رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مصر والخليج.. هل هناك أزمة صامتة ؟

تحت السطح هناك بعض القوى التي تلعب على حبل العلاقة الاستراتيجية بين مصر ودول الخليج ، قد يكون اللاعبون حسني النية وقد يكون الامر لا يتخطى الاثارة للحصول على التفاتة من الاعلام ،وقد يكون الخرق أعمق، فآخرون قد بيتوا النية لسبب او لآخر للتشويش على تلك العلاقة بل وتخريبها . الأمر المؤكد أن أي تلاعب في العلاقة الوثيقة بين مصر ودول الخليج معناه التعرض للامن القومي لكلا الطرفين والأمن القومي العربي المشترك . دول الخليج منشغلة في الفترة الاخيرة بمواجهة بحملة مضادة من الهجوم تتمثل اولا من الدولة الاسلامية الايرانية من جهة، التي ترغب في الهيمنة ، وحملة من الدعاية الغربية من جهة اخرى، تشكك في رغبة دول الخليج في محاربة داعش او الارهاب . هذا الهجوم ممثل في اكثر من مفصل ، الاول في اليمن ، حيث تصر الدولة الإيرانية الإسلامية على رفد جماعة الحوثي بكل الإمكانات التي تتيح لها شن حرب عصابات في جبال اليمن ضد الدولة الشرعية التي تساندها دول الخليج والمجتمع الدولي ،والمفصل الثاني في البحرين التي يعضد فيها الإيراني التصلب السياسي والعنفي لبعض جماعات المعارضة، هذا بجانب تهريب الاسلحة لخلايا نائمة على طول الشريط البحري الخليجي. من الكويت شمالا حتى مضيق هرمز جنوبا . من جانب آخر تواجه دول الخليج التي تعتمد على مداخيل النفط لرفد اقتصادها، تراجع اسعار هذه المادة الحيوية، مما يعرض ميزانيات هذه الدول الى التراجع وايضا قدرتها على الوفاء بالتزماتها الداخلية والخارجية الى القصور . من جهة اخرى تواجه مصر حربا معلنة من الارهاب المحلي المُعضد بكل قوى الارهاب الدولي العابر للاوطان ، فإسقاط الطائرة الروسية في فضاء سيناء ،عمل مخطط له بدقة لضرب صناعة السياحة المصرية التي هى واحدة من اعمدة الدخل القومي المصري، وايضا لتخريب العلاقات الروسية المصرية، كما ان تراجع التجارة الدولية وتراجع اسعار النفط يُسمع في الاقتصاد المصري سلبيا من خلال التجارة المارة بقناة السويس وبقدرة تمويل مشاريع التنمية التي تحتاجها مصر . الاقتصاد المصري الذي يحاول جاهدا التشافي من وهدة الاضطرابات التي حدثت في السنوات الاخيرة يواجه بصعوبات بعضها متعمد .

المحصلة ان لا مصر ولا دول الخليج في هذه الفترة بالذات بوادى المناكفة التي تفتعلها بعض القوى سواء في الساحة الاعلامية غير المسئولة أو في الساحة الخلفية للدبلوماسية ، الساحتان المصرية والخليجية بحاجة الى التكاتف كما لم يحدث في السابق من أجل البقاء فوق سطح الأزمات الكبرى التي تعصف بالمنطقة. أمن المنطقة العربية يثبت من جديد انه واحد ،وقد كان التعاون المصري الخليجي في الأزمات الكبرى التي مرت هو طوق النجاة للجميع. فكرة الواحد للكل والكل للواحد لا بد ان تبرز من جديد وان تكون قناعة لكل الاطراف، فالقوى المتربصة تحاول جاهدة فك اللحمة المصرية الخليجية و بذر الشائعات حولها.

ومن الأفضل ان تكون هناك مصارحة على أعلى مستوى بين القيادات الخليجية والمصرية لتصفية تلك الملفات التي هي في الحقيقة انطباعات اكثر منها واقع على الارض. فهناك وشائج قومية أصيلة تربط الإنسان المصري بالإنسان الخليجي، قديمة وراسخة ،وهناك مصالح كبرى اقتصادية للطرفين تحتم على الجميع البحث في تخفيف الاحتقان وردع المتقولين والمتنطعين عن الخوض السلبي في ملف العلاقات الثابتة وهناك الاهم وهو ان الامن القومي واحد لا يتجزأ . في حال تجاهل الاهتمام بهذا الملف وترك المتطفلين يلغطون في تفاصيله، تتراكم الأغبرة على أوراقه ، ولا يعرف أحد كيف يزيل ذلك الغبار الضار.

السؤال هو هل معالجة الملف الخليجي المصري له اولية؟ الجواب واضح بين، نعم ونعم كبيرة ، لأن هذا الملف تعلق فيه ملفات ضخمة منها الحرب على الارهاب، ومنها دعم الاقتصاد، ومنها التعاون امام الهجمة القادمة من اكثر من مكان لضرب كل دولة عربية على حدة ، تحت اسماء وشعارات مختلفة، انما الاهم في سرعة وضع الملف على الطاولة لفضح ما يحاك اليوم من خلال الكثير من المؤشرات، وهو السعي الحثيث لتقسيم بعض الدول العربية الى دويلات اصغر ، على حافة المفاصل العرقية والاثنية والطائفية. تلك حقيقة يجب ألا تخفى على متخذ القرار في مصر، ولا على متخذ القرار في دول الخليج، نعم هناك رغبة دولية تدفع بها مصالح كبرى لتقسيم المقسم، وإثارة حروب باردة او ساخنة على حدود الصدوع الاثنية القائمة اليوم في منطقتنا العربية ، كما أن هناك محاولات لخلق تحالفات جزء منها عربي و جزء منها غير عربي في الاقليم من أجل تفتيت العصبة العربية وإلحاق بعض المناطق بنفوذ دول اقليمية مجاورة . ان كان للخلج يمنه المضطرب في الجنوب ، فلمصر ليبيتها في الغرب، اي ما يحدث في ليبيا، وهو امر ليس هماً فقط ولكنه مغلق ايضا، حيث تستنزف الطاقة المصرية بين شرق وغرب وجنوب من اجل استهداف قاعدة العرب، مصر كي يُستفرد بها الآخرون دون مقاومة.

من الاهمية بمكان ألا نستهين بالصغائر في هذه المرحلة الحرجة، فهناك من بعض الاعلام ما يثير ضد الآخر ويؤجج الخلافات الصغيرة وينفخ فيها، اذا كان هناك انشغال مصري بالداخل السياسي مفهوم في المرحلة السابقة، اما وقد اشرفت خارطة الطريق لاصلاحات يونيو 2013 على الاكتمال ، فان الملف العربي من منظور الامن الاقليمي أن له ان يوضع على الطاولة ويبحث في أكثر من اتجاه، الاول هو النظر في تعضيد حقيقي وفعال للجامعة العربية، التي هي بيت كل العرب ، واتخاذ قرارات صعبة ولكن مستحقة في اصلاح هذا البيت من حيث الآليات وايضا مشغلي تلك الآليات، حتى لو كان هناك بعض الاعراضات من دول عربية في الغالب هي ليست حرة تماما في اتخاذ قراراتها في هذه المرحلة، وثانيا التفكير الجدي لاحياء ( ناتو) عربي بمن حضر ،تكون قاعدته مصر و دول الخليج لدفع الشرور عن المنطقة. الوقت هو وقت اتخاذ القرارات الصعبة كما هو وقت الوضوح ووضع الخطوط للآخرين لتجنب المغامرة، ذلك يتحقق عندما يؤمن الجميع اننا في هذه المرحلة نحتاج الى رجال دولة ينظرون بعيدا لتاثير المخاطر الحالية على الاقليم العربي كاملا.


لمزيد من مقالات محمد الرميحي

رابط دائم: