رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حالة حزن على الساحل وحالة أمل فى رأس الحكمة

كنت أتوقع بعد ما كتبته الأربعاء الماضى على هذه الصفحة تحت عنوان «من باع ومن اشترى الساحل الشمالي؟ وأين الدولة؟ أن يكون هناك بعض من ردود

الأفعال الغاضبة من القراء الكرام والتى تؤيدنا فيما ذهبنا إليه من مفاجأة فى أن الساحل الشمالى من مارينا إلى مرسى مطروح فى الطريق إلى أن يصبح مجرد قرى أو غابات أسمنتية للمصريين تماما مثلما حدث من العجمى حتى مارينا.. وأن الأمل الذى كنا نتمناه لهذا الساحل منذ بداية الألفية الثالثة قد ضاع أو فى طريقه للضياع بعد أن تم بيع جزء منه لا نعلمه لمجرد بناء قرى سياحية.. ونسينا تماما قصة السياحة وضرورة بناء فنادق.. وأن هذا الساحل كان من الممكن أن يكون مشروعا قوميا سياحيا يعود على مصر بمليارات الدولارات مثل تونس واسبانيا وكل الدول على المتوسط.

أقول كنت أتوقع هذا الغضب من القراء لأننا كلنا فى النهاية مصريون ونأمل فى مستقبل أفضل لبلدنا.. لكننى بالطبع لم أكن أتوقع من كل ما جاءنى من اتصالات ورسائل وتعليقات لا تنتهى على الفيس بوك أن يتحول الغضب أو التأييد لرأينا إلى حالة من الحزن على مستقبل يضيع لدرجة أن بعض التعليقات كانت تقول يا عم ما تتعبش نفسك.. «مفيش فايدة».. ولأنى أرفض فقدان الأمل فى شعب صنع معجزة فى قناة السويس الجديدة، وفى رئيس اسمه عبد الفتاح السيسى يجوب العالم شرقا وغربا ليبحث عن مستقبل أفضل ويزرع الأمل والحلم فى المصريين إيمانا بهذا المستقبل.. ورب كريم لن يخذلنا بل يفتح لنا هذا الاسبوع طاقة خير وأمل جديدة من تحت مياه بحر المتوسط عندما يفاجئنا بخبر اكتشاف أضخم حقل للغاز الطبيعى وكأنه يساند هذا الشعب أو يساعد أرض الكنانة فى غد أفضل.. فقد قررت الاستمرار فى الكتابة ـ وهى كل ما أملك ـ عن الساحل الشمالى أملا فى أن يلحق قطار السياحة وبناء الفنادق فيما تبقى منه..

أعود إلى حالة حزن القراء على الساحل الشمالى وأختار للقاريء الكريم هذه الرسالة لتفاعل القراء مع مقال الاسبوع الماضى والتى تمثل نموذجا من الرسائل الغاضبة وتشعر وأنت تقرأها أن صاحبها يملؤه حزن كبير بقدر المسافة بين مصر واسبانيا حتى يقارن بين تعامل الدولتين مع شواطئهما.. تقول سطور الرسالة:

> الأستاذ/.... بعد التحية .. كنت أتابع مقالتك كل خميس (صفحة السياحة) منذ سنوات، لأنى أراك تتكلم بالمنطق البسيط الذى أتوقع أن كل الناس تفكر وتعمل به ولكننا نفاجأ دوما بأن الدولة (ممثلة فى أجهزتها التنفيذية) تفاجئنا دوما بالتفكير غير المنطقي, سؤالك فى آخر المقال بسيط وخطير فى نفس الوقت (ومن الطبيعى أن كل مصرى يكون قد سأله لنفسه).. أين حق الأجيال القادمة؟ ماذا يفعل أحفادنا بعد جيلين أو ثلاثة على الأكثر.. أين يمكن لهم رؤية البحر؟

لقد شاءت المصادفة خلال اجازتى فى ماربيا (باسبانيا) هذا العام، خلال جولتى مع أحد سماسرة العقارات هناك لأن أتفقد شقة على شاطيء البحر مباشرة.. فسألته ببراءة وبحكم العادة عندنا فى مصر (إن من يملك مكانا يستحوذ على ما أمامه مثل أصحاب المحلات والمقاهى والأكشاك وغيرهم الذين أصبحوا يملكون الأرصفة والشوارع وكل ما تطاله أيديهم..) وطبعا ده شاطيء خاص؟؟

انتفض كمن لدغه ثعبان.. وأجاب: ماذا تعنى بشاطيء خاص؟؟؟ من يملك بحر اسبانيا حتى يبيعه؟؟؟ لا يوجد فى كل اسبانيا أى شاطيء خاص.. كل اسبانى من حقه استخدام أى شاطيء متى أراد.. (طبعا بشرط الحفاظ على النظافة والطبيعة).. هذه هى الدول (رغم أنها دولة ملكية) التى تحترم شعوبها وتراعى ضمائرها وتجد من يحاسبها فلا تستطيع أن تبيع مستقبلها..

ملحوظة أخيرة: انجلترا، لا تبيع أرضا أبدا... كل الأراضى حق انتفاع لمدد أقصاها 99 عاما.. ثم تعود الملكية للدولة لاعادة تخصيصها مرة أخرى وتجديد دورة الحياة حفاظا على حقوق الأجيال واعمالا لمباديء التداول وعدالة الفرص.. وفقك الله وأعانك على تبصير الغافلين أو المتغافلين..

مهندس/ خالد العوا

> طبعا رسالة يدرك صاحبها معنى المستقبل وحق الأجيال القادمة لكنه فى نفس الوقت يطرح قضية الشواطيء من خلال نموذج اسبانيا الدولة السياحية الكبرى (65 مليون سائح سنويا) التى لا تبيع شواطئها وتؤكد الملكية العامة للشواطيء.. أما نحن وقد سلمنا بتخصيص الشواطيء للفنادق خاصة فى الغردقة وشرم الشيخ لأنه لا وجود أصلا لمجتمعات سكنية على شواطئها فإن قضيتنا الآن مختلفة وهى التفرقة فى التعامل مع هذه الشواطيء فمنها من يدفع ايجارا ومنها من لا يدفع وأحيانا نقرر أن نحشر شواطيء عامة بينها وهنا تحدث المشاكل عندما لا يراعى البعض خصوصية السائح.

> واستمراراً لحالة الحزن على الساحل تلقينا أكثر من تعليق على العشوائيات التى بدأت تظهر بقوة كوحدات سكنية ومحال تجارية وورش خدمية فى منطقة الظهير الخلفى للقرى السياحية من مارينا حتى مرسى مطروح، وبالتحديد على الطريق الساحلى الدولى نفسه وتكاد لاتترك له «نفسا» للتوسعة فى المستقبل.. وللأسف منظرها فى غاية القبح، فضلاً عن أنها تمثل عائقاً فى تنمية وتطوير الطريق والجميع يحذر من عدم الالتفات إليها لنموذج جديد للعشوائيات فى مصر وفى الساحل.

> فى اللحظات الاخيرة قبل كتابة هذا المقال ورغم حالة الحزن على الساحل عرفت أن هناك حالة أخرى من «الأمل» فى إنقاذ ما تبقى من الاراضى من مارينا حتى مطروح لخدمة السياحة.. فقد علمت من السيدة ميرفت حطبة رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق فى تعليق لها على مقال الاسبوع الماضى أن المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء عقد اجتماعاً مهماً مؤخراً حول منطقة «رأس الحكمة» وأصدر قراراً بأن تتولى هيئة التنمية السياحية إعدادها للاستثمار السياحى وهى مساحة كبيرة (20 الف) فدان وأن سيادته يولى اهتماماً ومتابعة كبيرة لإنقاذ هذه المنطقة من التعديات بالتنسيق مع محافظة مرسى مطروح وأجهزة الدولة حتى تكون رأس الحكمة اضافة قوية للمشروع القومى للسياحة فى الساحل. وأوضحت لنا رئيس القابضة للسياحة أن المهندس محلب ايضاً تابع مع الشركة القابضة ومحافظة مرسى مطروح حل مشكلة بناء الفنادق «3 آلاف» غرفة فندقية فى منطقة سيدى عبد الرحمن ضمن مشروع مراسى لشركة اعمار الاماراتية، وأنه بالفعل ولأول مرة يتم منذ شهرين فقط اعتماد مخطط منطقة المارينا داخل مراسى وكذلك الاتفاق على حل مشاكل الطاقة والمياه والكهرباء طبقاً للعقد، وهناك اجتماعات هذا الاسبوع مع الشركة للبدء فى تنفيذ بناء الفنادق فوراً

> ونحن نؤكد أن هذه جهود رائعة بالفعل للمهندس ابراهيم محلب، خاصة إذا أضفنا اليها مشروعين برعايته من خلال وزارة الاسكان فى جنوب مارينا، وإلى جوارها على البحر مباشرة، وسيشكلان اضافة للسياحة وبناء فنادق جديدة.. ولانملك إلا أن نشكر المهندس محلب على جهوده المخلصة من اجل الوطن

> وهكذا نجد أن هناك ماتبقى من ارض الساحل الشمالى فى مارينا وسيدى عبد الرحمن ورأس الحكمة، فضلاً عن مشروع أحد رجال الاعمال الضخم (5 فنادق) فى منطقة الماظة بالقرب من مرسى مطروح .. يمكن أن تشكل جميعها طفرة فى المشروع القومى للسياحة فى الساحل لتقديم مقصد سياحى جديد لمصر.. ويقضى على حالة الحزن على الساحل عند المصريين.. ويصنع حالة أمل جديدة فى رأس الحكمة من أجل مستقبل أفضل للمصريين.


لمزيد من مقالات مصطفى النجار

رابط دائم: