فرق كبير بين الحضور والغياب، وهناك الحاضر الغائب، وهناك الغائب الحاضر، وقد يكون الغياب أقوى من الحضور، وأحيانا يصبح رسالة احتجاج، والمسألة ليست انفعالات، وإنما حسابات أشبه بلعبة الشطرنج، وحتى تصبح أذكي لابد أن تلاعب خصما أذكى. الشراكة ليست وعودا بل التزامات، وما لا تأخذه اليوم قد تحصل عليه غدا، المهم أن تدرس كل شيء، وأن تتوقع ما يمكن أن يحدث، وكل الخيارات متاحة، كلما سببت ألما كنت الأكثر تأثيرا، والأقوى يهزم الأضعف، والأذكي يدمر الأغبى، والحياة اختيارات.
في السياسة كما في الحياة: المصلحة شعار الجميع، ولكل حليف بديل، ألد أعدائك يختبئ في آخر مكان تتوقعه، وربما يبيعك أقرب الناس إليك، وحين تعجز الدبلوماسية تتكلم المدافع، والعنف لا يواجه إلا بالعنف، ولا مجال للهرب من المواجهة، والقضية أن تكون أو لا تكون.
قد تطرأ مستجدات يلزمها ضمانات، لكن الحليف الأكبر يتلكأ، ويطرح أفكارا لا علاقة لها بالواقع، والهدف التغطية على صفقة، أو طعنة في الظهر، وربما عملية ابتزاز، ولا مشكلة فالعالم تحكمه الازدواجية، وتبقى قدرتك على المناورة، وفهم حركة التاريخ، وأي كلام آخر مجرد كلام.
هناك قوى تتوسع، وأخرى تنكمش، وكل خطوة للأمام مكسب، وكل خطوة للوراء خسارة، وقد تتراجع لتتقدم، وربما يبيعك الحليف مرة، لكن لا يجب أن يبيعك مرتين، وما لا تتوقعه اليوم قد يحدث غدا، فلكل ظاهر باطن، ولكل باطن ظاهر، والصراع تحسمه الإرادة، ولا فوز بالأوهام.
قد تحدث أخطاء هنا وأخطاء هناك، لكن لا مجال للتراجع، فالبديل صعب، وأحيانا لابد من تغيير المسار، لا يهم ما حدث بالأمس، المهم ما سيحدث غدا، المسألة لم تعد قضية حدود، وإنما قضية وجود!.