رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد تجاوز إيراداته حاجز المليوني جنيه حاليا
من باريس إلي العتبة‏..‏رحلة المتعة في ليلة من ألف ليلة

أحمد السماحي
حالة من السعادة البالغة يعيشها المسئولون بالمسرح القومي هذه الأيام‏,‏ بعد النجاح الكبير الذي حققه العرض المسرحي ليلة من ألف ليلة‏,‏ والذي كسر هذا الأسبوع حاجز المليوني جنيه ودخل في الثالث‏,‏ وبهذا يكون هذا الأوبريت الغنائي الأعلي إيرادا في تاريخ المسرح القومي‏,‏ منذ بدء عروضه المسرحية قبل‏80‏ عاما بمسرحية أهل الكهف تأليف توفيق الحكيم‏,‏ وإخراج زكي طليمات‏,‏ والتي عرضت عام‏.1935‏

في هذه المناسبة, يقول يوسف إسماعيل, مدير المسرح القومي لـ الأهرام أن عرض ليلة من ألف ليلة هو الأكثر إيرادا منذ بداية المسرح القومي وحتي الآن, وليس هذا فقط فهو الأعلي أيضا علي مستوي المشاهدة, فضلا عن كونه الأجدر من حيث المستوي الفني.
وأكد إسماعيل أن العرض مستمر حتي منتصف شهر ديسمبر القادم, بعدها سيحصل فريق عمله علي إجازة علي أن يعاود استمرار العمل مرة ثانية بداية العام الجديد, علما بأن هناك مفاوضات مع النجم الكبير يحيي الفخراني علي أن يلحق العرض بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.
بدأ المسرح غنائيا
تعود أهمية العرض المسرحي ليلة من ألف ليلة إلي افتقادنا لهذه النوعية من الأعمال الفنية, فالأوبريت الغنائي أصبح عملة نادرة, رغم أن المسرح مع بداياته كان غنائيا بالدرجة الأولي, من خلال أعمال الفنان سلامة حجازي, الذي كان له السبق في تقديم عروض من هذا النوع, والتي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا, خصوصا بعد أن أنشأ فرقته الخاصة عام1905, وقدم العديد من المسرحيات الغنائية التي نذكر منها صدق الإخاء ـ هناء المحبين ـ البرج الهادئ ـ السر المكنون وغيرها, ثم جاء من بعده سيد درويش أبو الموسيقي المصرية الحديثة الذي لحن13 مسرحية غنائية فيما بين1917 ــ1923 نذكر منها أحلاهم ـ قلنا له ـ رن ـ راحت عليك ـ العشرة الطيبة ـ الباروكة وشهر زاد
وتوالت عروض المسرح الغنائي, فقدم كامل الخلعي, مسرحيات غنائية ذات موضوعات مقتبسة من المسرح العالمي كارمن ـ ياسين ـ توسكا كما لحن داود حسني المسرحيتين الغنائيتين شمشون ودليلة و'ليلة كليوباترا' كما لحن زكريا أحمد56 مسرحية غنائية نذكر منها: دولة الحظ ـ الوارث ـ عزيزة ويونس ـ يوم القيامة.
ومنذ منتصف الخمسينيات تقريبا اختفي المسرح الغنائي من علي الخشبة المصرية, باستثناء محاولات قليلة جدا, تعد علي أصابع اليد الواحدة, مثل أوبريت مهر العروسة الذي قدمه بليغ حمدي في منتصف الستينيات, وعرض علي مسرح دار الأوبرا القديمة, وفي نفس الفترة قدم الموسيقار محمد الموجي هدية العمر, وقدمت المسرحيتان في وقت كان فيه الفنان القدير عبدالحليم نويرة مديرا لإدارة المسرح الغنائي.
وفي منتصف السبعينيات قدم بليغ حمدي أيضا أوبريت تمرحنة إخراج جلال الشرقاوي, وببطولة وردة, وبعد هذا الأوبريت قدم الشرقاوي أيضا في نهاية الثمانينيات أول أوبرا مصرية معاصرة من خلال عرض انقلاب الذي لحنه الموسيقار محمد نوح, وقامت ببطولته نيللي وإيمان البحر درويش, وأثناء ذلك قدمت الفنانة شريهان عرضين يمكن أن نطلق عليهما مسرحا غنائيا استعراضيا هما علشان خاطر عيونك وشارع محمد علي, وحاول المطرب علي الحجار سواء بأمواله أو أموال غيره من المنتجين إحياء المسرح الغنائي فقدم العديد من التجارب لعل أهمها علي الإطلاق رصاصة في القلب و يمامه بيضا, كما قدم كل من محمد منير مسرحية الملك هو الملك, ومدحت صالح المهر, ومحمد ثروت الباروكة.
ليلة من ألف ليلة في باريس
علي براعة وقيمة هذه التجارب السابقة, لم يقترب أحد من المسرح الغنائي إلي أن فوجئنا بعرضنا ليلة من ألف ليلة, هذا الأوبريت الذي قدم خمس مرات من قبل علي خشبات المسرح المصري المرة الأولي في30 نوفمبر عام1931, حين قدمته فرقة فاطمة رشدي, وأخرجه عزيز عيد, والحقيقة أن الفنانة فاطمة رشدي كانت سببا في خروج هذه الدرة المسرحية للنور, فتقول في كتابها كفاحي مع المسرح والسينما: في عام1930 سافرنا إلي باريس للاستجمام, حيث فوجئنا في الفندق الذي نزلنا فيه بالشاعر الشعبي بيرم التونسي يفد علينا مرحبا, وعرفنا منه أنه يعيش في ظل حياة قاسية بعد نفيه من مصر, حيث يعمل مرغما في مصنع للبسكويت ليسدد تكاليف عيشه, فطلب منه عزيز أن يكتب لنا روايتين بالزجل, واختار له فكرتين, ونظرا لظروفه المادية الصعبة أعطيناه عربونا سخيا.
وبعد حوالي أسبوع فاجئنا بيرم أنه انتهي من الروايتين أولهما ليلة من ألف ليلة والثانية عقيلة, ودعوناه إلي قضاء السهرة معنا, وفي اليوم التالي ودعنا وداعا جميلا ومؤثرا, ونحن نغادر عاصمة النور إلي عروس الشرق القاهرة, وبعد عودتنا لمصر بشهر تقريبا, بدأنا بروفات أوبريت ليلة من ألف ليلة واستعنا بالملحن والمطرب سيد مصطفي, نظرا لوفاة الشيخ سيد درويش, وقمت بالبطولة حيث جسدت دور نجف, وقام عزيز عيد بدور شحاته, وفي هذه الرواية استحدث عزيز في إخراجها مالم يألفه عشاق المسرح من قبل, فقد أحاط المسرح ببانوراما زرقاء, وضع أمامها مناظر المسرحية التي كانت تتميز كلها بالطابع الشرقي الأصيل, وهي تمثل الشرق بجماله ومآذنه, وتمثل قصور بغداد( حيث كانت محور الأحداث) بما فيها من روعة وفتنة, واستغل الإضاءة استغلالا حسنا أضفت علي المسرح ذلك العبير الساحر, عبير الشرق الأخاذ, وحقق الأوبريت نجاحا كبيرا, جعل عزيز يرسل لبيرم وصديقه أدموند تويما مخبرا إياه بنجاح العرض, ويطلب منه التفرغ هو وصديقه لكتابة أعمال أخري للفرقة.
المرة الثانية التي قدم فيها أوبريت ليلة من ألف ليلة كانت من خلال الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي في موسم1949-1950 علي خشبة دار الأوبرا, وقام بتلحين الأوبريت الموسيقار أحمد صدقي, والإخراج تعهد به زكي طليمات, وتولي البطولة المطرب كارم محمود, والمطربة شهر زاد, وتوزعت أدوار البطولة علي( أحمد علام, فردوس حسن, فؤاد شفيق, محمد السبع, كمال حسين, شفيق نور الدين, ثريا فخري, حسن البارودي, عبدالعزيز خليل) وقام بالتوزيع الموسيقي للأوبريت ورئاسة الأوركسترا محمد حسن الشجاعي.
وفي( موسم19701969) قامت فرقة الإسكندرية التي كان يرأسها الفنان علي الغندور بتقديم هذا العمل في قصر ثقافة الأنفوشي, وتولي تصميم الديكور الفنان فاروق حسني الذي أصبح فيما بعد وزيرا للثقافة.
وكانت المرة الرابعة من نصيب الفرقة الغنائية الإستعراضية, حيث قدم الأوبريت علي مسرح محمد فريد بالقاهرة في موسم1976-1977, وتوزعت أدوار البطولة كالتالي: قام بدور شحاته الفنان محمود التوني, ولعبت المطربة ليلي جمال دور ابنته نجف, وجسد كارم محمود دور الخليفة ولعبت تغريد البيشبيشي دور قوت القلوب, فضلا عن صلاح يحيي,حسن فرحات, عبدالحميد حسن, ورضا الجمال.
المرة الخامسة كانت في موسم1994-1995 ولعب بطولتها علي خشبة دار الأوبرا النجم يحيي الفخراني, والمطربة أنغام, والمطرب علي الحجار, وحقق العرض نجاحا كبيرا آنذاك.
أما المرة السادسة والتي يعرض فيها هذه الأيام, ويقوم بإخراجه محسن حلمي, بطولة عملاق الفن المصري الحديث يحيي الفخراني, ونجم المستقبل في الغناء محمد محسن, وفراشة الغناء والتمثيل هبه مجدي, والفنان المخضرم لطفي لبيب بالإضافة إلي سلمي غريب, ضياء عبدالخالق, هشام الشريبني, خالد جمال وغيرهم من الفنانيين.
والحقيقة أن العرض الأخير يعد هو أفضل افتتاح للمسرح القومي بعد إغلاق أبواب وتوقف خشبته عن النبض ستة أعوام كاملة, ويرجع ذلك إلي أنك أمام120 دقيقة من المتعة والرقي, والتحليق في عنان السماء, حيث تلتمس مساحات من الجمال والغناء العذب الذي أفتقدناه في زحمة الضجيج والفوضي, ناهيك عن التمثيل الرائع الذي لا نشاهده كثيرا علي خشبات مسارحنا, هي إذا120 دقيقة اجتمع فيها ثلاثة عباقرة في وقت واحد, مؤلف العمل محمود بيرم التونسي, وملحن الأوبريت أحمد صدقي, و نجم العرض يحيي الفخراني.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق