات أساسية فى مصر ، بل إن الدول الرائدة فى اقتصاد السوق الحر تقوم بحماية صناعاتها المحلية وتراجع أساليبها فى تقديم الحماية اللازمة لصناعاتها بصفة دورية من المنافسة غير الشريفة أو غير العادلة.

فلقد طالعتنا الصحف بكلمات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية " أوباما " فى أكتوبر 2012 بقوله : "لقد رأينا تحولا ملحوظا فى الصين خلال العقود الأخيرة ، لكن الحقيقة أيضا أن الصين أصبحت أكثر عدوانية من خلال التلاعب بالتبادل التجارى لمصلحتها وفى غير مصلحة باقى دول العالم ، وكمثال واضح لذلك التلاعب فى سعر صرف العملة ، مما يجعل صادراتنا لهم أكثر غلاء ووارداتنا منهم أكثر رخصا "

والسؤال الواجب طرحه الآن لماذا تبدد مصر ملايين الدولارات على سلع يمكن الاستغناء عنها بالأساس؟ إنها الاتفاقيات الدولية ، الجات تحظر التضييق أو المنع ... كل هذه الواردات هى المعنية الأولى باستنزاف العملة الدولارية وارتفاعها فى مقابل الجنيه لزيادة الطلب عليها .. إذن لا سبيل سوى إعلاء المنتج المحلى لخفض الطلب على الدولار ولخلق اقتصاد وطنى قادر على تحمل تقلبات السوق العالمى ، ولكن كيف وسط هجران المنتج المحلى لصالح المستورد؟ ، وكيف أنهكت الدول الموردة المنتج المحلى المصرى حتى صارت منافسته للمستورد بشق الأنفس؟ ،ثمة أشياء سيكشفها أصحاب تلك الصناعات المصرية خلال هذه السطور القادمة ولعلنا نشدد على كتف المستوردين وندعوهم إلى استثمار أموالهم فى صناعة محلية بديلا عن الاستيراد , على ان تحل الدولة مشاكل الاستثمار فى مصر.

أحمد شرطى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الجلدية ، يقول إن الصناعة المحلية تواجه مشكلة ألاعيب الاستيراد غير الشرعي، حيث يتلاعب المستورد فى الأسعار الحقيقية للفواتير ، وأحيانا فى الكمية أيضا، للتهرب الجزئى من الجمارك والضرائب، وهو ما يستدعى ضرورة وجود أسعار استرشادية فى الجمارك، وإحكام قبضة الرقابة على أعداد البضائع الحقيقية بالكونتيرات، حتى يتم كشف تلك الألاعيب ، وهو ما أكده أيضا محمود برعى الأمين العام لجمعية المستثمرين، قائلا ذات مرة اكتشفت الجمارك أن سعر العلبة المغلفة للحذاء أغلى من ثمن الحذاء ذاته، ففى حين كان سعر العلبة 6 دولارات، كان سعر الحذاء دولارا واحدا !

ويضيف الشرطى لابد من إيجاد صيغة لحماية مكاتب الاستيراد والتصدير من منتحلى الصفة ،ويكشف تلك الألاعيب قائلا إن البعض يأخذون بطاقات من أشخاص ليسوا ذوى صفة تصديرية، بل إن الأمر وصل إلى اخذ بطاقات فراش أو بواب يعمل بالمنزل واستغلالها فى ترخيص بطاقة استيراد لأشخاص اعتباريين حتى وصل الأمر لتقدير تلك البطاقات ب 50 :60 بطاقة شهريا، للتهرب من الضرائب والجمارك، ويقوم بعدها باستيراد رسالة أو أثنتين ومن ثم يغير الأشخاص، حتى لا يتم الاستدلال عليهم، ومن ثم يبيع بأسعار أقل لأنه لم يتحمل تكاليف إضافية تتحملها مكاتب الاستيراد المسجلة، ولا يخضع للمراجعة أو المحاسبة، مما يؤدى بالنهاية إلى مزيد من التهرب الجمركى وإغراق للسوق ، فلابد من تقنين إصدار تراخيص المستوردين وربطها بحساب بنكى ومكاتب يمكن الوصول إليها.

ويفجر الشرطى مفاجأة عن استنزاف الدولار فى مصر، فهناك أشخاص يقومون بتصدير جلود بكميات كبيرة ويزورون فواتير بأسعار زهيدة ليست حقيقية ،وقد اكتشفنا أحد المصدرين قام بتصدير ربع مليون قدم جلود ،ثمنهم لن يقل بحال من الأحوال عن ربع مليون دولار، لكنه قدم فواتير تثبت أنه باعهم ب 3 آلاف دولار !! المبلغ المتبقى من الدولارات يتبقى فى الخارج ولا يدخل البلاد لتسهيل عملياته فتضيع عليها كل هذه المبالغ ، إضافة الى ضرائبها وجماركها ، فليس من المعقول أن من يصدرون منذ 50 عاما أغلقوا مصانعهم لنترك الاقتصاد القومى بيد من يلعبون به.

وفيما قال صابر الصباحى سرور رئيس لجنة الخدمات وعضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى 6 أكتوبر ومن أصحاب مصانع النسيج أن الصناعات النسجية يتفرع منها عدة صناعات أخري، بداية من الغزل المستورد ثم نسجه للحصول على مادة خام ثم تصنيع الملابس الجاهزة منها،ونواجه فيها عدم توافر القطن لأن القطن المصرى من المفترض أن يتم تصديره للحصول على العملة الصعبة ، ثم نستورد نحن أقطانا من باكستان والهند وأوزبكستان بالعملة الصعبة أيضا ، وبارتفاع الدولار أو تعرض مزارع القطن فى هذه الدول لحرائق تحدث أزمة لدى مصانع الغزل والنسيج.. الأمر إذن أشبه بدائرة مفرغة نصدر القطن المحلى للحصول على الدولار، ثم نستورد بدولارات أخرى قطن مستورد، فيذهب الدولار الذى حصلنا عليه ! ثم نقوم باستيراد الأحبار والصباغة من الخارج أيضا بالدولار!!

مشيرا إلى أن الدولة تحصل ضريبة مبيعات على الأقطان والصباغة تصل إلى 17 % ، يضاف إليها 13 % ضريبة على الملابس الجاهزة بما يعادل 30 % ضريبة على صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة ، وبعد البيع تحصل الدولة من المشترى على 10 % ضريبة مبيعات إضافية وهو ما يرفع سعر المنتج النهائى على المستهلك مقارنة بالمنتج المستورد من بعض البلاد مثل الصين نتيجة الأحمال المكلفة على المنتج، فى حين أن المنتج المستورد يكون أقل سعرا وأقل جودة.

ويضيف الصباحى ،أنه بخلاف ذلك تبرز مشكلة عدم توافر العامل المدرب فى مصر وهو ما يكلف أصحاب المصانع المحلية الكثير من الخسائر ،قائلا إنه بعد خصخصة مصانع الملابس تم تشريد العمالة المدربة ،وأصبحت المصانع المنشأة حديثا تجد بالكاد عمالة غير مدربة،ولم يعد الإقبال من الشباب على تلك الصناعة، حتى طلبة معاهد مبارك كول ، يعزفون عن اختيار قسم الملابس الجاهزة، واضطررنا لخفض مجموعها لأدنى درجة قبول شعب لينضم إليها طلبة، مشيرا إلى أن مشكلة العمالة المدربة مؤثرة بشكل كبير على هذا القطاع حتى أن أغلب المصانع العاملة الآن تعمل بطاقة من 10 : 15 % من طاقتها الإنتاجية وأفضلها لا يتعدى ال 25 % من طاقته الإنتاجية بسبب نقص العمالة وبينما حذر المستشار محمد الزينى رئيس غرفة تجارة دمياط من أن حجم الأثاث المستورد بالسوق المصرى بلغ 50 % من الأثاث المعروض ، وهذه النسبة يقابلها بالضرورة إغلاق 50 % من ورش دمياط ،مطالبا بتطبيق المواصفات القياسية على الأثاث المستورد والذى يحوى الكثير من عيوب الصناعة ويتكون من لدائن ، وإذ ما طبقت تلك المواصفات فلن يدخل البلاد قطعة واحدة، مشيرا إلى أن حجم الطلب على الأثاث الكلاسيكى بالعالم يبلغ 3% تنتج دمياط 100% منه، وهو ما يجب أن يحفز الدولة للاهتمام بتسويقه فى معارض خارجية.

ولم تكن صناعات الجلود والغزل والنسيج والأثاث وحدها التى تواجه منافسة غير شريفة، فقد تعرضت صناعات أخرى للإجهاض ، فقد تعثرت قبلهم النصر للسيارات ، والمراجل البخارية،ومازالت صناعات كثيرة غيرها تتعرض لضربات عنيفة مثل صناعة السكر وغيرها،وستظل الصناعات المحلية تسقط واحدة تلو ألآخرى إذا لم تأبه لها الدولة والمواطنون أيضا، فانخفاض الصادرات المصرية وزيادة المدفوعات للخارج بسبب الواردات الرسمية والمهربة ،هو ما يؤدى بالنهاية إلى انخفاض النقد الأجنبى .

ونتيجة لكل ما سبق فقد انتبه الاتحاد المصرى للمستثمرين لحجم الكارثة وطالبوا بتشكيل لجنة مشتركة تضم الحكومة ورجال الصناعة والمال والأعمال لمراجعة الاتفاقيات التجارية الموقعة، وحظر السلع الاستفزازية التى تقدر حصيلة فواتيرها بنحو 10 مليارات دولارات وفقا لتصريح رئيس لجنة الضرائب السابق باتحاد الصناعة فى فبراير 2015.

