رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المعزول والجماعة والغرب

تجددت الحملة الإعلامية الغربية على القضاء المصرى عقب قرار محكمة الجنايات بإحالة الرئيس المعزول محمد مرسى وعدد من قيادات وأفراد جماعة الاخوان الإرهابية وأفراد تابعين لحركة حماس وحزب الله لمفتى الجمهورية تمهيدا للحكم عليهم فى 2 يونيو المقبل؛ كما صدرت ردود فعل منددة وغاضبة من الرئيس التركى ورئيس وزرائه ومنظمات حقوقية فى مقدمتها هيومن رايتس واتش وكذلك وزير الخارجية الألمانى وغيرهم.


تزامنت ردود الأفعال تلك وتصاعدت متجاهلة اغتيال 4 من رجال القضاء المنتمين للنيابة العامة فى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء على أيدى جماعة أنصار بيت المقدس التى بدأت بشن عملياتها الإرهابية فى سيناء عقب فض اعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة فى 14 أغسطس 2013م كما هاجمت عددا من مقار المحاكم فى محافظة المنوفية وتوعدت باستهداف كل القضاة ورجال النيابة لتقدم دليلا جديدا على أرتباطها العضوى والتنظيمى بجماعة الاخوان المسلمين وأن كل حمامات الدم التى سالت واستهدفت المواطنين ورجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام واستهداف المنشآت وأبراج الكهرباء والقطارات وكل التفجيرات ترتبط بكل خطوة يقوم فيها القضاء بإصدار أحكام أو تحرك من الدولة لتقويض أذرع الجماعة المالية، وتجفيف مصادر تمويلها ومحاصرة القادة الميدانيين المنتشرين فى القرى والمحافظات كإجراء وقائى لمنع المزيد من العمليات الإرهابية التى يحركها ويعطى الأوامر لها قادة الجماعة خارج مصر الموجودون فى الدوحة وأنقرة وبعض العواصم الغربية وتلك التى تتسرب من القيادات داخل السجون بطريقة أو بأخرى.

ردود الافعال فى كل مرة لا تفرق بين القرار والحكم وبأن قرار الإحالة للمفتى ليس حكما بل للمشورة بشأن حكم لم يصدر بعد كما حدث فى أحكام المنيا التى صدر فيها قرار بإحالة ما يقرب من 1200 متهم للمفتى وعند إصدار الأحكام صدر بالإعدام على 35 متهما بينهم ما يقرب من 28 هاربين كما تجاهلت أن الحكم لو صدر يعد حكم درجة أولى قابل للنقض وإعادة المحاكمة من جديد والتى يتعرض حكمها أيضا للنقض؛ ولكن الغرب واردوغان وتميم حاكم قطر يصرون على أن القضاء مسيس وأنه يعمل وفقا لأهواء الحاكم وهو تدخل سافر فى الشأن الداخلى ودعوة صريحة لإباحة دماء القضاة على أيدى الإرهابيين.

ردود الأفعال الخارجية حتى الآن مازالت تتجاهل ثورة 30 يونيو التى خرج فيها ملايين المصريين واحتشدوا فى الشوارع والميادين من شمال البلاد إلى جنوبها تطالب بعزل مرسى وإسقاط حكم الجماعة ومرشدها الأعلى محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر اللذين كانا يحكمان البلاد فعليا من خلف الكواليس بعد سلسلة من الممارسات الإقصائية لكل التيارات والأحزاب المدنية وشركاء ثورة 25 يناير وإصدار إعلان دستورى فى نوفمبر 2012 يمنح مرسى صلاحيات إلهية وتكرس لحكم ديكتاتورى لشعب ذاق طعم الثورة على الديكتاتور وبعد أن حشد أنصاره فى ميدانى رابعة والنهضة متوعدا المطالبين بعزله من الحكم ومشيرا لأنصاره باستخدام الدم والعنف فى سبيل الحفاظ على حكمه و«شرعيته» مما عجل بتدخل الجيش منعا لحرب أهلية تدور رحاها على أبواب قصر الاتحادية وفى كل ميادين مصر كما تدخل فى 25 يناير 2011 لإجبار مبارك على التنحى استجابة لإرادة الجماهير التى كانت أقل عددا مقارنة بأعدادهم فى 30 يونيو.

ورغم إقرار الغرب بشرعية ثورة 25 يناير فإنه ناقض نفسه فى التردد بالاعتراف بثورة 30 يونيو؛ ولم يدن أو يتدخل فى محاكمة مبارك ورموز نظامه ولم يعلق على الأحكام فى حين يتدخل فى كل إجراء أو حكم يصدره نفس القضاء بحق رموز جماعة الاخوان المسلمين ودميتها محمد مرسى فى تناقض لمبدأ مهم هو جوهر أى نظام ديمقراطى يجرم التعليق على أحكام وأعمال القضاء بالمدح أو بالذم أو التدخل فى الشئون الداخلية لدولة أخرى عضو كامل العضوية والسيادة فى الأمم المتحدة لها دستور شرعى ورئيس منتخب ديمقراطيا.

يبكى الغرب وتركيا وقطر ومن خلفهم واشنطن على انهيار تيار الإسلام السياسى الذى كان يعد لوراثة الحكم فى بلدان الربيع العربى خلفا للديكتاتوريات التى كانت تحكم: مبارك وبن على وصالح والأسد وغيرهم رغبة من الولايات المتحدة فى أن تخرج تلك الشعوب من ديكتاتورية وفاشية الفرد إلى ديكتاتورية وفاشية رجال الدين والجماعات السلفية التى تعتمد منذ زمن على علاقات قوية معها بل أسهمت العديد من العواصم الغربية وفى مقدمتها لندن وواشنطن فى إيجاد بعضها ووفرت لها بعض العواصم الأخرى مثل برلين وفيينا مأوى للهاربين من جرائم الإرهاب تحت راية الحرية؛ وكانت تلك العواصم ترى فى هذا التيار ضالتها التى تبحث عنها فى ضبط إيقاع المنطقة والسيطرة على منابع الثروة فيها وصولا لاتفاق دائم مع إسرائيل يؤمن لها مستقبلا آمنا ويمنح المصوغ الأخلاقى والقانونى لإعلان إسرائيل دولة يهودية فى مقابل وجود دول وولايات إسلامية «سنية وشيعية»؛ وقامت بتغذية الصراع السنى الشيعى وإيجاد نموذج داعش الإرهابى فى مقابل ما تروج له من نموذج للإسلام الوسطى المعتدل كى نقبل به على المدى القريب والبعيد بديلا للتطرف والعنف الذى تمثله داعش وغيرها من جماعات العنف المسلحة وكأن المواطن العربى لا حق له فى نموذج محتلف ينطلق به إلى عالم القرن الحادى والعشرين بعيدا عن تلك البدائل الإجبارية التى تضعها بين نماذج: محمد مرسى وأبو بكر البغدادى ورجب طيب اردوغان ولا تطرح أى بديل يحترم وطنا قام بثورتين.


لمزيد من مقالات جلال نصار

رابط دائم: