جاءت مسودة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام صادمة، وبها الكثير من المواد التى تحتاج إلى تكاتف كل الصحفيين لتعديلها لتحقيق آمالهم فى التشريعات المقترحة التى ينتظرونها منذ أن تم اقرار الدستور الجديد فى بداية العام الماضي.
فى المقال السابق أشرت إلى جهود كثيرة بُذلت من كل الأطراف فى هذا الإطار، خاصة فيما يتعلق بمشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة المعنية بشئون المؤسسات الصحفية القومية إلا أن مسودة المشروع خرجت متجاهلة كل ذلك، ومن خلال القراءة السريعة لمسودة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام التى خرجت عن لجنة الصياغة يمكن إبراز الملاحظات التالية:
أولا : كان الأمل أن يكون هناك 3 مشروعات للقوانين لترجمة المواد الثلاث بالدستور الخاصة بمنظومة الإعلام بكاملها، وهى المواد: 211، 212، 213 بحيث يلبى كل قانون احتياجات القطاع المستهدف، لأن مشكلات الصحافة القومية تختلف عن مشكلات الإذاعة والتليفزيون، ومشكلات الصحفيين تختلف عن مشكلات الإعلاميين إلا أن المسودة جمعت الثلاث مواد الدستورية فى مشروع قانون واحد.
ثانيا : المادة 14 من مسودة المشروع صيغت بطريقة توحى أنها تقنن الفصل للصحفيين والإعلاميين، واختصرت مدة التفاوض إلى أربعة أشهر فقط فى حين كان يجب النص على رفض الفصل دون حكم قضائى وبغير الطريق التأديبي.
ثالثا: استنسخت مسودة المشروع طريقة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة لتعيد بها تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وكذلك الهيئة الوطنية للصحافة المعنية بالمؤسسات الصحفية القومية، دون أن تراعى ضرورة أن يكون أبناء المؤسسات الصحفية القومية هم الأولى بتشكيل هيئتهم فى إطار قواعد وضوابط يتم الاتفاق عليها، وفى إطار تمثيل عادل ومتكافئ مع الدولة كمالك لهذه المؤسسات.
رابعا : أغفلت المسودة إسقاط ديون المؤسسات الصحفية القومية التى تثقل كاهلها فى حين أن المادة 165 منها راعت مشكلات ديون اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأسقطت التزامات اتحاد الإذاعة والتليفزيون مع بنك الاستثمار القومى بشأن القروض والمديونيات، وكان يجب أن يكون هناك نص واضح باسقاط المديونيات الحكومية المتراكمة على المؤسسات الصحفية القومية والتى تثقل كاهلها دون قدرة على سداد هذه الديون.
خامسا : كان من المنتظر النص بوضوح على مد سن التقاعد إلى 65 عاما للصحفيين مع استمرار جواز المد عاما بعد عام للإداريين والعمال إلا أن المادة 73 وضعت قيودا إضافية على المد لتجعله فى حكم المستحيل تقريبا، وتطيح بأحلام الصحفيين فى المد أسوة بأساتذة الجامعات والقضاة وعلى اعتبار أن مهنة الصحافة هى مهنة تراكم فى الأساس، كما ظل الصحفيون لفترات طويلة بعيدين عن شبح التقاعد فعليا، ولم تظهر تلك الأزمة إلا خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة الأزمة الاقتصادية.
سادسا: أبقت مسودة المشروع على نسبة المعينين داخل مجالس الإدارة، وخفضت عدد المنتخبين فى الجمعيات العمومية فى وقت كانت الأنظار كلها تتجه نحو زيادة أعداد المنتخبين فى مجالس الإدارة والجمعيات العمومية فى مواجهة أعداد المعينين، كما أضافت المسودة نصا معيبا لم يطبق فى أى مجال انتخابى إلا مرة واحدة فى الأندية الرياضية وتم إلغاؤه فى مشروع القانون الجديد، وهو تطبيق الدورتين على العضو المنتخب فى خلط واضح بين العضو المنتخب والمنصب التنفيذى وفى تجاهل متعمد لما يتم تطبيقه فى كل المجالات النقابية ومنها نقابة الصحفيين وكل المجالات البرلمانية والعمالية الأخرى فى داخل مصر أو خارجها أو حتى فى أعرق الديمقراطيات فى العالم.
أخيرا فإن ما يبعث على التفاؤل هو موقف نقابة الصحفيين - نقيبا ومجلسا - وما صرح به نقيب الصحفيين يحيى قلاش خلال اجتماعه بوفد من رابطة أعضاء مجالس الإدارة والجمعيات العمومية المنتخبة تحت التأسيس من تفهمه لكل هذه الملاحظات وغيرها وأنه وأعضاء المجلس مصرون على خروج مشروع المسودة فى أفضل صورة ممكنة، وهذا هو الأمل والتحدي.