وأوضح الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين أنه ربما يتعلل البعض بالاتفاقيات الدولية وأحكام منظمة التجارة العالمية والمادة 11 من اتفاقية الجات لسنة 1994 ، لكن حتى مع هذا فمن الممكن أيضا رفع التعريفة المطبقة إلى مستوى التعريفة المربوطة فى جدول التزامات مصر بمنظمة التجارة العالمية ، وفى الوقت نفسه إذا لم يف رفع التعريفة المطبقة على الواردات إلى التعريفة المربوطة، فإنه يمكن اللجوء إلى القيود الخاصة بحماية ميزان المدفوعات.

المشكلة بالأرقام
بلغت واردات مصر طبقا للمجموعة السلعية خلال عام 2014 523 مليارا و433 مليون جنيه ، سوف تندهش إذا علمت أننا استوردنا خلال عام واحد ب 575 مليون جنيه لعب أطفال وأدوات رياضية ،و12 مليون جنيه أدوات موسيقية، ومليون جنيه تحفا فنية ، وسكاكين وأدوات مائدة بـ 916 مليون جنيه، وريش وأزهار صناعية بـ 35 مليون جنيه وشمسيات بـ 11 مليون جنيه ، وخزف بمليار و 126 مليون جنيه ،و6 مليارات و600 مليون جنيه لؤلؤ وأحجار كريمة وحلي، وبن وشاى وبهارات ب 3 مليارات و753 مليون جنية، وبارفانات ومستحضرات تجميل ب 2 مليار و451 مليون جنيه، وتبغ ب 2 مليار و217 مليون جنيه، ومشروبات كحولية وخل 425 مليون جنيه، وكاكاو ب 888 مليون جنيه، وأغذية حيوانات ب 7 مليارات و886 مليون جنيه، وصابون وشموع صناعية ب 2 مليار و451 مليون جنية ، و79 مليون جنية للثوم الطازج، و55 مليون للكيوي،128 مليون للبرقوق ، و86 مليون للخوخ، و2 مليار و215 مليونا للتفاح، ومليار و212 مليون جنيه للتونة ، و467 مليون جنيه للرنجة، و 155 مليون جنيه للبسكويت ، و701 مليون جنيه للجمبرى والحبار، و530 مليون جنيه للياميش، وطرح وأغطية رأس ب 44 مليون جنيه، وجوز هند ب 181 مليون جنيه.

على الجانب الآخر، ستجد وارداتنا من الأثاث والمنشآت جاهزة الصنع والتى تنافس مصانعنا ذات المواصفات العالمية للتصنيع فى دمياط ، قد بلغت 2 مليار و334 مليون جنيه، فى حين بلغت وارداتنا من الملابس ما قيمته 4 مليارات و880 مليون جنيه منها مليار و10 مليون جنيه للملابس المستعملة ، وهذه الملابس المستعملة تنافس مصانع الملابس الجاهزة والصناعات النسجية فى مصر والتى أغلق أغلبها وأوشكت الصناعة على الانتهاء ، وأحذية جلدية ب 743 مليون جنيه تنافس أيضا بغير شرف صناعة الجلود لدينا ، كما بلغت وارداتنا من السكر ومصنوعاته خلال ذات العام 4 مليارات و208 مليون جنيه ،فى نفس الوقت الذى صرخ مصنعو السكر من هلاك منتجهم بعد استيراد الدولة لسكر أقل سعرا من الخارج، وبالمثل بلغت وارداتنا من القطن 4 مليارات و933 مليون جنيه للعام ذاته ، وحرق المزارعون المصريون أقطانهم على الأرض دون بيعها اعتراضا على تدنى سعر الشراء، وبلغت وارداتنا من الأسماك والقشريات ب 4 مليارات و40 مليون جنيه ، وتركنا أسماك بحيرة ناصر ثانى أكبر بحيرة صناعية فى العالم غداءا للتماسيح،وفى الوقت نفسه يدعونا معرفة أن وارداتنا من الزجاج ومصنوعاته تبلغ مليارا و126 مليون جنيه للعام الواحد الى البكاء على رمال سيناء الثروة المهدرة والتى بإمكانها تجنيبنا دفع ذلك المبلغ حال تصنيعها، وتدعونا أيضا قيمة ال 42 مليار جنيه و22 مليون جنيه الى التحسر على شركة المراجل البخارية المصرية، وليس عنها ببعيد شركة النصر للسيارات فيجب أن نتحسر أيضا عليها حين نعرف أن وارداتنا من السيارات والجرارات والدراجات تصل الى 37 مليارا و861 مليون جنيه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق