رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الهجرة غير الشرعية..الأسباب والحلول

لن يتوقف تدفق المهاجرين الأفارقة أوغيرهم بشكل غير قانونى على أوروبا ما بقيت أسباب هروبهم من أوطانهم بلا معالجة،ولن تجدى التهديدات ولا حتى التدخل العسكرى نفعاً لأنهم لا يلقون لها بالاً ويعتقدون أن حياتهم هناك لن تكون أسوأ منها فى بلادهم بأية حال.أما الموت غرقاً فى البحر المتوسط أوجوعاً وعطشاً فى الصحراء الإفريقية قبل الوصول إلى الجنة الأوروبية الموعودة فهو قدَرٌ مكتوب على مَن أصابه لأن الموت مُدرك المرء ولو كان فى برج مشيّد.

المهاجرون الأفارقة يقعون تحت إغراء مَن نجحوا قبلهم فى الوصول إلى أوروبا وما يزيّنه لهم أباطرة التهريب من أوهام رغد العيش الذى ينتظرهم هناك وينتشلهم وأهليهم من الفقر والجهل والمرض.فى الوقت نفسه تضغط عوامل كثيرة على أعصابهم داخل بلادهم وتدفعهم للهرب مثل البطالة التى يعانى منها أكثر من 50% فى معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء الأربع والثلاثين وما يحدث من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان على أيدى قوات الأمن ضد المعارضين أوحتى مَن يُشتبه بمعارضته للحاكم فضلاً عن تفشى الفساد واستئثار القلّة المحظوظة من كبار المسئولين والموظفين فى أجهزة الدولة بالنصيب الأكبر من خيرات الوطن وترك الفتات لعامة الناس.فأكثر من نصف سكان تلك الدول يعيشون على ما يعادل دولاراً واحداً للفرد فى اليوم ولا يجدون الدواء أو المسكن الصحى أوحتى مياه الشرب الصالحة.لذلك يطالب المهتمون بالمشكلة بالعمل على تحسين أحوال معيشتهم داخل بلادهم حتى لا يخاطروا بحياتهم بالهجرة غير المشروعة،لكن السؤال هو كيف؟.

فمهما زاد حجم المساعدات الخارجية للدول الطاردة للمهاجرين فلن يكفى لوقف هجرتهم إمّا لضخامة عدد المحتاجين وتدهور اقتصادات بلادهم وضعف وربما انعدام البنية الأساسية اللازمة للتنمية مما يحول دون إيجاد فرص عمل لهم وتوفير الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للمعيشة أو لأن قدراً كبيراً من تلك المساعدات يضعها الفاسدون فى جيوبهم تاركين القليل لعامة الناس.وبينما تفتك بمئات الآلاف منهم أمراضٌ وأوبئة مثل الإيدز والملاريا والسل والإيبولا سنوياً لعدم توافر العلاج والنقص الفادح فى عدد الأطباء وأطقم التمريض والمستشفيات والأدوية،يعيش أكثر من 70% منهم بلا كهرباء ونحو 55% بلا مياه شُرب صحية ولا تتوافر فرصة التعليم للبعض حتى ولو كان التعليم الأساسى لعدم كفاية عدد المدارس والمدرسين،فما بالك بالتعليم الجامعي.

أما الوسائل الأخرى المقترحة للحد من الهجرة فمن بينها تشديد الرقابة الأمنية على الشواطيء والحدود،وهو ما ثبت عدم جدواه وحده خاصةً على سواحل دول تعانى من فوضى أمنية مثل ليبيا.كما تشمل رصد وتدمير القوارب قبل أن ينحشر فيها المهاجرون وهو ما يحمل مخاطر تعرُّض مراكب صيادين أبرياء للقصف بطريق الخطأ فضلاً عن أن القصف يخالف القانون الدولى الذى يقضى بحماية الهاربين من النزاعات والاضطهاد وعدم إجبارهم على العودة إلى مكان فيه تهديد لحياتهم إذا تم دون إذن من الحكومة الشرعية للبلد أوبدون موافقة مسبقة من مجلس الأمن الدولى وهو ما ينطبق على دول كثيرة تشهد حروباً أهلية.أما المطالبة بأن تفتح دول أوروبا حدودها لهم وتستوعبهم فهى غير منطقية فى ضوء ما شهده عدد منها من أعمال إرهابية نفّذ بعضها مهاجرون وما تعانيه من أزمات اقتصادية وزيادة فى بطالة مواطنيها الأصليين وضغوط المتطرفين اليمينيين على حكوماتهم لطرد الأجانب فضلاً عن أن فتح الحدود سيغرى المزيد منهم بالهجرة.

وللحد من الهجرة التى فجّرها من جديد غرق قارب يحمل نحو 800 شخص فى البحر المتوسط معظمهم من دول إفريقية قبل أيام قرّر قادة الاتحاد الأوروبى مضاعفة الأموال المخصصة للبحث والإنقاذ ثلاث مرات وزيادة عدد السفن والطائرات التى تراقب مياه البحر ودراسة سبل الإستيلاء على قوارب المهرّبين وتدميرها قبل أن يستقلها المهاجرون.لكن يبدو أن تلك الإجراءات لن تكفى ما لم يتم مساعدة الدول الإفريقية على توفير فرص العمل للعاطلين وتحسين أحوال المعيشة بتوفير الكهرباء والمياه والعلاج للمزيد من مواطنيها والضغط على حكوماتها لاحترام حقوق الإنسان والإقلاع عن اضطهاد المعارضين وملاحقتهم وسجنهم وتعذيبهم ودفعها لانتهاج أسلوب ديمقراطى فى الحكم والحد من الفساد الذى يكلف الشعوب الإفريقية المطحونة 60 مليار دولار سنوياً وفقاً لتقرير للأمم المتحدة.يضاف إلى ذلك بذل جهود أكبر لوقف الحروب الأهلية التى تمسك بتلابيب كثير منها لعلً وعسى أن يبعث ذلك الأمل فى نفوس الشباب للبقاء داخل بلادهم لينهضوا بعبء تنميتها.فما نهبه المستعمرون الأوروبيون من ثروات الشعوب الإفريقية مازال يفوق بكثير حجم المساعدات التى قدّمتها الدول الأوروبية لهم.

بدون أخذ الأسباب والوسائل السابقة فى الإعتبار سيستمر تدفق المهاجرين بمعدل خمسة آلاف أسبوعياً على إيطاليا وحدها كما تتوقع حكومتها حتى سبتمبر وقد يحدث ما حذّرت منه وكالة الهجرة الدولية من احتمال أن يلقى 30 ألف مهاجر مصرعهم بحلول نهاية العام إذا استمر معدل الغرق الذى تضاعف 30 مرة منذ بداية 2015 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.


لمزيد من مقالات عطيه عيسوى

رابط دائم: