رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مجلس النواب والسياسة الخارجية

خطاب مصر للعالم الخارجى يعتمد بالدرجة الأولى على ما يطرح فى جولات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى زياراته الكثيرة للعواصم العالمية وبقدر ما يقدم الرجل صورة مغايرة لمصر على قدر ما ينسى آخرون واجباتهم تجاه تحسين تلك الصورة التى لا تعتمد فقط على تقديم مصر سياسيا، ولكن هناك حاجة ماسة لتقديم مقومات هذا البلد على أصعدة عدة. أكثر ما أثار انتباهى فى زيارة أخيرة للاتحاد الأوروبى فى بروكسل هو تعويل الجانب الأوروبى على وجود مجلس النواب الذى سيكتمل قوامه خلال أيام قليلة معلنا انتهاء خريطة المستقبل ووجود سلطة تشريعية منتخبة تكون شريكا فى صناعة القرار الداخلى بامتياز. ينتظر الأوروبيون تقديم الحكومة المصرية برنامجا اقتصاديا أكثر وضوحا فى وجود المجلس التشريعى الجديد، مثلما قالت لى مسئولة بارزة حتى يمكن المضى فى علاقة تعاون أكثر رسوخا وثباتا وهو ما يعنى أن نواب البرلمان المقبل سيتحملون مسئولية مهمة فى التواصل مع الشركاء الكبار من اللحظة الأولى لانعقاد البرلمان. فى التواصل مع العالم الخارجي، يحتاج النواب الجدد الى اعداد مختلف قبل الاجتماع بنظرائهم من البرلمانات الأجنبية، فما سيطرح عليهم عما جرى فى البلاد فى العامين الماضيين من تغيرات جذرية تحتاج الى شروحات مطولة والى خبرة وصبر فى الاجابة عن أسئلة بعضها سيكون حادا ومحملا بكثير من الأحكام المسبقة، وربما المتسرعة، بشأن ما جرى من يوم 30 يونيو 2013.

لا يكفي، من واقع ما سمعت فى واشنطن وبروكسل أخيرا، أن نتحدث عن استكمال خريطة الطريق دون أن نستعد برؤية أشمل لما حدث من تطورات أدت الى خروج الجماهير ضد الحكم السابق وفى تلك المسألة لا يرى الآخرون الصورة مثلما نراها ويحكمون على التطورات وفقا لخبراتهم وتجاربهم. فالغرب لم يعاين وصول جماعة دينية متشددة الى الحكم فى تاريخه ولم يختبر التسلط المستتر باسم الدين على أرضية العملية الديمقراطية، وبالتالى ربما يواجه النواب فى زياراتهم الخارجية أسئلة تحتاج الى حنكة تتفهم العقلية الغربية ويردون بما يناسب القناعات الداخلية التى تؤمن بها الأغلبية الساحقة من المصريين حتى لو كان بعضهم لديه اعتراضات على بعض السياسات الحالية. لا يتفق مع رأى الأغلبية فى مصر الكثيرون فى الغرب ولكنهم يتحدثون لغة المصالح فى نهاية الأمر، ولا يهمهم الاصغاء الينا فى قضية مكافحة الارهاب لأنهم يعتقدون أن منبع التطرف فى مجتمعاتنا، وأن السياسات المتعاقبة من عقود قد أنتجت وحش الارهاب دون أن يلتفتوا كثيراً الى الحقائق عن صناعة ماكينة التشدد والعنف فى جبال أفغانستان وحقيقة دور حرب العراق فى نقل ساحة المواجهة مع الارهابيين الى بلادنا ثم استفحال غول التطرف على وقع سياسات غربية خرقاء بعد موجة الربيع العربي. فى المناقشات الأخيرة بالمفوضية الأوروبية، قالت مسئولة بارزة بشكل مفاجيء إنها تؤمن بمقولة دبلوماسى أمريكى سابق أن كل المشكلات فى الشرق الأوسط تبدأ فى السجون المصرية! كانت المقولة صادمة ولا تعبر عن حقائق ظهور الجماعات المتطرفة ومن يساندها فى الغرب، لكن فى نهاية الأمر جميل أن نعرف من أين يستقون معلوماتهم حتى يمكننا الرد بعقلانية ودون عصبية.

نحن فى حاجة الى صياغة رؤية تطلع الآخرين على ما نبذله من جهد لاصلاح الأوضاع التى تنتج التطرف فى مجتمعاتنا، وأن نلتفت الى التحول الايجابى فى الملفات الاقتصادية والاجتماعية التى تنعكس على شرائح واسعة من الشباب والطبقات المهمشة فى المجتمع، وتؤكد وجود أفكار جامحة تتفاعل مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فى عملية مستمرة لن يوقفها سوى اطلاق عملية تنمية شاملة تهتم بالانسان فى المقام الأول. لابد أن يرفع البرلمان الجديد عن كاهل الرئيس مسئولية التحدث بشكل دائم فى القضايا الداخلية وأن يتفرغ لصياغة رؤية مصرية خالصة تتوجه لمصلحة استعادة دور مصر الاقليمى والدولى فى توقيت تحتاج فيه شعوب المنطقة الى قيادة مصر واسهاماتها فى تجنيبهم المزيد من الكوارث التى تتدحرج واحدة تلو الأخرى دون أن يظهر فى الأفق من يمكنه جمع شتات الأمة على موقف موحد، وأينما تحدثت مع مواطنين عرب تجدهم يترقبون موقفا مصريا رائداً بعد صمودها الكبير فى وجه الارهاب ودعاة الفرقة والتقسيم..

نواب الشعب الجدد لديهم مهمة خارجية ليست بالهينة تحتاج من يملك المعرفة ومن يقدر على ضبط بوصلة الحوار مع أصوات متنافرة فى محيط عالمى مضطرب!


لمزيد من مقالات عزت ابراهيم

رابط دائم: