رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

منهج الإسلام فى محاربة الفساد

 

من المقرر شرعا: أن الإسلام دين ودنيا, عقيدة وشريعة وأخلاق وسلوك ومعاملة, وأنه جاء ليصلح الدنيا, ويهدى الناس إلى سبل الخير والفلاح فى الدنيا والآخرة, وإن من هوادم الحياة عامة, الفساد بتعدد صوره وأشكاله وأنواعه, ولعل من المفسدات: السلطة المطلقة, استغلال الوظيفة أو السلطة فى تحقيق النفع لصاحبها أو للغير, تعطيل الأحكام, الاختلاس, الرشوة, عدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, الظلم, محاباة بعض الناس على حساب ظلم الآخرين, عدم احترام وقت العمل، ضعف الإنجاز، التشاغل أثناء العمل بما ليس منه, العزوف عن المشاركة الفاعلة، الإسراف فى استخدام المال العام فيما لا فائدة فيه, سوء توظيف الأموال، إقامة مشاريع وهمية، العبث بالمناقصات والمزايدات والمواصفات،... إلخ, والفساد: هو الخروج عن حال الاعتدال والاستقامة, ومعيار الحكم على العمل بصلاحه أو فساده, هو معيار شرعي, فما عده الشرع فسادا فهو كذلك, وإن كان فى نظر البعض غير ذلك, والأعمال الفاسدة مجمع على حرمتها, وتضافرت نصوص الشرع بحرمتها, ومنها: قوله تعالى: «وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا», وقوله جل شأنه: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا», وقوله سبحانه: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا, وقال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ», وقال جل وعلا: «وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ», وقال سبحانه: «وأصلِحْ ولا تَتَّبِع سبيل المفسدين», «وَفِرْعَوْنَ ذِى الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِى الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ», وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بِحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ دَمُه وماله وعِرْضُه”, والفساد خبث, وهو سبب من أسباب هلاك الأمم, فعن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون فى آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟, قال: نعم إذا ظهر الخبث”, ومما لا يشكك فيه أحد أن الأمة تعيش أسباب الهلاك بأجلى صورها, وتفاجئنا الأخبار عن ذلك كل ساعة, ومن يتعامى عن ذلك فلن ينفعه التذكير, لأن الله ختم على سمعه وبصره, وجعل على قلبه غشاوة, فلن يجدى معه شيء, ومنهج الإسلام فى محاربة الفساد, هو بقطع أسباب صوره وأشكاله المنوه عن بعضها سابقا والقضاء عليها, وذلك بمنع الاستبداد بالسلطة, ومنع وجود محاباة لأحد من أصحاب السلطة أو الوظائف,... إلخ ما ذكر آنفا, يدل لهذا: أن رسول الله وهو ولى أمر المسلمين, لم يمنح ابنته فاطمة خادما من السبي, رغم أنها اشتكت إليه عدم قدرتها على القيام بأمور بيتها, وقال لها: “ما كنت لأعطيكم وأدع أهل الصفة تلوى بطونهم من الجوع”, وبلغ من حرص خلفائه على التورع عن أموال المسلمين, أن خرج أبو بكر صبيحة توليه الخلافة بمتاع للاتجار فيه فى السوق, فلقيه عمر فسأله: إلى أين يا خليفة رسول الله, فأجابه: إلى السوق أبتغى نفقة عيالي, كما بلغ من حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم، على إقامة حكم الله, أن أقسم فقال “وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”, وعزل جابى الزكاة –ابن اللتبية - لحصوله على رشوة من دافعى الزكاة, وأقام عمر على ابنه حد الشرب, لما علم أنه تناول نوعا منه يحدث السكر, ومثل هذا فعل سلف الأمة ونهجوا, لقطع دابر الفساد من المجتمع الإسلامي, ولن ينصلح حال المجتمع الإسلامى إلا بقطع دابر الفساد, والقضاء على مظاهره.


لمزيد من مقالات د. عبد الفتاح محمود إدريس

رابط دائم: