رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تجربة مصرية فى إعداد القيادات

أصدرت مؤسسة الأهرام طبعة جديدة من كتاب (منظمة الشباب الاشتراكي: تجربة مصرية فى إعداد القيادات) وقد قمت بتحرير هذا الكتاب ونشره فى بيروت فى الطبعة الأولى سنة 2004. ويأتى نشر الكتاب فى مصر هذا الشهر بالتزامن مع اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعداد جيل جديد من القيادات وأعلن فعلا عن بدء تنفيذ برنامج رئاسى لإعداد القيادات الجديدة، ولم ينشر حتى الآن المنهج الذى اتبع فى هذا البرنامج.

ومع التسليم بأن تجربة منظمة الشباب الاشتراكى لا يمكن تكرارها أو استعادتها، لأنها كانت نتاجا لعصرها ولظروف مصر فى الستينيات من القرن العشرين إلا أنه يمكن الاستفادة منها وتمثل أهم دروسها، وفى مقدمتها أن المزاوجة بين التكوين الفكرى والتدريب القيادى والإدماج فى حركة المجتمع من خلال النشاط السياسى والجماهيرى هى شرط ضرورى فى النجاح لإعداد القيادات الشابة وهو من أهم عوامل النجاح للقيادات الجديدة ويحقق أسلوب إعداد القيادات الذى إتبع فى تجربة منظمة الشباب الاشتراكى توفر الوعى القائم على المعرفة العلمية وروح المبادرة الناجمة عن القدرة الحركية ، والشعبية التى تصنعها علاقة سليمة بالجماهير . ويأتى الدافع الأساسى وراء دراسة تجربة منظمة الشباب الاشتراكى فى إعداد القيادات فيما حققته من نجاح فى تزويد المجتمع المصرى بجيل جديد من القيادات خلال حقبتى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين . حيث ساهم هذا الجيل فى بعث الحيوية فى المنظمات الجماهيرية وتجديد الحياة السياسية وتزويد البلاد بنخبة قيادية جديدة ساهمت فى العمل الوطنى ، وتصدت لسياسات الردة على ثورة 23 يوليو فى حقبة السبعينيات بقدر ما تصدت لسياسات الصلح المنفرد مع إسرائيل. وقد ناضلت أيضا من أجل ضمان الاستقلال الوطنى والتطور الديمقراطى للمجتمع المصرى ، وكانت أساس حركة جماهيرية مستقلة وتعددية سياسية واعدة على أرض الواقع. حيث يرجع الفضل لهذا الجيل من القيادات فى تطور الحركة الجماهيرية بإنشاء العديد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان والجمعيات العاملة فى مجال التنمية وجماعات الدفاع عن قطاعات مهمة فى المجتمع مثل الجمعيات المهتمة بالمرأة أو المدافعة عن القطاع العام. وبالنسبة للتعددية السياسية فإن الفضل يعود لهذا الجيل فى إعادة إحياء التيارات السياسية الأربعة وهى الليبراالية والقومية والاشتراكية والإسلامية من خلال تأسيس أحزاب ومنظمات لهذه التيارات الأربعة وما ترتب على ذلك من إشاعة الحيوية فى الحياة السياسية. من هنا فإنه يمكن الاستفادة من هذه التجربة فى إعداد القيادات وما قامت عليه كما أسلفنا من مزاوجة بين التكوين الفكرى والتدريب القيادى والإدماج فى حركة المجتمع من خلال النشاط السياسى والجماهيرى ، حيث كان إعداد القيادات الشابة يبدأ بتثقيف الشباب المختار ببرنامج فكرى يمكنه من ضبط المصطلحات وهى الوظيفة الأساسية للثقافة السياسية التى تشمل مفاهيم عديدة كالديمقراطية والوطنية والاشتراكية والقومية وغيرها كثير مما يمكن الشباب من فهم حركة المجتمع والتفاعل معها. وبعد أن يتلقى الشباب هذا البرنامج الفكرى يكلفون بممارسة نشاط سياسى فى مجتمعاتهم المحلية ويتم تدريبهم من خلال هذا النشاط على أسس القيادة ومقومات العمل الجماعى ويتلقى البارزون منهم برنامجاً فكرياً أرقى وظيفته تمكينهم من استيعاب المنهج العلمي، بالإضافة إلى كيفية قيادة جماعات الشباب ويعودون مرة ثانية إلى المجتمع واستكمال أنشطتهم الميدانية حيث يختار أكثرهم تفاعلا مع الناس لدراسة برنامج فكرى موسع يمكنهم من فهم المشاكل الأساسية للمجتمع، وبذلك يتهيئون للمشاركة فى الحياة السياسية ويكون قد تبلور لدى كل منهم التوجه الفكرى الذى يفضله سواء كان ليبراليا أو اشتراكيا أو قوميا أو إنسانيا فيترشحون للمجالس المحلية أو منظمات المجتمع المدنى أو الأحزاب السياسية أو المجالس النيابية. هكذا كان يتم إعداد الشباب وتأهيلهم لممارسة القيادة من خلال المزاوجة بين الدراسة النظرية والنشاط العملى والاندماج فى حركة المجتمع مما يترتب عليه اكتسابهم خبرة القيادة والعمل الجماعي. ولما كانت مصر الآن تمربمرحلة تحول ديمقراطى لا يمكن أن تكتمل وتحقق أهدافها بدون إعداد جيل جديد من القيادات الشابة على أوسع نطاق ممكن، وأن تتاح لهم أثناء إعدادهم القيادى حرية الاختيار للتوجه السياسى الذى يفضله كل منهم. ولكى تصل رسالتى إلى قيادات المجتمع الحالية فقد حرصت على تقديم هذه الدراسة مع توافر أكبر قدر من المعلومات عن التجربة ، سواء فى تطورها، أو الظروف المحيطة بها ، أو برنامجها الفكرى والنضالى وما حققته من نتائج وتنقسم الدراسة التى يتضمنها الكتاب إلى أربعة أقسام .

يستعرض القسم الأول نشأة المنظمة وتطورها والعوامل التى حكمت مسارها ، والنتائج المترتبة على قيامها.

ويتناول القسم الثانى أسلوب المنظمة فى إعداد القيادات وتحليل مضمون للبرنامج الفكري.

ويقدم القسم الثالث رؤية نقدية وتقييماً لتجربة المنظمة من خلال شهادة مائة شخصية قيادية من أعضاء المنظمة.

ويعرض القسم الرابع حصاد تجربة المنظمة متمثلا فى الدور الذى قام به أعضاؤها الذين وصل عددهم إلى نصف مليون شاب وفتاة فى مختلف مجالات المجتمع والمواقع القيادية لهم فى الحركة الجماهيرية والحياة السياسية وفى أجهزة الدولة والمجتمع.


لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر

رابط دائم: