وحفاظا على هيبة المكان والمكانة فقد حددت المادة الاولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 22 لسنة 2004 بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية الشروط التى يتعين توافرها فيمن يترشح رئيسا للجمهورية، وذلك بجانب الشروط التى نصت عليها المادة – 141- من الدستور الحالى ومن هذه الشروط الا يكون قد حكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الامانة ، ولو كان قد رد اليه اعتباره .. مما آثار جدلا قانونيا حول ماهية ذلك وما معنى رد الاعتبار ، ولماذا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية حتى لو رد اليه اعتباره.
المستشار مجدى الجارحى نائب رئيس مجلس الدولة يقول "إن مفاد هذا الشرط أنه يجب الايكون قد حكم على المرشح فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الامانة، أى أنه يكون الحكم قد صدر بالفعل أما مجرد الاتهام فقط ولو فى عدة جنايات أو جرائم فإنه لايكفى لاستبعاد المرشح ، ويجب أن يكون هذا الحكم قد صدر بالفعل على طالب الترشح فى جناية بصفة عامة أو جريمة، وأن كانت لاتعد جناية وفقا لقانون العقوبات، الا أنها مخلة بالشرف أو الامانة وهى الجرائم التى تعرف بأنها تلك الجرائم التى تكشف عن خسة وإعوجاج فى الطباع والسلوك وانعدام فى القيم والمبادىء وأنحطاط وتدن فى التكوين، وأمثلة هذه النوعية من الجرائم عديدة ومنها جرائم التجسس والرشوة والاختلاس والاغتصاب والسرقة والنصب وخيانة الامانة وغيرها.
حتى لو رد اليه اعتباره
ويضيف المستشار مجدى الجارحى لم يكتف المشرع بذلك وإنما اعتبر كل من حكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الامانة لايجوز له أن يترشح لرئاسة الجمهورية حتى ولو كان قد رد اليه اعتباره، ورد الاعتبار للمحكوم عليه هو نظام قانونى قرره المشرع بشأن الآثار الجنائية للحكم الصادر بالادانة بشروط وضوابط وفى حالات معينة ومحددة، ويقصد برد الاعتبار محو الآثار الجنائية للحكم بالادانة بحيث يأخذ المحكوم عليه وضعه ومكانته كاملة فى المجتمع مثله مثل أى مواطن آخر لم تصدر ضده أحكام جنائية ، وذلك بهدف التخفيف من الآثار الاجتماعية للاحكام الجنائية التى تصدر ضد بعض المواطنيين، والتى تقف صحيفة السوابق الخاصة بكل مواطن فيها عائقا ضد المحكوم عليه فى أن يشق طريقه العادى لكسب معاشه فى المجتمع وممارسة حياته بصورة طبيعية، وذلك متى توافرت حالات وضوابط رد الاعتبار التى قررها القانون، حيث يرتب القانون على رد الاعتبار للمحكوم عليه متى توافرت شروطه وهو حق للمحكوم عليه فى هذه الحالة ، يرتب عليه القانون محو جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم الذى صدر ضد من رد اليه اعتباره، وهو فى هذا يختلف عن العفو عن العقوبة الذى لايعد حقا للمحكوم عليه، ولايمتد الى الآثار الجنائية للحكم، ويوضح نائب رئيس مجلس الدولة أن رد الاعتبار نوعان الاول: رد الاعتبار القضائى وهو جائز لكل محكوم عليه فى جناية أو جنحة ويصدر به حكم من محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه ، وذلك بناء على طلبه مهما كانت العقوبة المحكوم بها سواء كانت عقوبة جناية أو جنحة، وسواء كانت عقوبة مقيدة للحرية أو كانت مجرد عقوبة مالية.
ويشترط لصدور الحكم برد الاعتبار «القضائى» أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذا كاملا أو صدر فيها عفو أوسقطت بمضى المدة ، وأن تكون المدد المنصوص عليها قد انقضت وهى 6 سنوات من تاريخ تنفيذ العقوبة تنفيذا كاملا و3 سنوات إذا كانت العقوبة عقوبة جنحة، واثنتى عشرة سنة من تاريخ سقوط العقوبة بمضى المدة اذا كانت عقوبة جناية ، وست سنوات من تاريخ سقوط العقوبة بمضى المدة إذا كانت العقوبة جنحة، كما يشترط فى هذه الحالة ايضا ان يكون المحكوم عليه قد ادى بكل ما حكم به عليه من غرامة أو رد أو تعويض أو مصاريف .. وأن يتوافر فى سلوك المحكوم عليه بعد صدور الحكم عليه ما يدعو الى الثقة بتقويم نفسه، وهو أمر خاضع لمطلق تقدير المحكمة مع ملاحظة أن تعدد الاحكام الصادرة على المحكوم عليه لايحول دون رد اعتباره عنها جميعا بشرط توافر شروط الاعتبار بالنسبة لكل منها.
رد الاعتبار القانونى
ويشير نائب رئيس مجلس الدولة الى أن رد الاعتبار القانونى هو رد اعتبار للمحكوم عليه بقوة القانون وذلك بمرور مدة معينة من تاريخ تنفيذ العقوبة كاملة أو سقوطها بمضى المدة، ودون حاجة الى طلب من المحكوم عليه أو حكم ، وهو مقرر بالنسبة للجنايات والجنح بدون تمييز بين أنواعها ، وان كان المشرع قد اختار بعض أنواع من الجنح وتطلب لها مدد مساوية للمدد المتطلبة فى عقوبة الجنابة حيث نص المشرع فى المادة – 550 – من قانون الاجراءات الجنائية على أن يرد الاعتبار بحكم القانون اذا لم يصدر على المحكوم عليه حكم بعقوبة فى جناية أو جنحة مما يحفظ عنه صحيفة بقلم السوابق خلال الآجال الآتية :
أولا: بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جناية فى جريمة سرقة أو إخفاء اشياء مسروقة أو نصب أو خيانة امانة أو تزوير أو شروع فى هذه الجرائم متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بمضى المدة اثنتا عشرة سنة.
ثانيا: بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جنحة فى غير ما ذكر متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها 6 سنوات الا اذا كان الحكم قد اعتبر المحكوم عليه عائدا أو كانت العقوبة قد سقطت بمضى المدة فتكون المدة اثنتى عشرة سنة، واذا كان المحكوم عليه قد صدرت ضده عدة احكام فلا يرد اعتباره اليه بحكم القانون الا اذا تحققت بالنسبة لكل منها الشروط المنصوص عليها فى المادة السابقة على أن يراعى فى حساب المدة اسنادها الى أحدث الاحكام، وفى النهاية تجدر الاشارة الى أنه يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضى بالادانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام أهلية وحرمان للحقوق وسائر الآثار الجنائية ولكنه عديم الاثر بالنسبة للآثار المدنية وعلى الاخص المتعلقة بالرد أو التعويضات التى ترتبت للغير نتيجة الحكم بالادانة حيث تخضع تلك الحقوق للقواعد المقررة فى القانون المدنى إذ إن رد الاعتبار هو نظام جنائى لمحو الاثار المترتبة على الحكم دون ما يترتب للغير من حقوق والمشرع فى قانون الانتخابات الرئاسية بما قرره بالشروط السابقة الغى أثر هذا المحو لرد الاعتبار فى حالة الترشح لرئاسة الجمهورية.