مرعوب
من أن يصير قمرا
لأن الذي يكتمل
ينتهي.
الشاعر عماد أبوصالح ظاهرة وصوت شعري فريد. نبض الكلمات. المعني اليقظ الذي يخلق ويتركب أمامك. يفتح نوافذ الروح علي صور طازجة، ودهشة اكتشاف الإيقاع الحر الجديد. تشعر كأنك أنت صاحب المعني والاكتشاف. هو أيضا فريد في حياته وترتيب وجوده الشعري. مواليد 1967 (قرية: دملاش. المنصورة. له 8 دواوين. طبع دواوينه علي نفقته الخاصة. رغم عمله في الصحافة، يبتعد عن حلقات النخب الجديدة، وأضواء إعلام الشلل والمصالح) له في قلب الشعراء محبة وتقدير.
منذ 2005 لم يقل شعرا، وفي 2015 أصدر ديوانه الأبيض الجديد ذا العنوان اللافت.. »كان نائما عندما قامت الثورة« 30 قصيدة قصيرة مليئة باليقظة والحس المسئول الواعي بحركة الناس والوجود، يقول في أول صفحة سطور مليئة بالإنسانية والألم: تحت عنوان: قابيل وهابيل:
»لي أخ واحد يصغرني بأعوام كثيرة، جاء خطأ في أواخر عمر أمي، غلطة كما كانت تقول، وهي تخبئ وجهها من الخجل، لا أذكر ماذا فعل في تلك السنين البعيدة، حتي دفعني لأن أصفعه بكل غلظة الأخ الكبير، لكنني أتذكر الدمعة الوحيدة التي سقطت من عينه حارة وحرة كلؤلؤة هو نسي الأمر كله الآن ربما، لكن يدي لاتزال تؤلمني إلي اليوم.
يبدو أنه في كل عائلة منذ بدء الخليقة، مشروع قابيل وهابيل!!
رغم شكل الكتابة وموضوع الصورة فإن عماد أبوصالح لا يتعامل إلا في خام الشعر الأصيل، الذي كانت تطمسه في تجارب أخري كثيرة معاناة تجارب الشكل، الشعر هنا حقيقي بسيط.
الشاعر لم يكن نائما كان في قلب الميدان: شعر أنه صاحب بيت حقيقي، يجب أن يحتفي بالضيوف، حين رحلوا فجأة. أحس بالألم، بوحدة لم يجربها في حياته. كان في الميدان مع الباعة والمتشردين. وحيدا، وحرا بينما الثوار هناك يشيعيون جنازة الحرية، ذهب الجميع وبقي البائع والمتسول والمشرد.
أنا الباقي
أنا الخالد
أنا الواقع من قاع الثورات
أنا حارس الأمل
في الثورة القادمة
يحدثنا الشاعر عن الشجر أيضا وعن حواء، وعن الخطأ والخطيئة ويقول إن الوجود يعني الخطأ ويقول إن الخطأ هو ألا تقع في الخطأ:
تحية خاصة لك أنت يا يهوذا، يا إمام الخطائين، يا خالدا في اللعنة لولاك ما كان مجد المسيح.
في قصائد سريعة متتالية ينقل لنا تجربته مع شعراء الثورة الاشتراكية في بولندا والاتحاد السوفيتي، كما يهدينا قصيدة بديعة عن محبته وارتباطه بالشاعر اليوناني السكندري النادر كافيفس يختم ديوانه بقطرة شعر تقول:
أحلم بالحياة حلبة مصارعة بالعدل بين الخطأ والندم لا منتصر فيها ولا مهزوم. ولكننا نختم هذه الكلمة القصيرة ببيت القصيد: قصيدة قصيرة بعنوان بطل:
يا إلهي
كم هو رائع
هذا الشاب هناك
يتقدم الصفوف
ويفتح صدره للرصاص
يعالج الجرحي
ويتنازل عن طعامه القليل للجوعي
كأنه نبي
أنا معجب به
إلي كل طفل
يحلم بأن يكون بطلا
تعلم منه
لتثور ضده
حين يصبح
ديكتاتور المستقبل
صوت الشاعر عماد أبوصالح يوقظ من كان نائما.. ومايزال.