رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ترويض جنون الأسعار !

لا يكاد يمر يوم دون أن ترتفع الأسعار، فأسعار اليوم ليست كأسعار الأمس، وأسعار الغد مختلفة عن أسعار اليوم، وهكذا يجد المواطن نفسه في«حسبة» صعبة ومعقدة، يلهث وراء الأسعار دون قدرة على مواجهتها، ومن هنا كان تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى وتوجيهه الحكومة بضرورة ترويض جنون الأسعار من خلال إجراءات عملية وملموسة يشعر بها المواطن بعيداً عن الكلام المعسول والتصريحات الإنشائية البعيدة كل البعد عن أرض الواقع، وبالفعل اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات التى تأكد معها أن مواجهة ارتفاع الأسعار ليست أمراً مستحيلاً، وان عودة الأسعار إلى سابق عهدها أمر ممكن ولكن بشروط، فإذا تحققت الشروط انخفضت الأسعار، أما الكلام والتصريحات فهى تؤدى إلى إشعال الأسعار أكثر من تهدئتها.

الحكومة قطعت نصف الطريق فى الحرب على الأسعار حينما قررت مواجهة احتكارات السلع، والدخول إلى السوق كشريك ولاعب رئيسي، واتخاذ كل مايلزم من أجل ذلك سواء بالاستيراد أو الشراء المباشر من المنتجين، وتوزيع هذه السلع من خلال المنافذ الحكومية وشركات قطاع الأعمال ومنافذ القوات المسلحة ومنافذ شركات المجمعات الاستهلاكية.

كل هذه الإجراءات نجحت فى ترويض الأسعار المجنونة، وخفض أسعار الكثير من أسعار السلع، وبالذات السلع الغذائية، وبعد أن كنا نسمع عن زيادات يومية فى أسعار اللحوم والدواجن، بدأنا نسمع عن تثبيت أسعارها فى المنافذ الخاصة، وخفضها فى المنافذ العامة والحكومية، وتم تحديد سعر كيلو اللحوم الطازجة بخمسين جنيها فقط فى المجمعات والمنافذ، وكيلو الدجاج بعشرين جنيها، ونفس الأمر امتد إلى الكثير من أسعار السلع الغذائية التى كانت خارج السيطرة.

تجربة الدواجن تستحق أن نتوقف أمامها فقد أعلنت وزارة التموين عن طرح مناقصة لاستيراد المجزءات بأسعار رخيصة تمهيداً لطرحها فى السوق مما أدى إلى أزمة عنيفة لدى أصحاب مزارع الدواجن التى يعمل بها مايقرب من مليونى عامل، بالاضافة إلى الاستثمارات الضخمة فيها التى تقدر بالمليارات.

تحرك اتحاد منتجى الدواجن، وطالبوا الحكومة بالحوار واستغاثوا بالرئيس عبد الفتاح السيسى للوصول الى حلول، وبالفعل توصلوا الى حلول عملية مع وزيرى التموين والزراعة تضمن تعهدهم بتوريد الدواجن بنفس أسعار الدواجن المستوردة الرخيصة، وفى نفس الوقت تعهدت الحكومة بتقديم كل ما يلزمهم من تيسيرات تساعدهم على النهوض بصناعة الدواجن وصمودها أمام المنافسة الأجنبية.

هذه الطريقة هى نموذج عملى لما يمكن تعميمه فى مختلف القطاعات، فالهدف واضح ومحدد وهو خفض الأسعار وضبطها لصالح كل المواطنين، وفى نفس الوقت الحفاظ على الصناعة الوطنية غير المستغلة (بكسر الغين)، ولو فكرت الحكومة بنفس المنطق فى كل المجالات الزراعية والصناعية والانتاجية المختلفة لكان ذلك كلمة السر فى تقدم مصر فى كل مناحى الحياة، فالحفاظ على الصناعة الوطنية أمر مطلوب وضرورى ولكن دون استغلال أو احتكار أو مغالاة فى الأسعار.

مواجهة الأسعار تحتاج إلى حزمة متكاملة من الاجراءات بدأتها الحكومة بالتدخل فى توفير المعروض من السلع باسعار تنافسية ومقبولة لدى المواطنين، ولكن لابد من استكمال نصف الطريق الآخر وهو زيادة الانتاج والحفاظ على الصناعة الوطنية ودعمها دون استغلال أو احتكار، لأنه لن تنخفض الاسعار إلا بوجود انتاج محلى كاف من السلع، أما الاعتماد على الاستيراد وحده فهو كارثة تؤدى الى مزيد من التدهور الاقتصادي.

لابد من الاعتراف بإننا أمام أزمة إنتاج، وأمام بعض الأفراد الذين لا يريدون أن يعملوا، وأمام كيانات اقتصادية هشة تحتاج إلى ثورة ادارية وإنتاجية لكى تنهض من جديد، لا فرق فى ذلك بين القطاعين العام والخاص، وعلى الحكومة أن تراقب وتتدخل وقت اللزوم سواء بتذليل العقبات كما حدث فى أزمة الدواجن، أو بالاستيراد مؤقتا كما حدث فى بعض السلع الأخري، لكن تبقى كلمة السر دائما هى الإنتاج ولا شيء غيره لخفض الأسعار وترويضها.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة

رابط دائم: