رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

سيبوا رمضان صبحى يمشى..!

بادئ ذى بدء.. فهذا مقال فى السياسة- بل فى صميم السياسة- وليس فى الرياضة. ولعل من الضرورى هنا أن نبدأ المقال بمناشدة للرجلين

المحترمين؛ المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك والمهندس محمود طاهر رئيس النادى الأهلى. المناشدة تقول: نرجوكما لو أن عقدا لائقا ورد إلى الناديين لاحتراف اللاعبين رمضان صبحى ومصطفى فتحى بأحد دوريات كرة القدم الأولى المرموقة فى أوروبا.. والنبى اتركوهما يمشيان إلى هناك!


كيف يا عمّ تتحدث عن الاحتراف فى كرة القدم ثم تقول لنا إنها سياسة وليست رياضة؟ خذ عندك قل هات؛ إن الموضوع ليس سياسة وحسب، بل هو أمن مصر القومى أيضا. يا خبر.. أمن قومى مرة واحدة؟ كيف ذلك يا أبا العوريف؟


إن احتراف الشابين النابغين- رمضان وفتحى- سيحقق لمصر منافع أربع لا تقدر بثمن: أولاها، أن إبداع هذين الصغيرين( الكبيرين فى فنون الكرة) فى الملاعب الأوروبية سوف يجعل اسم مصر على كل لسان هناك. ونحن هنا نتحدث عن ألسنة الناس الأوروبيين الحقيقيين (العاديين) وليس عن ألسنة الإعلام المغرض، ولا ألسنة السياسيين المصلحجية أصحاب المصالح. وماذا تريد أكثر من أن يدخل اسم بلدك إلى كل بيت؟


قل لى.. هل تعرف كم أوروبيا يقرأون الآن عن حكاية تنافس الأندية الكبرى فى إيطاليا على التعاقد مع الفرعون المصرى النابغة محمد صلاح، الذى تحداه العنيد مورينيو مدرب تشيلسى فأخرجه من القائمة لهذا الموسم، ثم عرضه للبيع بنحو 25 مليون يورو؟ هل تعرف كم مرة تردد فيها اسم مصر فى تلك الملحمة التى تدور بها الألسنة الآن فى القارة العجوز؟ لأ وإيه.. سيتردد بكل اللغات( إيجيبت/ لوجيبت/ إيجبتن/ إجيتو/ آخيبتو/) .. كم كنا سندفع من ملايين الدولارات ليتردد هذا الاسم الغالى( مصر) فى وسائل إعلامهم بهذا الشكل؟ ستسألنى: وإيه يعنى؟ هنا سآخذك إلى المنفعة الثانية, السياحة يا معلم. إن السياحة- ولا شك- باتت من أهم موارد الدخل فى الدول كافة هذه الأيام.. وأهميتها للاقتصاد المصرى غير منكورة. إن الأوروبيين العاديين عندما يرون هذا الاسم العظيم- مصر- فى جرائدهم وتليفزيوناتهم وفيسبوكاتهم سوف ينمو بداخلهم حب الاستطلاع، وسيودون لو أنهم سافروا لرؤيتها. سيقول الواحد منهم لأخيه: ما تيجى نشوف إيه حكاية البلد ده الذى أنجب صلاحا وفتحى ورمضان وسواهم. صح ولّا لأ؟


لكن ثمة ما هو أهم. وهنا سنذهب- أنا وأنت- إلى المنفعة الثالثة.. مكافحة الإرهاب يا كابتن. إن دول الشرق الأوسط تعيش هذه الأيام أسوأ أيام سمعتها بسبب هجمات الإرهاب الأسود المأجور. ولأنه ليس من سمع كمن رأى.. فإن الأوروبيين السائحين عندما يأتون إلينا، ويرون بأم أعينهم أن الموضوع به مبالغات كثيرة.. فسوف يغيرون رأيهم.. أو على الأقل سيعرفون الصورة على حقيقتها.. وليس كما يروج لها الأشرار كارهو الأوطان.. وساعتها سوف تتغير أشياء عديدة.


.. فأمّا المنفعة الرابعة؛ فهى التدريب الجيد الذى سيتحصل عليه هذان اليافعان اللذان مازالا فى طور التكوين الكروى. يكفى أنهم هناك سوف يعلمونهم اللعب من لمسة واحدة( وان تاتش بلاى!) وهذا ما تعلمه صلاح بالفعل فصار من أفضل فراودة الدنيا. وعلى فكرة.. نحن فى مصر مازلنا حتى اليوم لا نلعب كرة قدم حديثة.. وإن شئت فتابع كيف أن الكرة تبقى بين قدمى اللاعب منا إلى أن يؤذّن للعشاء فلا يباصيها، فيلهفها منه الخصم، وتضيع الهجمة!


سيقول المستشار مرتضى والمهندس طاهر: يعنى نسيب ولادنا لأوروبا ونضيّع الأهلى والزمالك فى البطولات المحلية؟ لا يا أسيادنا.. إن مصر ولّادة.. وسوف تجدون فى أشبالكم- وفى إنبى والإسماعيلى والاتحاد وطلائع الجيش واتحاد الشرطة.. بل فى الريف المنسى والصعيد الجوانى وغيرها- العشرات بل المئات من أمثال رمضان وفتحى وصلاح. وإذا كانت مصلحة الزمالك والأهلى فوق دماغنا من فوق.. فإن مصر الغالية فوق الجميع ولن يعلو عليها أحد. ثم اليس هؤلاء اللاعبون الأماجد هم قوام المنتخب الوطنى الذى يحمل اسم مصر.. فلماذا لاتفكرون فى مصلحة المنتخب؟


إن كرة القدم- مثلها فى ذلك مثل الأفلام والغناء والرواية والشعر والفنون الشعبية والفن التشكيلى- من أهم أدوات القوة الناعمة للدول.. وأنت عندما تدعم هذه الأدوات فإنما تدعم أعمدة أمنك القومى. كفانا- يا سادة- غرقا فى هم الإرهاب وغم الاقتصاد.. وتعالوا نبحث عن مصادر قوتنا الحقيقية.. ألا وهى الناس.. فاستثمروا فى الناس يرحمكم الله.


لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: