رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

النداء المكتوم ‏!‏

أنا ربة منزل فى الأربعينيات من عمرى اصبت بشلل الأطفال منذ صغرى

اثر تناولى تطعيما فاسدا ضد هذا المرض, لكننى لم اتوقف كثيرا عند إعاقتي, وواصلت حياتى بشكل طبيعي, وتعرفت على شاب من الحى الذى نعيش فيه, واقترب مني, وأحسست بالألفة والراحة معه.

ولم أتردد فى قبوله حين فاتحنى فى الزواج وعشت معه حياة جميلة ولم أشعر للحظة واحدة اننى مريضة, أو أننى ينقصنى شيء واحد, وأديت واجبات بيتى وأسرتى كاملة وأسعدنى إقبال زوجى على مساعدتى فى كل شئ وسعيه لتحسين أحوالنا المعيشية.
وأنجبت أربعة أبناء فى سنوات متتالية وأمضينا خمسة عشر عاما، دون ان تعصف بحياتنا أى عواصف، وفجأة طرأ تغير مثير على زوجى الذى لم أعهده أبدا بهذه الصورة, فقد تمرد على حياتنا البسيطة, وعرف المبيت خارج المنزل بحجج واهية, مرة لظروف عمله ومرة لاضطراره للمبيت لدى أصحابه, وبدأت فترات غيابه تطول حتى أصبحنا لا نراه بالشهور, ثم عرف أسلوبا جديدا للمعاملة، وهو ان يرسل الينا مصروف كل شهر حسب تقديره مع أحد معارفنا, وكان كل من يأتينا يقول لى إنه لايعرف أين يعيش, ولا أى معلومات عنه كل ما فى الأمر انه أعطاه أمانة لكى يوصلها لي.

 

وكدت أصاب بالجنون وأخذت أبحث عنه فى كل مكان لكننى لم أتوصل إليه ثم انقطعت أخباره، وانقطعت معها النقود البسيطة التى كانت تكفينا ذل السؤال.
وعلمت بعدها انه تزوج من سيدة ثرية تكبره بسنوات عديدة وأنه يعيش معها فى منزلها بمدينة بعيدة عنا, فأعدت محاولاتى أملا فى العثور عليه لكى أشرح له المعاناة التى نعيش فيها، عسى ان يشفق علينا، ولا يتركنا نواجه الموت جوعا, وأصبحت أناديه نداء مكتوما فى كل ليلة لكى يعود لكن سرعان ما أفيق على الواقع المر من حولي.
ومرت الأيام، وضاقت بنا الحياة فلم أجد أمامى حلا يكفل لنا البقاء على قيد الحياة سوى إخراج ابنى الأكبر من المدرسة وإلحاقه بورشة ميكانيكا، وهكذا توقف عن الدراسة، ودفع ثمنا فادحا لخطأ أبيه، وقلة حيلتى، وأصبح كل أسبوع يأتينى بأجره الذى يتقاضاه من صاحب الورشة فأحاول به تدبير أمور البيت ومتطلبات أبنائى الأربعة.
وأشار على بعض الناس برفع دعوى قضائية ضد زوجى الهارب فعملت بنصيحتهم وحكمت لى المحكمة بنفقة شهرية, ولكن أين هو لكى يدفعها؟ إذ ليس له عنوان أو محل سكن, وتراكمت الديون على ففكرت فى القيام بأى عمل حتى لو خادمة مادام العمل شريفا, ولكن كيف لى ان اعمل وأنا مصابة بشلل الأطفال.
وتوالت المصائب فوق رأسى وجاءنا صاحب البيت القديم الذى نسكن فيه وألقى بما نملكه من أثاث مهلهل فى الشارع وطردنا شر طردة لأننا لم ندفع الإيجار لعدة أشهر, وخرجنا إلى الشارع لا ندرى إلى أين نذهب, ورآنا واحد ممن يعرفون قصتنا وهو رجل طيب عرض على ان أسكن أنا وأولادى فى شقة بسيطة يعدها لابنه لكى يتزوج فيها, ومرت الأيام ونحن فى موقف صعب إلى أن شاء الله، وتم حل مشكلتنا على يد هذا الرجل الشهم.
إننى أعرف تماما ان الدنيا فيها من البشر من لايفكرون إلا فى أنفسهم, لكننى لم أكن أتصور ان قسوة الأب من الممكن ان تبلغ هذا الحد من الجحود، والتخلى عن المسئولية، وإذا كان الأب يفعل ذلك مع فلذات كبده, فما الذى ننتظره من الغريب؟

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

فى الحياة يا سيدتى ثلاثة صنوف من البشر, صنف يعيش لنفسه، ولا يفكر إلا فى ملذاته, وصنف يوازن بين حياته الشخصية ومتطلبات من يعولهم ويؤدى ما يطالبه به الله سبحانه وتعالي، فى كتابه الكريم, وصنف ثالث يؤثر الآخرين على نفسه ولو كان به خصاصة ـ أى حاجة ـ ومن يندرج تحت هذا الصنف الأخير يحتل عند ربه منزلة لا يرقاها سوى القليلين.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف: “كلكم راع, وكلكم مسئول عن رعيته, فالرجل راع فى بيته ومسئول عن رعيته... إلى آخر الحديث”.. وهذا هو الصنف الثانى من البشر الذى أتحدث عنه, بمعنى ان كل رجل له زوجة وأولاد يكون مسئولا عنهم, وعن تلبية طلباتهم ومستلزمات حياتهم, وسوف يحاسبه الله يوم القيامة عما فعل بهم.
والمؤكد ان زوجك الذى جذبته نزوة عابرة سوف يعود إليك نادما ذليلا كسيرا حين تعصف به الحياة، وتضعف قوته، وتنكسر شوكته ويكون قد استنفد أغراض السيدة الثرية التى ارتبط بها طمعا فى مالها, إذ انها سوف تلفظه من حياتها وتأتى بغيره لتكرر معه السيناريو نفسه, وهى ظاهرة معروفة منذ زمن بعيد وما أكثر الرسائل التى أتلقاها عن رجال من أمثال زوجك، وما آلت إليه أحوالهم بعد زوال الهدف من الزواج بهم, لكن لا أحد يستفيد من دروسها المتكررة!
واننى أحيى فيك عزيمتك وقدرتك على تحمل ما أنت فيه من متاعب وآلام وأرجو ان يتحول نداؤك المكتوم لزوجك إلى دعاء تتوجهين به إلى المولى عز وجل وتفوضين إليه أمرك فهو سبحانه وتعالى بصير بالعباد, وسوف ييسر لك حاجتك ويزيل عن كاهلك ما أنتم فيه، وكل الشكر والتقدير للرجل الشهم، الذى ساعدكم لوجه الله، وأساله سبحانه وتعالى أن يجعل ما قدمه لكم فى ميزان حسناته، وله عز وجل الأمر من قبل ومن بعد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 3
    احمد عبدالله _ السعوديه
    2015/07/24 05:30
    0-
    2+

    اختى الفاضله
    اسأل الله ان يفك كربك ويهدى لك زوجك وابنك يرجع لمدرسته وتتحسن امور حياتك ارجو ارسال اى رقم او الاتصال علي رقمي للمساعدة 00966507504446
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 2
    ^^HR
    2015/07/24 00:15
    0-
    0+

    مشاكل يلاحظ فيها الغياب التام للأهل(الاخوة والاقارب وغيرهم)
    الاهل إما للعون أو شد الازر
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    ^^HR
    2015/07/24 00:10
    0-
    0+

    ايضا غياب المسئولية والانانية [كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول]
    ندعو الله ان يجعل لك من بعد ضيق فرجا .... ولعلى اقول بعد فوات الاوان ولكنه درس مستفاد ( ماكان يجب انجاب هذا العدد من الابناء فى فترة وجيزة وفى ظل ظروفك الصحية وحالتكم المالية التى يستنتج من السياق انها محدودة) ولكن قدر الله
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق