القوانين و المواطنون !

أزعم غير جازم ان مصر تأتى فى مقدمة دول العالم استصدارا للقوانين والتشريعات ويبدو ان عقيدة النظم لدينا  وعلى مدى تاريخنا الطويل تقوم على فكرة تعظيم القهر لتحقيق الانضباط  ولذلك نجدنا دائما نبالغ فى مواجهه الخطأ الفردى والعجز الادارى بعقوبة قانونية .. والنتيجة ان اصبحت لدينا ترسانة قوانيين لو وزعناها على دول العالم لملأتها انضباطا ونظاما .. والمفارقة اننا رغم ذلك كله نتفرد بين شعوب العالم فى التحايل  والخروج على  القوانيين المنظمة لحياتنا .. ويرجع ذلك من وجهة نظرى الى ان معظم القوانيين لدينا  قوانين اذعان وقهر و  تفتقد فى معظم الاحوال لحيثيات ضرورة اصدارها  ذلك ان المفترض من وضعها تنظيم الحياة بالمجتمع وفق نظمه الاجتماعية  واحواله الاقتصادية وثقافة أفراده التراكمية.. والواقع ان القوانين لدينا لا تدرك ذلك فى اغلب الاحيان الامر الذى يفقدها قدسيتها  والامتثال لها من جانب المواطن ومثال ذلك ان  المشرع عندما صاغ(بمثاليته)   قانون البناء الزم الرجل البسيط  الذى يمتلك من متاع الدنيا مائة متر فى منطقة شعبية ان يبنى  اسفلها جراجا وان يترك ثلث مساحتها فضاء والا يرتفع بها اكثر  من 7 امتار!! ..مما اضطره مجبورا ومقهورا لمخالفة هذا القانون واتصور ان ما فعله مخالفو البناء بعد ثورة  يناير كان يتم بقناعة داخليه ان القانون هو المغتصب لحقوقهم الشرعية والطبيعية .. وعلى كل الاحوال نحن نعيش الان امام اشكالية فريدة من نوعها وهى ان الدولة ترى ان المواطن يخالف قوانينها مما يسقط هيبتها فى الوقت الذى يرى فيه المواطن ان القانون هو الذى لا يامر بما يستطاع  ومن هنا يجد لنفسه المبرر للخروج عليه والبحث عن ثغراته ولفظه بمجرد ان تلوح امامه الفرصه !