رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«طوبة».. للمساكين!

يبدو أن البعض منّا قد فهم الدعاء الشهير «طوبى للمساكين» فهما خاطئا.. فتصور أنه «طوبة».. وليس «طوبى»!

إن المعنى الأصلى يفيد بأن الغلابة والمساكين والفقراء لهم الجنة والحياة الطيبة فى العالم الآخر عقب رحيلهم، بعد المرمطة والبهدلة وقلة القيمة التى لقوها فى حياتهم الأولى. أما المعنى المفهموم خطأ فهو «طوبة»؛ أى حجر نلقيه فى أعينهم فنفقأها، وفى قلوبهم فنغمرها بالحقد الأسود والغل والضغينة، وفى عقولهم فنطمسها ليصيروا كالحيوانات أو أضل.

.. والفرق كبير بين الياء( فى طوبى) والتاء المربوطة( فى طوبة).. لكن ما حيلتنا مع الذين ران على قلوبهم الجشع، وأصاب آذانهم الصمم، فلم يعودوا يسمعون إلا ما يوافق هواهم الأنانى، ومصالحهم الضيقة.. هم وعيالهم فقط؟

ما بالنا بتنا نسمع حديثا عن استثناءات غير مفهومة لأبناء الكبار فى الجامعات، أو عن المهزلة التى تعيشها الصبية المسكينة مريم؛ صاحبة الصفر الشهير( وكم ذا فيك يا مصر من المريمات!).. أو عن الوزير الذى فقد منصبه الوزارى لأنه تجرّأ فنطق بما لم يجرؤ سواه على النطق به وقال: كيف أسمح لابن عامل نظافة بأن يتولى القضاء؟ أو عن «قرعة» توزيع أراضى الدولة التى فاز فيها 16 مواطنا من أسرة واحدة بالأراضى بينما حرم منها الآخرون؟ أو.. أو.. أو.. وكل يوم فى حبك تزيد الأوأوات.. وكل يوم باحبك أكتر من اللى فات( على رأى شاعرنا الفذ الراحل أحمد فؤاد نجم).

إن كل تلك «الأوأوات» تطرح سؤالا ساذجا سذاجة الذئب من دم ابن يعقوب: هل- خلاص- سقط الفقير عندنا من قعر القفة؟ وهل عليه من الآن فصاعدا أن ينظر لنفسه على أنه صار عبئا ثقيلا، أوكمّا مهملا، أو كمالة عدد، أو صفرا على الشمال، أو- لامؤاخذة- كيس جوافة فى هذا البلد؟

طيب.. إذا كان الفقراء المساكين هم الغالبية الغالبة( أو المغلوبة!) فى البلد.. فكيف ستبنى وطنا من دون أغلبيته؟ أترانا نعود القهقرى إلى مجتمع النصف فى المائة من جديد؟ كيف ونحن نرى مجتمعات النصف فى المائة حولنا وقد تحولت إلى لاجئين يقذف البحر بأطفالهم على الشواطىء غارقين رافضا استلامهم؟

يا سادة السادة، إن مصر لن يبنيها إلا هؤلاء المساكين وأبناؤهم وليس السادة الاستثنائيون أصحاب النفوذ والحظوة. وإن أردتم الدليل فعودوا بالذاكرة إلى الوراء، وراجعوا عباقرة الوطن فى الزمن القريب؛ طه حسين والعقاد وزويل ونجيب محفوظ وأمل دنقل والأبنودى وأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وأحمد زكى وعادل إمام.. وغيرهم الآلاف.. أليس هؤلاء من أبناء الغلابة؟

ثم لماذا نذهب بعيدا.. ألم يكن عرابى ومصطفى كامل وسعد زغلول والنحاس وعبد الناصر والسادات ومبارك والسيسى من أبناء الفقراء أم تراهم ولدوا وفى أفواههم ملاعق من الذهب والفضة والاستثناءات؟

يا ناس.. إن الناس فى بر مصر خائفون.. متشككون.. يتساءلون: حبيبتى مصر من تكون؟ هل هى وطن للأقلية التى تلوى عنق القانون وذراعه وتدهس رأسه.. أم هى وطن لكل المصريين؟ يا ناس.. إن الله تعالى يحب مصر، وها هو سبحانه يدق لكم نواقيس الخطر.. ويرسل لكم الإشارات.. فهل أنتم متعظون؟

وماذا يجب أن نفعل بالضبط؟

بسيطة.. أوقفوا تلك الاستثناءات فورا، وراجعوا القرارات المثيرة للغضب، واكشفوا الحقائق للناس.. ومم تخافون؟ من غضبة الأقلية (المستثناة) الممسكة بتلابيب المال والأعمال والقانون والإدارة فى البلد؟ إذن فاعلموا أن تلك الأقلية نفسها سوف تكون أول المتضررين لو استمرت الحال على هذه الحال.. إذ أن غضبة المساكين- لا سمح الله لو وقعت- فلن تبقى ولن تذر.. فهيا هيا اعكفوا على المراجعة فالشعب معكم، ويحبكم، ويوقن أنكم من النبل بحيث لن تسمحوا أبدا ببقاء الوضع على ما هو عليه.

يا ناس.. إن الناس يحبونكم فاستثمروا هذا الحب للعمل لمصلحة الناس جميعا.. وكفانا استثناءات. نرجوكم.. حطوا عقولكو فى راسكو واعرفو خلاصكو.. فالفرصة سانحة الآن لبناء مصر النظيفة العفيفة الراقية المتقدمة.. فلا تضيعوا الفرصة من أجل عيون قلة قليلة من «المستثنين»!


لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: