رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

إخفاق الأحزاب .. عرض مستمر

إعداد: وجدى رزق
يعانى العمل الحزبى أمراضا كثيرة تفسد الحياة السياسية، وتخلق أجيالا من الشباب مشوهة فكريا، تختلف على صغائر الأمور وتبتعد عن القضايا المهمة للوطن والمواطن.

تتزايد الخلافات والنزاعات يوما بعد يوم، وبنفس السرعة يخترق الكثير من الأحزاب بالتمويل السرى، إما من الداخل أو الخارج، وكل له صوره وآلياته وأدواته وأهدافه وانعكاساته.

من ينظر إلى خريطة الأحزاب يرى أمامه 91 حزباً 70 منها تأسس بعد ثورة 25 يناير، كان يجب أن تشكل نواة لنظام سياسى ديمقراطى قوى وتتنافس فيما بينها على تقديم برامج وسياسات وكوادر شابة تحقق مطالب وأهداف الناس فى مختلف المجالات، ولكنها غرقت فى خلافات وصراعات داخلية وابتعدت تماماً عن هذا الدور محل التنافس الوطنى الشريف للارتقاء بالوطن والمشاركة الحقيقية فى البناء.

ولأن الأمر جد خطير تفتح »الأهرام« هذا الملف الصعب المتعلق بمستقبل الحياة السياسية الحزبية فى مرحلة مهمة من تاريخ البلاد والتحول الديمقراطى، لتحدد تلك الأمراض والفيروسات العالقة بها وكشف المستور لإفساد الأحزاب وضمور العمل السياسى الوطنى، ومايترتب عليه من سلبيات..

فى البداية يؤكد الدكتور محمود أباظة ـ رئيس حزب الوفد السابق ـ أن الحياة السياسية الحزبية مرت بعدة مراحل : مرحلة الحزب الواحد المسيطر والمهيمن التى استمرت طويلاً فى البلاد، ثم جاء بعدها المشروع الناصرى الذى لم يكن يسمح لغيره بممارسة العمل السياسى وتوقف فى 1967.. ومنذ هذا التوقيت بدأ التيار الدينى يظهر، ثم جاءت فترة السادات وبعد 73 بدأنا نجنى ثمار حرب دبلوماسية، وفتح الطريق للتنظيمات الإرهابية لأسباب كثيرة وتغلغل فى الريف نتيجة لعدم الرضا من الناس عن الأداء الاقتصادى وندرة الخدمات، ثم جاءت فترة حكم مبارك التى شهدت تجميدا للحياة السياسية الحزبية، وسيطرت على الحكم فكرة الاستقرار فقط، ولم يستوعب التغييرات التى جدت على المجتمع، وحدثت القطيعة بين الشعب والنظام، فكانت ثورة الخامس والعشرين من يناير، وبدأت بعدها مرحلة الأحزاب الكثيرة الصغيرة غير المسيطرة، غير القادرة على تحقيق أغلبية فى مجلس النواب.

فوضى العمل الحزبى

اعترف رئيس حزب الوفد السابق بوجود فوضى فى الحياة السياسية الحزبية، وعلل ذلك بأنها فى بداية الطريق، ولم يسبق للأحزاب ممارسة العمل السياسى الجاد والبناء.. وعندما أقر الدستور حقها ومنحها الفرصة فلم تستطع الأحزاب أن تتحمل المسئولية لضعفها، ولعدم وجود هيكل تتحرك فيه، فالحياة السياسية ـ كما يقول الدكتور أباظة ـ لم تتشكل بعد، والمشكلة الحقيقية أنها تواجه المسئولية لأول مرة، كما أن الأحزاب بوضعها الحالى هى ظاهرة تليفزيونية وناد قاهرى فقط.. وفرق كبير بين المشروع السياسى والشخصى، فمازالت الأحزاب صغيرة وهشة، ولكنها سوف تتعلم ذلك لأن الفرق بين الزمن الماضى والحاضر كبير.. فلا يوجد حاكم يخلق الديمقراطية، وإنما يخلقها الشعب وليس الدستور هو الذى يعطينا الحريات العامة، وإنما الحريات العامة هى التى أعطتنا الدستور.

أحزاب رجال الأعمال

ويرى الدكتور محمود أباظة أن تجربة أحزاب رجال الأعمال هى تجربة فاشلة فى كل دول العالم مؤكداً أنها سوف تنتهى فى مصر بذات النتيجة لأنها مخالفة لمنطق العمل السياسى الطبيعى، وموضحاً أن المشكلة هى علاقة المال بالسياسة، وهى علاقة متضخمة وسوف يتم إصلاحها بالواقع.

ويعلق أباظة آمالاً كبيرة على الشباب لأنه القوة الوحيدة التى تنظر إلى المستقبل، مشيرا إلى أن رجل الأعمال الذى يؤسس لحزب يملأ الفراغ فقط.


الإسلام السياسى

وفيما يتعلق بأحزاب الإسلام السياسى قال أباظة :إن هذه الجماعات خاضت معركة لمدة 80 عاما وانتهت هو فى حقيقته هزيمة نهائية لها.. وعلى هذا التيار أن يضع لنفسه صياغة أخرى، يتخلص فيها من النظر إلى الماضى، وينظر إلى المستقبل، وعليه أن يؤسس أحزابا جديدة فى إطار الدستور، ويعملون بصورة جديدة لا تتعارض مع المستقبل والحداثة.

صراع الوفديين

ويصف الدكتور محمود أباظة صراع الوفد بأنه صراع بين فريقين.. الأول يريد أن يحمى الوفد، ولو أدى ذلك إلى التضحية برئيسه.. والثانى يريد أن يحمى رئيس الوفد حتى لو أدى ذلك إلى التضحية بالوفد.. والتوافق بينهما صعب، ولكن يمكن أن توجد هدنة، وفى النهاية لابد أن تنتصر إحدى وجهتى النظر على الأخرى..ويأمل فى عودة الوفد لدوره القديم ليسد فراغا نحن فى أمس الحاجة إليه.. خاصة بعد فشل جماعات الإسلام السياسى، ووجود فراغ حزبى كبير فى الحياة السياسية، ذلك لأن ثوابت الوفد هى ثوابت الحركة الوطنية، ويستطيع الوفد أن يساعد الوطن فى الخروج من حالة الارتباك السياسى الحالية إذا خرج هو منها أصلاً، وغلبت المصلحة الوطنية على مصلحة الأشخاص.

كنتونات حزبية

ويصف المستشار نبيل عزمى ـ نائب رئيس حزب الجيل ـ المشهد السياسى الحزبى بأنه يمر بمنعطف خطير تأسيسا على العوار الدستورى الذى أتى بقانون الانتخابات مضافاً إلى النص الدستورى الأصلى، ووصف الأحزاب بأنها كنتونات حزبية ضيقة الأفق، ولا تملك رؤية محددة ولا توجد لديها آليات العمل الحزبى، وشارك فى تأسيسها المجلس العسكرى رغبة منه فى تحقيق مطالب الشباب إلا أنها أتت بنتيجة عكسية، ومما زاد الأمر تعقيداً إصابة الشخصيات العامة بتضخم الأنا وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة الوطنية.

كما أن الأحزاب التى تدعى أن لها وجوداً فى الشارع لا تملك الرؤية التى تستطيع من خلالها أن تقدم للمواطن مشروعاً حضارياً يتضمن حل المشكلات، فالكل يسعى إلى كرسى البرلمان فقط وليس خدمة الوطن.

ويؤكد المستشار نبيل عزمى أن هذا المشهد المتردى للأحزاب أدى الى إفشال كل الائتلافات السابقة على موعد الانتخابات، وأن ماتحمله هذه الائتلافات سمار تليفزيونية فقط، فلا يوجد لديها رصيد شعبى يستطيع أن يحمل القائمة بدليل أن كل الشخصيات العامة تكالبت على القوائم التفافاً على النص الدستورى، وهى مخصصة للفئات المهمشة.

ويؤكد نبيل عزمى أن العمل السياسى الحزبى يمر بحالة مرضية تحتاج إلى علاج حقيقى قبل إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، ويرى وجودا كبيرا للمال السياسى داخل الحياة الحزبية، مشيرا إلى أنه دائما مرتبط بأجندات أجنبية، وهى تدمر الحياة السياسية والوطن، وتخلق أجيالا مشوهة من الشباب تضر بالنضال السياسى الوطنى حول قضايا الشعب والوطن.


لسه شوية

أما مازن حسن ـ المدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ فيؤكد أن الحياة السياسية لم تبدأ بعد، لأن الحياة الحزبية تتشكل وقت الانتخابات وبناء على النتائج فى مجلس النواب، فلا يمكن للباحث أن يحكم على الحياة السياسية من حيث القوة أو الضعف إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات لأنها أحد أهم معايير الحكم على الحياة السياسية والحزبية.

غامض جدا

ويرى الدكتور محمد أبو الغار ـ رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ـ أن المشهد السياسى غامض جدا، وتوجد مشكلة كبيرة وهى إحباط الشعب، كما أن حزب الكنبة عاد ثانية للكنبة.

واعترف الدكتور أبو الغار بوجود المال السياسى بقوة فى الحياة السياسية خوفا من الجديد، رغم أن الجديد قادم لا محالة ـ على حد قوله ـ ويطالب بضرورة وجود تيار شعبى يقف إلى جوار الدولة فى مواجهتها جماعات الاسلام السياسى التى فقدت شعبيتها نتيجة للغباء السياسى، كما أن هذه الأحزاب بوضعها الحالى ليست هى التى ستدافع عن مصر.


وطالب بضرورة توافر الارادة السياسية لبناء أحزاب قوية وحياة حزبية أقوى من أجل هذا الوطن.

التمويل الأجنبى للأحزاب

أما محمد عبد العليم داود ـ عضو اللجنة العليا لحزب الوفد عضو مجلس الشعب السابق ـ فيقول: خضعت جميع الأنظمة السابقة لسيف التهديد لحماية مافيا وعصابات التمويل الأجنبى لاختراق الأحزاب لتنفيذ أجندات داخلية.

ويرصد داود ظاهرة التمويل الأجنبى وآلياتها وأهدافها باعتباره أحد الذين اكتشفوا وحاربوا هذه الظاهرة التى اخترقت الكثير من الأحزاب.

بدأت قصة التمويل الأجنبى للأحزاب كما يرويها لنا سنة 2004 عندما اعتزمت الولايات المتحدة الأمريكية تخفيض المعونة المخصصة لمصر لصالح منظمات المجتمع المدنى، وتحت عنوان جذاب لها وهو (تعلم الديمقراطية والتدريب عليها)، وعلى الفور استهدفت أمريكيا الأحزاب حتى تستخدمها مراكز وقواعد ضغط لصالحها، يتم ذلك رغم أن أمريكا تعلم علم اليقين أن الأمم المتحدة تجرم التمويل الأجنبى فى العمل السياسى من دولة إلى أخرى كما أنها تجرم هذا الفعل على نفسها، وكذلك كل البلاد الديمقراطية، وأيضا قانون الأحزاب لدينا يجرم التمويل الأجنبى فى العمل الحزبى، وفى سنة 2005 بدأت هذه الأموال تتسلل إلى الأحزاب من خلال تأسيس الجمعيات الأهلية التى قررت أن تشكل مجلس إدارة لها من أعضاء الأحزاب كمرحلة أولى، وجاءت المرحلة الثانية لتحدد شخصيات كبيرة كهيئة استشارية لها، والمرحلة الثالثة من تسلل الأموال الأجنبية واختراقها للأحزاب استهدفت عضوية الأحزاب فى المحافظات ولجانها النوعية.. وعلى سبيل المثال فوجئنا فى الوفد فى مارس 2005 بأحد الأعضاء يتلقى شيكا من السفير الأمريكى «ديفيد وليش» ضمن 6 جمعيات ومنظمات حصلت على مليون دولار، وتم التعامل معه على الفور فى حينه.. وللأسف لم نستطع منعهم وتزايدت أعداد الجمعيات لأعضاء الأحزاب بعيدا عن الحزب.. ولكنهم يستغلون هذه للسيطرة على مجريات الأمور داخل الأحزاب.

ويؤكد محمد عبد العليم داود أن الكثير من الأنظمة السياسية فى العالم الثالث دائما ما تريد الإيقاع بالأحزاب المعارضة فى الفخ فتمد لها الحبل الذى تشنق نفسها به حتى لا تستطيع أن تعارض معارضة حقيقية، فأجهزة النظام توافق لهذه الجمعيات والمنظمات لأنها لا تستطيع مواجهة الخارج الذى دائما ما يقف خلف هذه الجمعيات، وتدرك الدولة تماما تحايل هؤلاء الناس على القانون لاختراق الأحزاب، وهذا ما يؤدى فى النهاية إلى خطر تشويه الحياة الحزبية والسياسية فى البلاد وخلق أجيال من الشباب لا تعرف ولا تعى أسس العمل السياسى والحزبى إلا الجزء التمويلى المجرم فقط.

ويضيف داود: هؤلاء هم الذين لوثوا الحياة السياسية، وليس شباب 25 يناير أفضل العناصر الوطنية, كما يوجد تواطؤ من موظفى الشئون الاجتماعية وهى جريمة الصمت على التحايل على قانون الجمعيات الأهلية.

ويؤكد داود أن 30% على الأقل من الأحزاب القائمة يحصل أعضاء منتمون لها على تمويل أجنبى من الخارج من خلال هذه الجمعيات.. وهناك تمويل داخلى له مخاطره أيضا على الحياة السياسية والحزبية يتمثل فى وقف مؤسسات بعينها لدعم تأسيس أحزاب محددة لتكون فى جلبابها تتبنى سياستها وأهدافها.. ونوع ثالث من التمويل وهو وقوف أشخاص يملكون المال الوفير من أصحاب البيزنس المشبوه يدعمون الأفراد والأحزاب لذات الهدف السابق، ولتنفيذ أجندات أجنبية وأهداف شخصية.

مخاطر التمويل

يرى محمد عبد العليم داود أن لهذا التمويل مخاطر كبيرة على مستقبل الوطن حيث يلوث العمل السياسى الجاد، ويقضى على الحيل الحزبية، ويخلق أجيالا من الشباب غير قادرة على تحمل المسئولية السياسية، وانعدام القيم والمبادئ السياسية وبيع الأوطان بطرق شتى، والأهم والأخطر هو عدم استقلال القرار داخل البيئة السياسية للأحزاب، لأن التمويل الأجنبى لا يبنى أوطانا، ويؤدى إلى التبعية للخارج، أو لمن يمول سواء كان فى الداخل أو الخارج.. فهؤلاء الناس المستقبلون للتمويل هم أخطر من المنظمات نفسها على الوطن لأنهم أداة لحرق الوطن.

ونبه داود إلى وجود 22 دولة تم تقسيمها بسبب التمويل الأجنبى، وخلط العمل الحقوقى بالعمل السياسى.. موضحا أن هناك أحزابا بنيت بالكامل بالتمويل الداخلى من الألف إلى الياء حتى الانفاق إعلاميا للظهور والوجود، مما يؤكد وجود أحزاب هى فى حقيقة الأمر ظاهرة إعلامية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2015/07/16 08:48
    0-
    0+

    ( كل حزب بما لديهم فرحون ) ... صدق الله العظيم
    هم بانفسهم معجبون ويعتقدون ان الحق معهم وليس مع سواهم ... لله درك يا مصر .
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق