رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

على قدر مؤامرة التقسيم … تكون إرادة الوحدة

كنا نسمع قبل سنوات عن المؤامرة، وكنا نظنها شيئا خفيا خرافيا؛ مثل الغول والعنقاء والخِل الوفي، كنا نقول بوجود المؤامرة على خجل، ونقدم الحجج والبراهين الدلائل على وجودها؛ حتى ندفع عن أنفسنا الاتهام بأننا من أنصار نظرية الموامرة، كنا…وكانوا…واليوم أصبحنا نراها مثل الشمس فى واضحة النهار، وصار المتآمرون يصرحون جهارا نهارا بمؤامراتهم، ويدافعون عنها بكل وقاحة وصلف، الذى حدث هو تغيير طفيف جدا؛ أننا انتقلنا من المؤامرة الخجولة المستحية المختبئة خلف حجب من الحياء، الى المؤامرة الوقحة الفاجرة التى تخرج علينا عارية بدون حياء.

وهنا يثور السؤال… لماذا هذا التغير العنيف والانتقال من المؤامرة الخجولة الى المؤامرة الوقحة الفاجرة؟… وفى ظنى أن الاجابة تكمن فى تغير أحوال طرفى المعادلة وهما: المُتآمر، والمُتآمر عليه، فقد ضعف حال المُتآمر عليه، وهان على الناس وعلى نفسه؛ فلم يعد يستحى منه أحد، أو يحسب حسابه أحد، ولم تعد له قيمة ولا وزن ولا مقدار ولا حجم ولا كثافة، أصبح عدماً بالنسبة للسيد المتآمر؛ لذلك لم يعد يحسب له حساب، ولم يعد يرهق نفسه فى الاخفاء والحيلة واللف والدوران.

أى أننا أصبحنا منطقة فراغ بشكل كامل، فراغ بالمعنى السياسى والاستراتيجي، فليس هناك فكر، ولا مشروع، ولا رؤية استراتيجية؛ خصوصا عند الدول التى كانت تتصدر المشهد الاستراتيجى صارخة زاعقة بمشروع قومى، أو اسلامى، أو وطنى. انتهى كل ذلك وأصبح أيقونة هذا الزمن حسنى مبارك الذى كان جوابه عندما سُئل عن المشروع القومى المصري؛ قال: عندنا المشروع القومى للمجاري. أصبح المشروع القومى المصرى والعربى هو: المشروع القومى للمجاري. مشروع قومى تحت الأرض من حيث المكان، يتعلق بأقذر ما فى الانسان، ورائحته تعبر عن جوهره.

فى ظل هذه الحالة من الفراغ برزت قوتان مجاورتان لنا كعرب، هم أخوة فى الدين شركاء فى الحضارة، ولكنهم من ألد الأعداء فى السياسة والاستراتيجية والمصالح، وهنا لابد أن نفرق بين هذه المستويات الثلاثة: الدين والحضارة والسياسة، فايران وتركيا مسلمون؛ اخوة لنا لهم كامل الحقوق كاخوة على مستوى المجتمعات والشعوب، وهما أيضا من أهم من ساهم فى صناعة حضارتنا الاسلامية تاريخيا، وهما أيضا من أهم من سوف يساهم فى حمل هذه الحضارة فى الزمن القادم، ولكنهما وللأسف؛ بحكم عوامل الجغرافيا، ومعطيات الاستراتيجيا، وقوة تأثير التاريخ، هما أعداء شرسين للعرب؛ على مستوى الدول، لم يعرف التاريخ فى ايران أو تركيا حاكما نظر الى العرب كقوة مكافئة مجاورة؛ يجب عليه احترامها والتعامل معها بندية واحترام، بل على العكس، دائما ينظرون لنا على أننا مجال حيوى لهما، أو موضوع للهيمنة، أوغنيمة يتصارعان عليها، أو على الأقل أرض مقدسة يجب أن تكون تحت أيديهما سواء فى العراق أو الحجاز، هكذا كانت نظرة العدوين التاريخيين سياسياً واستراتيجيا تركيا وايران.

وفى لحظتنا التاريخية هذه تلاقت مصالح الأخوة الأعداء تركيا وايران؛ مع مصالح القوى الدولية الطامعة تاريخيا فى الشرق الأوسط منذ اليونان والرومان، وظهر من بين ظهرانينا مراهقون فى صورة دويلة صغيرة؛ قوتها الاستراتيجية قناة تليفزيونية، وتنظيمات سياسية توظف الدين بصورة لا تاريخية، تحركها نوازع الحكم والسلطة أكثر مما تحركها قيم الدين؛ تلاقت هذه القوى الاقليمية والدولية فى خيمة أمتنا العربية، وفتح لها باب الخيمة تلك الدويلة والتنظيمات الدينية العميلة؛ ونتج عن اللقاء أن ولدت أمتنا أولاد حرام؛ جاءوا من سفاح جماعى فى صورة تنظيمات تتمسح بالدين والمذهب والطائفة والخلافة والأمويين وآل البيت عليهم السلام لتفكيك دولها وتدمير مجتمعاتها وتحقيق مؤامرة دولية لها وكلاء اقليميون أذكياء، وعملاء محليون مراهقون وأغبياء.

انتشر أولاد الحرام فى العالم العربى ومازالوا ينتشرون، ولا أظن أنهم سيتوقفون، طالما كان هناك تنظيم دولى لجماعة تحسن توظيف الدين والتراث والتاريخ لخدمة مصالحها السياسية، وطموحاتها فى أستاذية العالمية واقامة دولة التمكين، وطالما أن هناك دويلة تملك المال والاعلام الذى يدعم أبناء الحرام ويزيد من حشودهم من كل أنحاء العالم، أصبحت أمتنا العربية رهينة لهؤلاء الذين يقدمون التبرير لاخوانهم من الطرف الآخر؛ ليحشدوا حشداً طائفياً مذهبياً لتحقيق نفس الهدف والغاية وان ادعوا أن يناقضوهم أو يحاربوهم، فغاية داعش والحشد الشعبى واحدة وهى تحقيق المشروع الطائفى الذى سوف ينهى الوجود العربى بشعارات دينية، اما من التدين الأموى اليزيدي، أو التدين الصفوى الصولاغى.

والحال هكذا كيف السبيل الى مخرج من هذا الكابوس، وهذه المؤامرة الوقحة الفاجرة التى تعلن عن نفسها جهارا نهارا؟… أظن أننا تعلمنا ونحن صغار أن لكل فعل رد فعل، مساوٍ له فى المقدار، ومضاد له فى الاتجاه، فإذا كانت هذه المؤامرة على العراق والشام ومصر وجزيرة العرب، وليبيا والجزائر؛ فأين رد الفعل؟… أم أن هذا الفعل من المؤامرات الفجة الظاهرة يتم فى فراغ؟.

هذا الجنون الذى نعيشه مع الحوثى وداعش وأخواتهما لا يصلح له الا درجات من ذات الجنون، أى أن جنون الطائفية والتفتيت والتقسيم، والالحاق بالآخر الايرانى أو التركي، لا يصلح معه الا حركات من الجنون المقابل الذى لا يحسب حسابا لكل المعادلات الباردة التى تعلمناها فى علوم السياسة والاستراتيجيا، وانما لابد من تحركات سريعة وقوية ومزلزلة فى نفس الوقت، وهنا أقترح الآتي:

1- احياء الوحدة المصرية السورية من خلال اتفاق مؤتمر الحوار الذى يمثل الحكم والمعارضة العاقلة التى اجتمعت فى القاهرة أخيرا، بحيث يكون بشار نائبا للرئيس لحين انتهاء الولاية الحالية للرئيس المصري، ويتم الانتخاب الحر بعد ذلك للمنصبين، وعلى أن يعود الجيش الأول فى سوريا الى أخويه الجيش الثانى والثالث فى مصر بعد انفصال هو نفس عمري، وأن يتم تطهير سوريا من كل أبناء الحرام.

2- قرار تاريخى من مجلس التعاون الخليجى بضم اليمن عضواً كامل العضوية فى المجلس، على أن تتم معاملته بنفس منهجية التعامل مع سلطنة عمان.

3- احياء اتحاد المغرب العربى وتنشيط مؤسساته بصورة سريعة وطى صفحة الخلاف الجزائرى المغربى بغير رجعة، وارسال ملف الصحراء المغربية للتاريخ وتحقيق مصالحة تاريخية قبل أن يأكل الاثنان أفواج الجراد القادم من الشرق من أبناء الحرام الذين بدأوا يعبثون بتونس، وبالنسيج الاجتماعى فى غرداية تمهيدا لتفجير المجتمع الجزائرى ومن ورائه المغرب العربى الكبير.

خطوات سريعة وأظنها بسيطة، فقط تحتاج الارادة والجنون السياسى المطلوب.


لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف

رابط دائم: