قالوا إن إعلاميا غربيا أجرى تحقيقا صحفيا استقصائيا فى ثلاث دول؛ هى سوريا ومصر ودولة عربية إفريقية. وكان موضوع التحقيق سؤالا واحدا من 4 كلمات، طلب الصحفى من ناس تلك الدول الإجابة عنه. وكان السؤال كالتالى: ما رأيك فى أكل اللحم؟
أتعرفون ماذا كانت إجابات الشعوب الثلاثة؟
لقد أجاب السورى قائلا: يعنى إيه كلمة رأى؟ وأجاب الإفريقى العربى: يعنى إيه «أكل».. أما المصرى فقد أجاب: يعنى إيه لحمة؟ وهكذا كانت اللحمة- ولاتزال ولسوف تظل- هاجس المصريين منذ أزل الأزل.
وجاء فى الأثر أن سيدة الغناء العربى أم كلثوم عندما غنت رائعتها الخالدة«إنت عمرى» فقالت: «يا أغلى من أيامى.. يا أحلى من أحلامى».. قال بعضهم إنها إنما كانت تغنى للحمة!
.. واليوم يعود اللحم ليحتل الذهن المصرى احتلالا، فيطالبنا البعض بمقاطعة اللحم. يا خلق الله.. وهل يقاطع المرء شيئا لم يره؟ يا أساتذة.. إن من يأكل اللحم سوف يظل يأكله.. وأما المقاطعون فإنهم مقاطعون فى كل الأحوال.. ببساطة لأنهم لا يجدونه.. فإن هم وجدوه( وحرف إنّ فى اللغة يفيد الشك!).. فإنهم يكتفون بالشم.. أو بالبحلقة!
قل لى يا عم الحاج: بكم كيلو اللحم اليوم؟ ستجيب: بـ 80 جنيها بالدهن.. وبمائة جنيه من غير الدهن. طيب.. لو أنك كانت لديك أسرة من خمسة أفراد( أنت، و3 عيال، وأمهم).. فهل سيكفيك أقل من كيلو لحم كى تأكل وتشبع وتنبسط وتدعو لحضرة العمدة.. على رأى سعاد حسنى فى الزوجة الثانية؟
هب أنك فتحت صدرك.. ونفخت عنقك- كالقط يحكى انتفاخا صولة الأسد- وقاطعت اللحم.. ألن يطمع فيك الأولاد فيطلبون السمك؟ فكم ستدفع فى 2 كيلو سمك بلطى «مزارع» أسود الظهر واللحم والقلب؟ صدقنى.. ليس أقل من 80 جنيها ( إذا أضفنا ثمن الشى و القلى والجرجير والطحينة).
.. ستقول: بلاه السمك.. نأكل فراخا. عظيم.. فبكم تشترى دجاجتين عتقيتين بيّاضتين سمينتين مكسوتين باللحم (لزوم الشبع)؟ أيضا.. ليس أقل من 80 جنيها.. يعنى- يا مولانا- هىّ هىّ!
لأ.. والأكادة أنك تسمع بعضهم يطالب الحكومة بضرورة التدخل. وطبعا- وكدأبها فى الملمات- فإن الحكومة لن تكذّب خبرا.. وهات يا تصريحات: سنفتح المجمعات، فإن لم يعجبك لحم الجمعيات فعندك منافذ القوات المسلحة أو شوادر التعاونيات. فإن لم تقدر على اللحم البلدى يا باشا.. لديك اللحم البرازيلى والسودانى الذى يزغرد فى الفاترينات. تسألهم: وبكم لحم المجمعات؟ سيقولون: بخمسين جنيها فقط. تجرى كالرهوان تسابق الريح وتشترى.. وليتك ما فعلت.. إذ اللحم نصفه عروق وعظام وشغت وآهات وجراح وألم. تعود لتحسبها؛ فإذا الكيلو- برضو- بـ 80 جنيها!
اسمعوا يا سادة.. إن مقاطعة اللحم وحده ليست حلا.. هيا ننأى بأنفسنا عن الحلول الجزئية ونبحث عن الحل الشامل الكامل؛ تعالوا نقاطع الأكل كله أحسن.. فلماذا تقتصر مقاطعتنا على اللحم فحسب ما دامت كل حاجة غالية؟
ستسأل: وماذا يحدث لو أننا قاطعنا الأكل؟ يا عمّ بسيطة. سنموت.. فنريح ونستريح؛ نريح الحكومة من قرفنا وقرف اللى خلفونا.. ونستريح من المضغ والبلع وعسر الهضم والإمساك والمغصة.. ويا بخت من نفّع واستنفع. ثم ألم تسمع يا هذا( بعيدا عن السامعين) عن الكوليسترول، وانسداد الشرايين، وارتفاع الضغط ، والسمنة المفرطة، والإسقربوط؟ كلها أمراض يسببها اللحم.. فلماذا المخاطرة؟ خليكوا فى الكشرى أحسن!