رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الداعشية أعلى مراحل السلفية

يبدو أن الظاهرة «الداعشية» قد فاجأت الكثيرين، سواء فى مستوى وحشيتها أو مدى تغلغل وانتشار أفكارها، وتنوع معتنقيها، والمشاركين فى حروبها، الذين جاءوا من مختلف بقاع الأرض، ليقيموا «دولة الإسلام»، التى تبدأ من العراق والشام، لتكون منطلقا لفتح باقى أرجاء العالم.

كان الفكر السلفى المنكفئ على الماضى قد انتشر طوال العقود الماضية، بعد أن تعلقت به أعداد متزايدة من المهمشين والمغتربين والرافضين لنمط حياة عجزوا عن التكيف معه، ووجدوا فى الفكر السلفى ملاذا قادرا على انتشالهم من الشعور بالتهميش وعدم التحقق فى مجتمع يسحقهم بكل عنف وسرعة، بدون أن يلتفت لضحايا تروسه السريعة والحادة.

ويتنوع هؤلاء المهمشون بين فقراء لا يتمتعون بتعليم كاف، أو متوسطى حال تآكلت أحلامهم فى حياة كريمة ومأمونة، أو مهاجرين إلى دول متقدمة، وجرى لفظهم بسبب العنصرية أو الفشل فى التكيف، وقد وجد كثير من هؤلاء غايتهم فى الفكر السلفي، لأنه يفصلهم عن منظومة قيم المجتمع الحديث، وينأى بهم عن المنافسة القاسية فى عالم سريع الإيقاع والتقلبات، لذا فقد شكلوا معايير مختلفة للقيمة والنجاح والتقدير والمكانة مختلفة تماما، بل متعارضة مع المعايير السائدة، وقد اتسعت هذه القطيعة مع المجتمع طولا وعرضا، من منظومة مختلفة للقيم، إلى قطيعة معرفية وأخلاقية، بلغت حد «بوكو حرام» أى التعليم حرام، الى جانب تشكيل مجموعات مغلقة بديلة عن العائلة والدولة، تنتظم فى علاقات متناحرة حينا ومتحالفة أحيانا.

لعب الفكر السلفى دورا دفاعيا مهما، عندما تحول الى ملجأ لقطاعات كبيرة ومتنوعة من المغتربين عن واقع يفتقد الرحمة، فحركته آلة رأسمالية متوحشة ضخمة لا تتوقف عن النهم للمال والسيطرة وجر البشر بكل عنف، فى منافسة محمومة، ومن يعجز عن اللحاق بهذه الآلة الجهنمية سيسقط خارج الحلبة، منبوذا وضائعا.

كلما شعر السلفيون بالفجوة تتسع مع المجتمع، غاصوا أكثر فى الماضي، للتشبه بالسلف الصالح، لذا فهم ينظرون بازدراء للحاضر، ولكل من يختلف عنهم، فهم من اصطفاهم الله لاتباع سنته، وهم من سينعمون بجناته، بينما الآخرون قد ضلوا الطريق إلى الله، ويلهثون خلف متاع الدنيا، متجاهلين تعاليم السماء، بل يسخرون منها ويحاربونها.

ومع أن الإنسان الغربى لا يبدو متدينا فى أغلب الأحيان، إلا قلة محدودة، فإن السلفى لا يراه إلا صليبيا أو يهوديا، ويعتقد أن هدف الإنسان والمجتمع الغربى الأساسى هو النيل من الإسلام، وإغراء المسلمين بمنجزاتهم لكى يخلعوا عنهم دينهم.

تجذب المراكز الإسلامية أولئك الذين يشعرون بعدم التكيف مع منظومة الحياة فى الغرب، خاصة أن معظم الآباء يحرصون على توريث أبنائهم »الهوية«، وتكريس اختلافهم عن قيم وعادات المجتمع الغربي، ويخشون من أن يفقد الابناء دينهم ولغتهم، ويذهبون بهم إلى تلك المراكز، لتلقنهم تعاليم الإسلام، ليفاجأوا بأن أبناءهم اعتنقوا الفكر السلفي.

لم يعد الغرب يموج بحركات شبابية وتحررية، ومدارس فلسفية وفكرية، ولا يمكنه أن يمنحنا تنويريين، بل إن محمد عطا الذى ذهب إلى ألمانيا وهو يحمل الماجستير فى الهندسة من جامعة القاهرة، تحول إلى عضو فى تنظيم القاعدة، وشارك فى ضرب برجى أمريكا فى 11 سبتمبر . وهكذا نجد كثيرا من المهاجرين المسلمين قد انعزلوا فى جيتوات، فى ضواحى المدن، ليصبحوا فريسة الفكر السلفي.

كانت الخطوة الأهم فى الحركة السلفية بمختلف فروعها، تتمثل فى الانتقال من التكفير إلى الجهاد، مستندة إلى إرث كبير من الأحاديث والتفاسير عن وجوب الجهاد، وهى خطوة تلقى قبولا كبيرا لدى الشباب المتحمس والراغب فى تغيير المجتمع، والكاره للآخر الذين يعادونه، ويسيطر على مقدراته، وهنا تتلاقى الرغبات فى مواجهة المجتمع »البغيض« مع نصوص من كتاب الله وسنته، ويرددها كبار علماء يحملون كل التقدير والامتثال لآرائهم، لتبدأ خطوة أخرى باتجاه «الداعشية» من خليط يضم أجانب ومقيمين وفلول البعث العراقي.

.. وللقصة بقية تروي.

تعقيب
عن داعش وقطر واليسار الداعشى

 

نشر مصطفى السعيد مقالاً بعنوان »الاشتراكيون الداعشيون« بالأهرام فى 20 ابريل الماضى، تعرض لى فى فقراته الأخيرة بحيث اعتبر أن قطر قد جندتنى وأننى متحالف مع داعش ومع المعارضة التى كانت ديكوراً لداعش والنصرة وغيرهما. وأعتبر أن «الاشتراكيين المعزولين» الذين يتحدث عنهم قد تحالفوا مع داعش من خلالى، أو لأنهم تواصلوا معى.

أولا، لم أكن يوماً من توهم فى الاخوان المسلمين، وكنت دائم الرفض للتحالف معهم، ونقد كل من يقيم هذا التحالف. وكان موقفى واضحاً من سياساتهم، وحكمهم، وممن لم يرتعب من سلطتهم خوفاً من حكم طويل، بل قلت علناً إن الشعب سيسقطهم.

ثانيا، يبدو أنه يكفى أن أكون ضد النظام السورى ومع الثورة لكى ينهال علىَّ فى خطاب محفوظ، عن التحالف مع داعش والنصرة وجيش الاسلام، وأيضاً قطر، رغم أننى من كتب عشرات المقالات (منها مقالات فى جريدة الأهرام)، وتحدثت فى عشرات المقابلات عن رأيى الذى يحذر من خطر هؤلاء،إلى حد أننى طالبت بتصفيتهم، وكنت مع قتال الكتائب المسلحة فى سوريا ضدهم قبل أن تنتشر موجة «الحرب ضد داعش»، وإلى الآن أدعو لتصفية داعش والنصرة وجيش الاسلام، لأننى اعتبر أنها تشكلت لتخريب الثورة السورية.

ثالثاً، لست واهماً لكى أفكر فى القيادة الجديدة بعد بشار، لأننى أعرف موازين القوى وممكنات التغيير فى سوريا. ولم أكن يوماً فى توافق مع المعارضة السورية، ولقد كتبت ضدها منذ البدء، واعتبرت أنها عبء على الثورة، وكشفت ترابط معارضة الخارج مع دول إقليمية وخضوعها لتكتيكها، كما تحدثت عن دور قطر لفرض الاخوان المسلمين فيما سمى المجلس الوطنى كـ «سلطة بديلة»، وكنت أعتبر أن ذلك مما يضر الثورة ويخربها.

سلامة كيلة


لمزيد من مقالات مصطفى السعيد

رابط دائم: