رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الموازنة العامة للدولة..العجز والتمويل وتعملق الديون

تشكل الموازنة العامة للدولة بما تتضمنه من توقعات للإيرادات والمصروفات العامة وسبل تمويلها تجسيدا للسياسات الحكومية وما تعبر عنه بشأن دور الدولة فى التنمية وانحيازاتها الاجتماعية وتأثيرها على المجتمع فى الوقت الراهن وعلى الأجيال والحكومات المقبلة. ومن هذا المنطلق سيتم تناول وتحليل الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016.

ويشير البيان المالى للموازنة إلى أنها تستهدف تحقيق نمو فى الناتج المحلى الإجمالى لا يقل عن 5% على أن يتصاعد تدريجيا حتى يصل إلى 7% عام 2018/2019. وأشارت بيانات الموازنة إلى أن معدل النمو قد بلغ 4.2% فى العام المالى 2014/2015، وهو أمر يحتاج للتدقيق فى ظل تدنى معدل الاستثمار لمستويات يصعب فى ظلها تحقيق هذا النمو الحقيقي.

وبما أن النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى يتحقق من الاستثمارات الجديدة ومن زيادة إنتاجية الاستثمارات القائمة، فإن معدل الاستثمار يصبح حاكما فى تحقيق النمو وفى إيجاد الوظائف الحقيقية المرتبطة بالتوسع الاستثماري. وتشير بيانات الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016 إلى أن مخصصات الاستثمار فى الموازنة العامة الجديدة تبلغ 75 مليار جنيه، أى نحو 2.7% من الناتج المحلى الإجمالي. وهذا المعدل للاستثمار العام يقل عن المعدلات التى كانت تتضمنها موازنات مبارك ومرسى والتى لم تفض أيضا إلى نمو سريع أو تنمية حقيقية.

كما أن لدينا الحق فى التشكك حتى فى وفاء الحكومة بهذا الرقم كاستثمارات لأنها رصدت 67.2 مليار جنيه استثمارات فى مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014/2015، لكنها لم تنفق بالفعل سوى 60.2 مليار جنيه وفقا لبياناتها هى نفسها. وبما أن الدولة قدوة مواطنيها، فإن معدل الاستثمار العام الراهن لا يشكل قدوة حسنة للقطاع الخاص الكبير والمتوسط والتعاونى والصغير فى هذا الشأن. وحتى لو افترضنا أن القطاع الخاص المحلى والأجنبى سينفق على الاستثمارات الجديدة أو التوسع فى الاستثمارات القائمة ما يتراوح بين أربعة وخمسة أمثال الاستثمارات الحكومية، فإن معدل الاستثمار فى مصر سيبقى على مستواه المتدنى الذى يقل عن 15% من الناتج المحلى الإجمالى. وهذا المستوى لا يمكنه تحقيق أى نمو سريع أو اختراق اقتصادى. وقد بلغ معدل الاستثمار فى مصر نحو 12,6% من الناتج المحلى الإجمالى فى النصف الأول من العام المالى 2014/2015. وكان المعدل قد بلغ 14% فى العام المالى 2013/2014، مقارنة بنحو 14.2% فى العام المالى السابق عليه.

وللعلم فإن متوسط معدل الاستثمار العالمى وفقا لبيانات البنك الدولى عن السنوات الأخيرة يدور حول مستوى يتراوح بين 20%، 22% من الناتج العالمي. ويبلغ المعدل نحو 23% فى الدول الفقيرة، ونحو 29% فى دول الدخل المتوسط، ونحو 41% فى دول شرق آسيا والمحيط الهادئ، ونحو 32% فى جنوب آسيا. أى أن الدول التى تحقق نموا متوسطا أو سريعا بصورة حقيقية تحتاج إلى معدلات استثمار تزيد على ضعف معدل الاستثمار الراهن فى مصر. ومن المؤكد أن رفع معدل الاستثمار هو التحدى الحقيقى للحكومة إذا أرادت تحقيق أى إنجاز فى رفع معدلات النمو.

ولأن الطبيعى هو أن يتم تمويل الاستثمارات من المدخرات المحلية، فإن معدلات الادخار المحلية فى مصر تشكل مأساة حقيقية تحتاج لإجراءات فعالة لمعالجتها لرفع معدل الادخار المحلى لمستويات مقبولة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل الادخار المحلى قد بلغ 5.2% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام 2013/2014 ، وبلغ 4,7% فى النصف الأول من العام المالى 2014/2015. وسوف أكرر للمرة العاشرة ومن سنوات طويلة أن رفع معدل الادخار يتحقق عبر رفع الادخار الإجبارى من خلال زيادة نسبة التأمينات التى تتيح رفع المعاشات من جهة وتجبر المجتمع على تحقيق معدلات ادخار أعلى من جهة أخرى. كما أن بناء ثقافة ادخارية من خلال أنظمة التعليم والثقافة والإعلام يمكن أن يساعد فى هذا الشأن. كذلك فإن تصميم برنامج واسع النطاق لتنمية ورعاية المشروعات الصغيرة والتعاونية الممولة ذاتيا أو بمساعدات جزئية برعاية الدولة، سوف يساعد على حفز الادخار وربطه مباشرة بالاستثمار كآلية لدفع الاقتصاد وتحسين معدل النمو الحقيقي.

 

خفض البطالة لا يتحقق بالنيات والبيانات غير الدقيقة

 

يشير البيان المالى للموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016 إلى أن الحكومة تهدف لخفض معدل البطالة لما يتراوح بين 11.5%، 12% مشيرا إلى أن المعدل قد تراجع إلى 12.8% فى مارس 2015، مقارنة بنحو 13.4% فى يونيو 2014. والحقيقة أن البيانات كلها بحاجة للمراجعة لأنها غير دقيقة. وقد أشرت فى مقالات سابقة إلى هذا الأمر، ووعد رئيس الجهاز المركزى بإصلاح البيانات التى أكد أنها غير منطقية. وأعيد التذكير بمواطن الخلل فى البيانات التى اعتمدت عليها وزارة المالية فى الموازنة العامة للدولة...

تشير البيانات الرسمية إلى أن تعداد قوة العمل (عاملين وعاطلين) بلغ 27,7 مليون شخص عام 2014، مقارنة بنحو 27,6 مليون عام 2013. أى أن قوة العمل المصرية لم تزد خلال عام كامل إلا بنحو 100 ألف عامل!!

وترتيبا على هذا النمو البطئ لتعداد قوة العمل فإن معدل البطالة المحسوب بهذه الطريقة انخفض من 13.2% عام 2013، إلى 12,9% عام 2014، ثم إلى 12,8% فى مارس 2015. وهو بيان يشجع على التراخى فى مواجهة مشكلة البطالة طالما أنها تحل نفسها بلا استرتيجية أو خطط للمعالجة. لكنها بيانات غير دقيقة وتجافى العلم والمنطق كليا. وتشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد خريجى التعليم المتوسط (الدبلومات التجارية والصناعية والزراعية) بلغ 546 ألف خريج، بينما بلغ عدد خريجى الجامعات والمعاهد الفنية نحو 358 ألف خريج. أى أن مجموع خريجى التعليم المتوسط والجامعى بلغ 904 آلاف خريج. وهذا يعنى أن الغالبية الساحقة من هؤلاء تنضم لقوة العمل. ويضاف إلى ذلك الداخلون الجدد لسوق العمل من غير المتعلمين أو من الذين تسربوا من التعليم ليبلغ مجموع الداخلين الجدد لسوق العمل من المتعلمين وغير المتعلمين أكثر من 1.1 مليون شخص سنويا. ومع خروج أعداد من العاملين من سوق العمل بالمعاش أو الوفاة ، فإن صافى الداخلين الجدد لسوق العمل يتراوح على أقل تقدير بين سبعمائة ألف وثمانمائة ألف سنويا. وبالتالى فإن حساب قوة العمل ومعدل البطالة على أساس تقليص الزيادة فى قوة العمل إلى مجرد 100 ألف عام 2014 هو أمر خارج العقل والمنطق.

وبالنسبة لدخول بعض الخريجين فى الخدمة الوطنية (العسكرية) بما يبرر عدم حسابهم ضمن العاطلين، فإن أعدادا مقابلة لهم تكون قد أنهت خدمتها ودخلت سوق العمل، وبالتالى فإن التأثير متعادل فى هذه الحالة.

ولو عدنا إلى الوراء قليلا سنجد أن البيانات الرسمية تشير إلى أن تعداد قوة العمل المصرية بلغ 20.9 مليون شخص عام 2004، وارتفع إلى 22.1 مليون عام 2005 بزيادة صافية قدرها 1,2 مليون شخص، وارتفع إلى 23.2 مليون عام 2006 بزيادة صافية قدرها 1.1 مليون شخص، وارتفع عام 2007 إلى 24.3 مليون بزيادة صافية قدرها 1.1 مليون شخص، وارتفع عام 2008 إلى 24.7 مليون بزيادة قدرها 400 ألف فقط، وهى زيادة محدودة لا تتسق مع معدلات الزيادة الطبيعية فى قوة العمل فى السنوات السابقة بل تبلغ نحو 36% من تلك الزيادة فى العام السابق مباشرة. وهذا التخفيض للداخلين الجدد لسوق العمل فى ذلك العام هى آلية لتقليل معدل البطالة بصورة غير حقيقية عبر تقليل تعداد قوة العمل المحتملة (عاملين وعاطلين).

وارتفع تعداد قوة العمل المصرية عام 2009 إلى 25.4 مليون بزيادة قدرها 700 ألف شخص، وارتفع عام 2010 إلى 26.2 مليون بزيادة 800 ألف شخص، وارتفع عام 2011 إلى 26,5 مليون بزيادة قدرها 300 ألف فقط وهو أمر مجافى للمنطق والعلم. وارتفع التعداد فى عام 2012 إلى 27 مليونا بزيادة 500 ألف شخص، وارتفع عام 2013 إلى 27,6 مليون بزيادة 600 ألف شخص، قبل أن يتم قصر الزيادة على 100 ألف فقط فى عام 2014 ليصل تعداد قوة العمل إلى 27.7 مليون شخص فى معاندة حقيقية للواقع وللمنطق الديموجرافى ولبيانات الجهاز نفسه بشأن خريجى النظام التعليمي. والبيانات الخاصة بحجم الزيادة فى قوة العمل منذ عام 2011 وحتى الآن تحتاج لمراجعة علمية وموضوعية.

ولو أخذنا عام 2010 كسنة أساس بلغت قوة العمل خلالها 26.2 مليون، وأضفنا الزيادة الصافية فى قوة العمل عند تقدير متدنى يبلغ 750 ألف سنويا، فإن قوة العمل المصرية ستبلغ فى عام 2014 نحو 29.2 مليون شخص. وإذا خصمنا منها عدد المشتغلين فعليا والذى بلغ وفقا للبيانات الرسمية نحو 24,3 مليون، فإن عدد العاطلين يصبح 4.9 مليون عاطل، ويصبح معدل البطالة نحو 16.8% من قوة العمل.

ولو تأملنا عدد فرص العمل الإضافية التى تم خلقها فى الاقتصاد المصرى منذ بداية عام 2011 وحتى نهاية عام 2014، سنجد أنها تبلغ وفقا للبيانات الرسمية نحو 500 ألف فرصة عمل فقط، حيث ارتفع عدد المشتغلين من 23.8 مليون عام 2010، إلى 24.3 مليون فى نهاية عام 2014. أى أن كل ما تم خلقه من فرص للعمل خلال أربع سنوات يقل عن ثلثى صافى عدد الداخلين الجدد لسوق العمل فى عام واحد، فكيف يتراجع معدل البطالة؟!

وعلى أى حال فإن تخفيض معدل البطالة يتأتى بالأساس من رفع معدل الاستثمار، وهو ما لم تأت به الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016، والتى لا تختلف عن موازنات مبارك أو مرسى فى هذا الشأن.

ويشير البيان المالى للموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016 إلى استهداف تخفيض معدل التضخم ليتراوح بين 7%، و 8%. وتشير البيانات الرسمية التى سلمتها مصر لصندوق النقد الدولى والمنشورة فى تقريره (World Economic Outlook April 2015) إلى أن معدل ارتفاع أسعار المستهلكين (مؤشر معدل التضخم) قد ارتفع من 6.9% عام 2013، إلى 10.1% عام 2014. وتشير أدنى التقديرات الرسمية إلى أنه سيرتفع إلى 10.3% عام 2015. أى أن التضخم يرتفع لا يتراجع كما يقول البيان المالى للموازنة. وللعلم فإن متوسط معدل التضخم فى الدول النامية بلغ 5.1% عام 2014، ومن المقدر له أن يبلغ نحو 5.4% عام 2015. وينبغى التأكيد على أن تحقيق هدف النزول بالتضخم إلى ما دون هذا المستوى الذى يظل مرتفعا، يتوقف على مكافحة الاحتكارات الإنتاجية والتجارية التى ترفع أسعار السلع والخدمات بصورة بعيدة تماما عن تكلفتها. كما يتوقف على زيادة الإنتاج لتحقيق التوازن بين عرض السلع والخدمات والطلب عليها.

 

استمرار العجز الكبير وتعملق الديون

يشير البيان المالى للموازنة العامة للدولة للعام المالى 2015/2016 إلى أن الإيرادات العامة ستبلغ 622,3 مليار جنيه، بينما ستبلغ المصروفات نحو 864,6 مليار جنيه. أى أن العجز النقدى سيبلغ نحو 242.3 مليار جنيه. أما العجز الكلى الذى يتضمن حيازة الأصول المالية فسيبلغ نحو 251.1 مليار جنيه بما يوازى 10.6% من الناتج المحلى الإجمالي. وهذا يعنى أن الدولة ستقترض بمقدار هذا العجز الكلي. وإذا أضفنا إلى ذلك أنها مضطرة لسداد أقساط ديون قيمتها 257.9 مليار جنيه فى العام المالى 2015/2016، فإن حجم الاقتراض سيصبح مروعا وسيرتفع بحجم الديون العامة إلى مستويات منذرة بالمزيد من الأخطار. وللتذكرة فإن الدين العام المحلى بلغ نحو 1238 مليار جنيه عند نهاية حكم المجلس العسكري، وارتفع إلى 1527 مليار جنيه فى نهاية حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وارتفع إلى 1817 مليار جنيه فى نهاية حكم الرئيس السابق عدلى منصور، وارتفع إلى 2017 مليار جنيه فى مارس 2015. وإذا أضفنا إليها الديون الخارجية فإن إجمالى الديون العامة الداخلية والخارجية بلغت فى نهاية عام 2014 نحو 2217 مليار جنيه (مشروع الموازنة صـ 113). ويبلغ متوسط نصيب الفرد من المصريين المقيمين فى مصر منها نحو 24.6 ألف جنيه. ويتوقع مشروع الموازنة العامة للدولة أن تصل الديون العامة إلى 2.6 تريليون جنيه فى نهاية العام المالى فى 30 يونيو 2016.

ومن الضرورى أن نأخذ تقديرات الموازنة ببعض التحفظ لأنه فى الموازنة الماضية كانت التقديرات تشير إلى أن العجز النقدى سيبلغ 240.8 مليار جنيه لكنه بلغ 250.4 مليار جنيه. وكانت التقديرات تشير إلى أن العجز الكلى سيبلغ 240 مليار جنيه، لكنه بلغ 262.6 مليار جنيه وفقا للبيانات الرسمية.

وهكذا فإن الدائرة الجهنمية لزيادة الديون ما زالت مستمرة ولابد من منهج جديد فى التعامل معها لوقف ارتفاعها إلى مستويات جديدة وغير محتملة وتلقى باعباء جسيمة على الحكومات القادمة والجيل القادم.

وعملية السيطرة على الديون الداخلية تتطلب تنشيط الإيرادات بصورة فعالة وترشيد المصروفات إلى اقصى حد وبالذات بالنسبة لدعم الطاقة وفوائد القروض العامة. كما أن إيقاف التعيينات التى تتحول لبطالة مقنعة بالجهاز الحكومى والهيئات العامة وقصرها على عدد محدود من المتفوقين سيؤدى إلى تراجع العدد الضخم للعاملين فى هذا الجهاز وتلك الهيئات ويقلل بالتالى من بند الأجور العملاق رغم تحسين وزيادة الأجور للعاملين فعليا. وبالمقابل فإن الحكومة عليها ان تعمل على تنشيط عملية خلق الوظائف الحقيقية فى مشروعات عامة جديدة وفى القطاع الخاص الكبير والمتوسط والتعاونى والصغير.

وكنت مخصصات الأجور وما فى حكمها قد ارتفعت من 85 مليار جنيه عام 2009/2010، لتصل إلى 201 مليار جنيه فى العام المالى الماضي، وإلى نحو 218 مليار جنيه فى تقديرات الموازنة العامة للعام المالى 2015/2016. وجزء أساسى من ذلك التضخم فى تلك المخصصات ناجم عن التعيينات العشوائية فى صورة بطالة مقنعة.

