رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

وهل للصحابةِ ائتلافٌ ؟

عَلَى خلفية اعترافات المتهمين بالقتل العشوائى لأفراد الشرطة أمام سفارة النيجر، تَكّشَفَ لنا انتماؤهم لما يُسمى (ائتلاف الصحَابة) .. وقد تَعّجَب كثيرون من أن يكون للصحابة ائتلافٌ، فضلاً عن أن يتجرأ شخصٌ فَيُنَصّبُ نفسَه فى عام 1436 هجرية متحدثاً باسم أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وأبو عبيدة وأبو ذر والآلاف غيرهم ممن رضى الله عنهم وأرضاهم بصحبة الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام .. وقبل أن نُفيق من الدهشة تَدّفَقَ فى وجوهنا سيلٌ من (الائتلافات) التى اختلطت علينا أسماؤها مثل (الدفاع عن الصحب والآل) و(أحفاد الصحابة وآل البيت) و(ثوار مسلمون) فضلاً عن (حازمون) وسلالتها من الائتلافات الشبيهة .. إن .فى مصر أكثر من ثمانين مليوناً من المُتَيّمين بآل البيت فمن الذى أعطى هؤلاء الآحاد حق احتكار الدفاع عنهم إعلامياً؟.

أذكُر أننا أمضينا العام الأخير من حُكْمِ مبارك فى جهودٍ مُضنيةٍ لتثبيت ائتلافٍ حقيقىٍ واحدٍ مُكَوّنٍ من قُوَىً حقيقية تحت عنوان (الجمعية الوطنية للتغيير)، إلا أنه بمجرد زوال مبارك انفجرت ماسورة ائتلافاتٍ كانت تتوالد يومياً كالأميبا .. وبدا وكأن أجهزةً مُعَيّنةً تُشجّعُ على ذلك لتمييع الأمور وخلط الحابل بالنابل والحقيقى بالوهمى .. كان يكفى أن يتفق شابٌ مع صديقه (أو مع نفسه) على اسم ائتلافٍ ثم يتصل بصحفى (أو مُعّدٍ تليفزيونى) فيتم تدشينه متحدثاً رسمياً لائتلافٍ .. وقد دُعِيتُ فى تلك الفترة بالخطأ لاجتماعٍ مع رئيس وزراء صديقٍ يتميز بالطيبة الشديدة .. كان فى الاجتماع ثلاثون شاباً يمثلون ثلاثين ائتلافاً لا أذكر أننى رأيت أحداً منهم فى أىٍ من الفعاليات السابقة على الثورة .. ثم شكا لهم الرجلُ من أنه لَمّا اجتمع قبل أسبوعٍ مع ثلاثين غيرهم ليشركهم معه فى اتخاذ القرار، إذا بالحاضرين اليوم يملأون الإعلام اعتراضاً على تمثيل هؤلاء لشباب الثورة، واليوم وأنا مجتمعٌ بكم تمتلئ شبكات التواصل بتشكيك عشراتٍ غيركم فى تمثيلكم لشباب الثورة (طيب أرضى الشباب إزاى؟)!!.

عودة إلى ائتلافات الصحابة .. إذ إنها فى سياق تبرئها من القَتَلَة تبادلت الاتهامات بالتمويل الأجنبى والتخوين والتكفير .. ثم كان التصريح الكارثى لأحد متحدثيهم بأن ما فعلوه ويفعلونه يتم بتنسيقٍ كاملٍ مع الأجهزة الأمنية (!) .. أما هذا الذى فعلوه ويفعلونه فإليكم عيّنةٌ مما جاء على ألسنتهم بفخرٍ شديد:

منع التشيع فى مصر بمنع السياحة الإيرانية/ منع رئيس الكيان الصفوى المجوسى أحمدى نجاد من التجول بالقاهرة وإلقاء الحذاء عليه عند زيارته لمسجد السيدة زينب/ تشكيل لجنةٍ لمراقبة احتفالات مولد الحسين للتصدى لأى محاولاتٍ للتَشَيّع (وقد أعلنوا نجاح الحكومة فى هذا الاختبار!).

وأتساءل مع غيرى: من الذى أطلق العنان لعرائس الماريونيت هذه لفتح (أو إغلاق) ملفاتٍ هى من صميم مسئولية الدولة؟ إن أقل تقدير لحجم السياحة الإيرانية المتوقعة (وهى شاطئيةٌ بالأساس) هو 2 مليون سائح بمتوسط إنفاق ألف دولار أى حوالى 16 مليار جنيه، تُغنينا عن سؤال اللئيم (والكريم)، لم يجرؤ وزير سياحة واحدٌ خلال السنوات الماضية على المطالبة بالسماح لها (خوفاً من هذه الكائنات أو نفاقاً لها!).

إن الخلاف مع إيران (أو أى دولةٍ) واردٌ بالطبع ولكن لأسبابٍ سياسيةٍ تُقدرها الدولة المحترمة وبأسلوبٍ محترم .. كانت مصر الستينيات فى خلافٍ شديد مع نظام الشاه فى إيران على خلفية علاقاته مع إسرائيل ولم نسمع ألفاظاً مثل (الصفوى) و(المجوسى)، بل على العكس كان الأزهر بقيادة شيخه المستنير محمود شلتوت يعمل على التقريب بين المسلمين شيعةً وسُنّةً رغم شدة الخلاف السياسى .. ثم إن أحمدى نجاد زار كل الدول الخليجية التى بينها وبين إيران خلافاتٌ عميقةٌ ومُبّرَرةٌ ولم يجرؤ مواطنٌ واحدٌ على التعدى عليه، إذ إن التعدى على أى ضيفٍ لأى دولةٍ محترمةٍ هو إهانةٌ للدولة المُضيفة وانتقاصٌ لهيبتها بأكثر مما هو إهانةٌ للضيف.

أما التصريحات الخاصة بالتنسيق (مع الأجهزة الأمنية) فقد مرّ عليها أكثر من أسبوعٍ دون أن ينفيها أحد، مما يدفعنا للتساؤل أَهِىَ نفسُ الأجهزة القديمة التى قامت بتسمين هؤلاء قبل رحيل مبارك ليُكّفِرُوا الثائرين على فساده واستبداده؟ فلّما ارتخت قبضةُ الأمن عنهم بعد الثورة أفلتَ عِقالُهم فأخذوا مصرَ فى اتجاهٍ معاكسٍ لما ثارت من أجله .. اتجاه الفتنة .. أحدُهم مَلأ الشاشات فى الأسابيع الأولى للثورة دفاعاً عن (أخته كاميليا) ثم انتقل بشخصه للدفاع عن (الصحب والآل) .. وكان التطور الطبيعى لهذا الخطاب الطائفى الجاهل قيام العامة بسحل وقتل مصريين مسالمين ب(تهمة) أنهم شيعةٌ، فى واقعةٍ يقشعر لها كل ذى ضمير .. وانتهى الأمرُ ببعضٍ من هؤلاء إلى أن يقتلوا جنود شرطةٍ يحرسون سفارة .. فمسلسل التكفير لا نهاية له .. ومن تتسامح الدولةُ مع تكفيرهم لخصومها سيخرج منهم حتماً من يُكَفّرُ الدولة ذاتها .. إن الأجهزة التى تنسق مع هؤلاء هى أجهزةٌ فاشلةٌ تُعيد إنتاجَ فشلِها السابق وتعمل ضد مصلحة الدولة .. أين الدولة؟!.


لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى

رابط دائم: