< وصف د.شبل بدران، عميد كلية التربية السابق بجامعة الإسكندرية وضع التعليم فى الدستور الجديد بكونه إيجابياً للغاية مقارنة بالدساتير السابقة، لافتأ إلى أن الدستور الجديد مد إلزامية التعليم للمرحلة الثانوية على عكس سابقيه حيث كانت تقتصر على مرحلة التعليم الأساسى، كما ارتفعت النسبة المخصصة لتمويل ميزانية التعليم من إجمالى الناتج المحلى مقارنة بماسبق حيث أصبحت 6 % مقابل 3.4% قبل ذلك على أن يتم مضاعفتها مستقبلا، معرباً عن أمله فى أن تقوم الحكومات القادمة بتفعيل بنود الدستور على أرض الواقع.
وأشار إلى أن قضية تسييس التعليم فى منتهى الخطورة وتبرز بشدة فى دول العالم الثالث وبرزت فى مصر مع ثورة يوليو 1952، واستمرذلك الارتباط حتى الآن مرورا بعهد السادات ومبارك والإخوان، وهو الأمر الذى ترتب عليه إجراء عمليات حذف وتعديل للمناهج وتقليص مساحات شخصيات بعينها مثل اللواء محمد نجيب والمشير ابو غزالة وغيرهم وامتد ذلك لما بعد الثورة وتمت ملاحظته فى المناهج وأسئلة الامتحانات التى تحمل توجهاً سياسياً بعينه، محذرا من آثار ذلك السلبية على الأجيال المتعلمة.
وأكد أن نظام التعليم الصحيح يجب أن يعنى ببناء الشخصية الوطنية القادرة على التفكير والنقد أياً كان النظام الحاكم وتوجهه،
وانتقد بدران اتجاه المسئولين والوزراء لحذف المناهج وتسمية ما يتم حذفه بالحشو الزائد، معتبرا أن ذلك يعطى انطباعا سلبيا عن منظومة التعليم وأن من تلقوا تلك الجرعة من المناهج كانوا يتلقون تعليماً خاطئاً، معتبرا أن تطوير المناهج لايأتى بالحذف وإنما يجب أن تؤسس المناهج الدراسية على شعارات ثورتى 25 يناير و30 يونيو من حرية وكرامة وعدالة إنسانية وألا تعتمد على التلقين والحفظ، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بتأهيل وتدريب المعلم وأن يكون المعلم نفسه مؤمناً بالأهداف والقيم التى يسعى المنهج لغرسها داخل الطلاب.
وانتقد عميد كلية التربية السابق سياسات الحكومة والوزارة الحالية فى تطوير التعليم معتبرا أنها تركز على القشور ولا تهتم بجذور القضية التى يجب أن تحول المنظومة بأكملها من التعليم إلى التعلم وفتح الأفق أمام التعلم الذاتى وتطبيق مهارات البحث العلمى.
< بدورها قالت د.نوال شلبي، مدير المركز القومى لتطوير المناهج إن المركز لديه خطة لتطوير المناهج تبدأ بإعداد وثائق للمناهج يتم تطويرها كل 5 سنين و تخضع بعد ذلك لمراجعة وتحكيم دقيق جدا قبل نزولها للمدارس وفقاً لمعايير مشتقة من المعايير المعترف بها دوليا وإن كان سقف هذه المعايير لا يرقى للمستوى المأمول تحقيقه، مشيرة إلى حدوث بعض القصور فى ترجمة تلك المعايير خاصة فى الجوانب المتعلقة بالمهارات بسبب الثقافة الشائعة بالمجتمع والتى لم تعتد بعد على تقليل المعلومات وزيادة جرعة المهارات.
ونفت ما يوجه للكتب الدراسية من انتقادات بشأن احتوائها على «الحشو» واعتمادها على تدعيم مهارات التذكر أكثر من الأنشطة والملكات الإبداعية حيث أكدت أن كتب الوزارة ركزت فى السنوات الأخيرة على المهارات لذا قام المركز بإعداد كتاب المهارات والأنشطة ليكون جنباً إلى جنب مع الكتاب الدراسى التقليدى من أجل تطوير مهارات التفكير العليا لدى الطالب، مؤكدة أنه لو تم استخدام الكتابين معاً كما ينبغى داخل الفصل الدراسى فسينعكس ذلك إيجابيا على جودة العملية التعليمية .
وحول انخفاض جودة أو رداءة أسلوب التدريس والتعلم بالمدارس الحكومية مقارنة بالمدارس الدولية والخاصة؛ أوضحت أن تلك المدارس تتبنى منظومة التعليم عن طريق مصادر التعلم بعيدا عن وجود كتاب مدرسى ملزم للطالب وبرغم كونها تجربة ناجحة إلا أنها تستلزم شروطا عديدة غير متوفرة للأسف فى الوقت الحالى مثل تضاعف الإنفاق على الطالب وزيادة عدد المدارس من أجل تقليل الكثافة فى الفصول بحيث يتيسر التعليم التعاونى، ويتحقق التوازن بين استخدام الكتاب المدرسى واللجوء لمصادر التعلم.
واعتبرت رئيس مركز تطوير المناهج أن طبيعة الامتحانات تقف فى أوقات كثيرة عائقا أمام تطبيق هذه الطريقة فى التعلم لأن الامتحانات كثيرا ما تعتمد على مهارات الطالب فى الحفظ والتذكر لذا نجد أن المعلم والطالب وولى الأمر معاً يركزون على تنمية مهارات الحفظ على حساب المهارات الآخرى خاصة فى ظل عدم وجود امتحانات عملية ترتبط بتقييم المهارات، كذلك أشارت إلى أن ثقافة المجتمع نفسه مازالت تقف عائقا أمام تطوير الامتحانات مدللة على ذلك بما يحدث فى امتحانات الثانوية العامة وخضوع واضعى الامتحانات والمسئولين لضغوط الرأى العام الذى قد يغضب بشدة ويتأثر ببكاء وهلع الطلاب لمجرد وضع سؤال يعتمد على مهارات التفكير العليا، معتبرة أن تأهيل الطلاب والمجتمع لتقبل ذلك عامل مهم جدا لتطوير العملية التعليمية على أن يبدأ ذلك منذ مراحل الدراسة الأولى.
< ومن جهته أكد د.محمد رجب، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة قناة السويس والرئيس السابق للمركز القومى لتطوير المناهج أن تطوير وتغيير المناهج أمر طبيعى وصحى وضرورى أن يتم كل 4 و5 سنوات لمواكبة التطورات، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الأخيرة تم إنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والتى وضعت ما يسمى بمعايير المحتوى الدراسى وما يجب أن يتعلمه التلاميذ فى كل مادة دراسية فى كل صف دراسي، مقترحا أن يتم وضع المحتوى الدراسى بطريقة لا مركزية بواسطة المناطق التعليمية إذا التزم المحتوى بالمعايير التى تحددها الدولة مشيرا إلى أن تجربة اللامركزية فى صناعة الكتاب المدرسى تجربة طبقتها دول عربية كثيرة ونجحت فيها ورفعت بها عبئا كبيرا على الدولة ووزارة التعليم بها.
ونفى رجب وجود أى محاولات من النظام السابق أو الأسبق لتسييس المناهج والمحتوى الدراسى لصالحها، مضيفاً « ليس لدى أى إثبات أن النظام الحاكم فى أى فترة تدخل فى صياغة المحتوى الدراسى لأن الجميع يلتزم بالمعايير التى وضعتها هيئة ضمان الجودة».
< واعتبر د.مجدى أمين، مدير المركز القومى للامتحانات والمشرف على الأكاديمية المهنية لتدريب المعلمين أن التطوير فى قطاع التعليم دائما ما يستغرق وقتا حتى يشعر الجميع بمردوده وأن هناك مواصفات يجب على الجميع الالتزام بها سواء فيما يتعلق بالمناهج أو طرق التدريس أو الامتحانات، معرباً عن تفاؤله بتغير الأوضاع إلى الأفضل.
كما نفى أن يكون الامتحان الدراسى هو العائق فى تطوير العملية التعليمية, مؤكدا أن واضعى الامتحانات يراعون دائما المواصفات الخاصة التى تتضمن وجود أسئلة متدرجة تعتمد على المستويات العليا للتفكير وقياس مستوياتهم المعرفية بالإضافة إلى سؤال خاص للطلاب المتفوقين وأن الامتحانات تركز أيضاً على الفهم والتطبيق.
وحول تدريب المعلمين أوضح أن الأكاديمية تهتم بتأهيل وتدريب المعلم ليكون قادرا على متابعة التطورات فى المناهج وأساليب التدريس باستمرار حيث تخصص 125 حقيبة تعليمية وتدريبية فى كل المواد والتخصصات وتربط الترقيات باجتياز تلك التدريبات بالإضافة إلى اتاحة فرص للتدريب بعيدا عن الالتزام بالحصول على ترقية بعينها، كما تسعى لتدريب المعلمين غير المؤهلين تربويا من خريجى الكليات الأخرى بخلاف كليات التربية.