 

الموارد العامة والطبقة الوسطى والفقراء الممول الرئيسى للموازنة

 

تبلغ الإيرادات العامة للدولة فى الموازنة العامة الجديدة نحو 622.4 مليار جنيه. وتأتى غالبيتها الساحقة أو 422.4 مليار جنيه من الضرائب. وهذه الحصيلة الضريبية المتوقعة تعادل نحو 67.9% من إجمالى الإيرادات العامة المتوقعة. وكانت الحصيلة الضريبية قد بلغت نحو 317.8 مليار جنيه فى العام المالى الماضي، أى أن الحصيلة الضريبية المتوقعة فى العام المالى الجديد تزيد بنحو 32.9% عن حصيلة العام الماضي.

ويشير مشروع الموازنة العامة للدولة إلى تخفيض الشريحة العليا للضريبة على الدخل إلى 22.5%. كما تم إلغاء الضريبة على أرباح الأسهم والتى اشتهرت باسم الضريبة على أرباح البورصة. وهذا يعنى أن الإجراءات التى اتجهت إلى تحقيق قدر ولو يسير من العدالة الضريبية قد تم التراجع عنها والعودة إلى النموذج الضريبى لنظام مبارك، سواء بتخفيض المعدل الضريبى على الشريحة العليا للدخل او بإلغاء الضرائب على المكاسب الرأسمالية فى البورصة.

وداخل الحصيلة الضريبية قدرت حصيلة ضريبة المبيعات بنحو 159.9 مليار جنيه تعادل 37.9% من إجمالى الحصيلة الضريبية المتوقعة. وتبلغ الضريبة الجمركية المتوقعة نحو 27.4 مليار جنيه بنسبة 6.5% من إجمالى الحصيلة الضريبية وكلتاهما ضرائب غير مباشرة تتحملها الطبقات الوسطى والأقل دخلا بالأساس.

أما الضرائب العامة التى من المتوقع أن تبلغ حصيلتها 213.5 مليار جنيه، فإن غالبيتها الساحقة تعود إلى ضرائب المرتبات (27.4 مليار جنيه)، والضرائب على الهيئة العامة للبترول والهيئة العامة لقناة السويس (57.5 مليار جنيه)، والضرائب على الأرباح والأموال المنقولة للبنك المركزى (19.5 مليار جنيه)، والضرائب على الأذون والسندات (33 مليار جنيه)، والضرائب على الشركات العامة والخاصة (42.6 مليار جنيه). أما ضريبة النشاط التجارى والصناعى التى تتحملها الرأسمالية فإنها تقل عن 14 مليار جنيه، تعادل نحو 3.3% فقط من الإيرادات الضريبية المتوقعة فى الموازنة العامة الجديدة.

أما الإيرادات غير الضريبية والبالغة 197.6 مليار جنيه فإنها كلها تتعلق بالموارد والمشروعات العامة والسلطات السيادية للدولة. ويأتى الجانب الأكبر منها من فوائض البترول (29 مليار جنيه)، وقناة السويس (19 مليار جنيه)، والبنك المركزى (34.4 مليار جنيه)، والصناديق والحسابات الخاصة (19,1 مليار جنيه) وإيرادات المناجم (10.1 مليار جنيه)، ومقابل الخدمات الحكومية (4.1 مليار جنيه)، والفائض المحول من الشركات العامة (8.3 مليار جنيه).

وهكذا فإن تمويل الموازنة العامة للدولة ما زال مرتبطا بالموارد الطبيعية والمشروعات العامة القديمة والجديدة وبالحصيلة الضريبية المباشرة وغير المباشرة التى يتحملها بالأساس الطبقة الوسطى والفقراء بينما تم التراجع عن السياسات الضريبية الخاصة بالضريبة على المكاسب الرأسمالية فى البورصة والشرائح الجديدة للضريبة على الدخل والتى تم سنها فى العام الماضى والتى كانت تستهدف تحقيق قدر يسير من العدالة الضريبية. أما المصروفات فى الموازنة العامة للدولة وما تعبر عنه من انحيازات اجتماعية ورؤية تنموية فهى موضوع لمقال قادم بإذن الله.


لمزيد من مقالات أحمد السيد النجار

رابط دائم: