ثم تتوالى الحكايات عن الرياضة والأبطال فى العصور اليونانية والرومانية ثم الإسلامية وصولاً للعصر الحديث لتؤكد لنا أن شعارات « العقل السليم فى الجسم السليم « و « ضرورة العمل على بناء الرياضى المصرى المتفوق « لم تكن مجرد شعارات أو عبارات جوفاء رددها المسئولون فقط ولكنهم عملوا على تطبيقها بالفعل على أرض الواقع ، ووثيقة هذا الأسبوع تندرج تحت هذا الباب « باب الرياضة « وأهمية النبوغ والتفوق الرياضى .
والحقيقة أن ما أعرضه هذا الأسبوع ليس وثيقة واحدة بل إثنتين صادرتين من جهات رياضية مختلفة، ولكن فى إطار نفس الموضوع أو نفس الرياضة وهى رياضة « السلاح « أو رياضة النبلاء وذوي الياقات البيضاء ، وهى الرياضة التى كانت منتشرة فى أثناء حكم الملك فؤاد والملك فاروق واشتهر بممارستها الكثير من الأمراء ونبلاء العائلة المالكة .
والوثيقة الأولى صادرة من اللجنة الأوليمبية المصرية - العجوزة - الجيزة فرعى، تليفون ٩٦٦٦٨ ، تلغرافياً أوليمبياد مصر وموجهة الى حضرة المحترم الأستاذ ابراهيم شاهين بك وتقول : سبق أن تسلمتم من اللجنة الأوليمبية المصرية بتاريخ ٢٦ فبراير ١٩٣٦ شيكاً على بنك مصر بمبلغ ٢٢٠ جنيهاً مصرياً على ذمة الصرف منها لسفر فريق السلاح الأوليمبي المصري الى برلين ، ولما كان من الضروري تقديم كشوفات حساب اللجنة لاعتمادها من صاحب العزة الدكتور فؤاد بك سلطان امين صندوق اللجنة نرجو التكرم بسرعة إرسال كشف يبين ما صرف من هذا المبلغ ولكم الشكر سلفاً ، الإمضاء السكرتير العام .
ومن هذه الوثيقة نتبين أن فريق السلاح المصرى شارك فى أوليمبياد برلين عام ١٩٣٦ مما يعنى تفوق هذه الرياضة وتقدمها فى مصر فى ذلك الوقت ووجود أبطال بها مما مكنهم من الاشتراك فى هذه الدورة، ولذلك تم اعتماد مبلغ ٢٢٠ جنيها للصرف على الفريق وهو مبلغ ضخم فى ذلك الوقت ، وأنه كانت اللجنة الأوليمبية تتابع ما تم صرفه وكيفية الصرف وتطلب الحصول على كشوفات رسمية بالمبالغ المصروفة ( أى أنه كانت هناك رقابه على أموال الدولة ) ويظهر من الوثيقة أن المبلغ لم يتم صرفه كاملا حيث تقول « ما صرف من هذا المبلغ «
أما الوثيقة الثانية فهى صادرة من اللجنة الأهلية للرياضة البدنية ، تلغرافياً أهلية مصر ، صندوق بوستة ٢٠٥٥ مصر وتليفون ٤٤٩٧٧ وهى موجهة الى حضرة صاحب العزة سكرتير عام الاتحاد المصرى للسلاح وتقول : رداً على كتاب الاتحاد بتاريخ ١٢ فبراير ١٩٣٩ بخصوص ما يستلزمه تمرين الفريق المصرى للسلاح من المصاريف استعداداً للمباريات الأوليمبية سنة١٩٤٠ - إتشرف بإخبار عزتكم أنه بعرض هذا الموضوع على مكتب اللجنة الاهلية بجلسة ١٢ فبراير ١٩٣٩ تقرر مبدئياً الموافقة على الطلب السالف الذكر على أن يقرر الترتيب النهائى بعد الملاقاة مع اليونان، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ، الإمضاء السكرتير العام المساعد .
ومن هذه الوثيقة نتبين أن فريق السلاح المصرى كان يحظى باهتمام جهات رياضية عديدة فى مصر مثل اللجنة الأوليمبية واللجنة الأهلية للرياضة البدنية، وانه كان يشارك فى الكثير من المباريات الدولية ويسعى للاحتكاك مع الفرق الأجنبية للحصول على المزيد من الخبرات ولذلك كان يتم الترتيب لمشاركة هذه الفرقة وتوفير الأموال اللازمة لهم قبل الدورات الأوليمبية بما لا يقل عن عام مما يدل على الإخلاص فى العمل والمتابعة الجيدة فلم يكن الأمر متروكا للحظات الأخيرة ، كما أن الحكومة هى التى كانت تتولى الانفاق على الفرق لا الجهات والشركات الخاصة كما يحدث هذه الأيام وتوضح الوثيقة أن التخاطب بين الجهات الرسمية واتخاذ القرارات كان يتم بسرعة بدون تراخ، فالطلب تم البت فيه فى نفس يوم إرسال الرسالة ثم أُرسل الرد رسميا فى خطاب فى خلال اسبوع من تاريخه ولم يتم دفنه فى الأدراج الحكومية كما يحدث فى أيامنا هذه التى تتسم باللامبالاة ، كما تم ربط تحديد المبلغ المناسب بأداء الفريق مع نظيره اليونانى وهذا فى رأيى منتهى الذكاء لتشجيع الفريق وتحفيزهم على الفوز .
بقى أن أقول إن اللجنة الاولميبية المصرية قام بتأسيسها انجلو بولاناكي في 13 يونيو عام 1910 برئاسة الامير عمر طوسون وكان اول اشتراك لمصر في الدورات الاولميبية في الدورة الخامسة باستكهولم عام 1912 حيث كان الاشتراك رمزيا بلاعب واحد في لعبة السلاح وهو احمد حسانين.
وفي عام 1920 شاركت مصر بأول بعثة أولميبية في الدورة السابعة بمدينة انفرس ببعثة تتكون من 20 لاعب يمثلون ست لعبات .
وفي 23 يونيو 1914 احتفلت مصر برفع العلم الأولميبية لأول مرة في العالم باستاد الشاطبي بمدينة الاسكندرية احتفالاً بمرور عشرين عاماً على احياء الالعاب الاولمبية الحديثه ..الله على مصر ورياضييها وحكاياتها زمان .