تلقى الأحكام التى أصدرتها صباح أمس محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار الجليل شعبان الشامي- سواءً فى قضية التخابر الكبرى أو الهروب من سجن وادى النطرون- الضوء على نحو نهائى لا يقبل لُجاجاً أو لغطاً حول طبيعة الأحداث التى التبست عملية يناير 2011
وبصرف النظر عن أن أوراق عشرين متهماً فى القضية الأولى (ليس بينهم محمد مرسي)، وأوراق مائة وخمسة متهمين فى القضية الثانية (بينهم محمد مرسي) تمت إحالتها لفضيلة مفتى الجمهورية، وأن هيئة المحكمة ستنعقد بعد ستة عشرة يوماً للحكم يوم 2 يونيو المقبل، فإن الثابت الآن هو حجم المؤامرة التى تعرضت لها مصر فى موضوعى القضيتين، وهو ما ظل محل جدل سوفسطائى سقيم وعقيم طوال السنوات الأربع الماضية، الهدف منه المراوغة، وتصفية مجموعة من الخصوم السياسيين أو إقصائهم فى كل مؤسسات الدولة تحت غطاءات تبدو ثورية أو سياسية تحسبهم من أعداء يناير.
الآن- كذلك- لم يعد هناك بد من الاعتراف بأن التآمر الأجنبى حدث- ولو فى حالتى حماس وحزب الله المنظورتين فى ملف القضية الأولي- وقد ظل هذا الادعاء أيضاً محل لجاج مرذول سمج طوال أربع سنوات ونصف من الذين أرادوا التمويه على الحقيقة وطمسها.
هذه الأحكام التى أصدرتها دائرة عالية المقام، لا تكفينا- كمصريين- لأننا نريد نتيجة التحقيقات فى القضية 250 لعام 2011 التى ستكمل صورة ما جرى بالضبط، وهو الذى إن لم يتم ستظل مصر غير قادرة على جمع عناصر السبيكة الوطنية المدنية معاً، أو البدء فى كتابة جملة جديدة فى نص الوطن الجديد..من أول الصفحة ومن أول السطر.