الفنان المثقف المتواضع, له رصيد فني وسينمائي يغني عن أي تعريف, فلا يحتاج لمقدمة فنية, لكنك تفاجأ عندما تجلس معه أن خفة ظله وحبه للضحك, وعشقه للموسيقي والكلمة الحلوة كلها خصال وسجايا عديدة تكتشفها في الفنان الكبير عزت العلايلي الذي مازالت أعماله تسكن الوجدان.
. فمن يستطيع أن ينسي السقا مات أو أهل القمة أو الأرض التي شاركت في قائمة أفضل مائة فيلم مصري..كيف يري الفنان عزت العلايلي المشهد العام وانعكاساته علي الحالة الفنية وتشخيصه لتعثر الشباب في المرحلة الراهنة؟.. لذا كان هذا الحديث في السياسة والفن والمرأة.. وإلي الحوار
كيف تقرأ المشهد السياسي الآن بعد نتيجة الدستور التي حسمت بنسبة98% لنعم؟
نتيجة الدستور وضعتنا أمام مسئولية كبيرة, مسئولية تاريخية, لان الدستور قيمة عالية وهامة, يجب أن نتحملها بالكامل, فعلينا العمل ليلا ونهارا وألا نتقاعس, لنضع مصر في طريق النماء, لقدعانينا كثيرا في السنوات الماضية, وأظن أنه حان الوقت الآن لكي نعوض خسارتنا, وليعلم الجميع, أن العمل هو الأساس, فدستور رائع بدون عمل, لا يساوي شيئا, ونحن نريد حكومة ناجحة ووزراء علي قدر عال من المسئولية والوعي, فلن ينجح دستور دون حكومة ناجحة وشعب يعمل.
من هو رئيس مصر القادم؟
نحتاج لشخصية قوية قائدة, محبة وعاشقة لهذا الوطن, ومن المؤكد أن الفريق عبد الفتاح السيسي شخص مناسب للفترة المقبلة, لكن في كل الأحوال فالحكومة القادمة يجب أن تشعر بالشعب وبأوجاعه ومعاناته, لأنه بالفعل تعب.
شاركت في أحد الوفود الشعبية الدبلوماسية لتحسين العلاقات الدولية لمصر, فكيف كانت زيارتك لروسيا, وما هي أهم نتائجها؟
كانت زيارة مهمة جدا, وبهذه المناسبة أشيد بدور هذه الوفود الشعبية, التي دائما ماتضم نخبة مهمة في مجال الفكر والأدب والسياسة, وبالفعل يكون لها تأثير واضح في تحسين العلاقات بين مصر والدول الأخري, لقد مرت مصر بظروف عصيبة وساءت العلاقات الدولية في الفترة الماضية, وانخفضت أعداد السائحين, ففي روسيا قابلنا مسئولين كثيرين, وكان يوما مكثفا, قابلنا فيه نائب وزير الداخلية, ورئيس البرلمان وغيرهما من المسئولين, وبعد زيارتنا تم رفع الحظر عن السياح الروسيين, الذين كانوا يشكلون نسبة كبيرة من سياحة مصر في شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان.
كنت من الفنانين المؤيدين قلبا وقالبا لثورة25 يناير, كيف تراها الآن بعد مرور3 سنوات ؟
لاشك أن ثورة يناير شارك فيها الشباب بنية نقية وأراد التمرد علي الظلم أملا في تحقيق العدالة الاجتماعية, لكن لا شك أيضا أن الثورة اكتنفها بعض الشبهات والتساؤلات غير الواضحة حتي الآن, وكادت تنحدر في طريق مظلم, لكن حدث التعديل في30 يونيو, التي صححت المسار, بعد أن كدنا نسير في في طريق مجهول.
هل تفكر في شغل أي منصب وزاري أو نقابي؟
يرد عزت العلايلي مسرعا: أعوذ بالله! أنا أخدم وطني من خلال أي عمل أو مشاركة, وأساهم في نشر الثقافة والفن والأدب, لكن بدون أي مناصب أو كراسي.
فلنبتعد عن السياسة, ولنتحدث عن عزت العلايلي الفنان والإنسان..ماذا تفعل الآن؟
أقرأ مسلسلا وسأرفضه, لأنه سطحي جدا, وهذه سمة معظم الأعمال التي تكتب الآن معظمها يفتقد للعمق ولا يوجد بها أي رسالة واضحة للمشاهد.
مررت بتجارب كتابية لسهرات تليفزيونية ومسرحيات منذ سنوات طويلة, هل تفكر في الكتابة الآن؟
بالفعل أضع الخطوط الأولي لعمل درامي أعكف علي كتابته حاليا, وهو مسلسل اجتماعي, يخاطب الأسرة المصرية.. فأخيرا قررت الكتابة بعد فترة تردد, حيث توقفت لسنوات طويلة.
ما الذي تحرص علي بلورته دراميا في هذا العمل ؟
يطرق المسلسل مشكلة طغيان الماديات في حياة الأسرة المصرية, بالصورة التي يسقط فيها الحب وينهزم بالضربة القاضية, وفي ظل هذا الزمن المتسارع نري ونرصد أشياء جميلة تتلاشي كالشموع وتتقطع حبالها بين الأسرة الواحدة, نتيجة اللهاث المرير علي الماديات, وكيف تساهم هذه الأجواء في تفكك الأسرة المصرية ؟
ماذا تمثل المرأة في حياة عزت العلايلي؟
أمي سيدة عظيمة, كانت تسهر دائما علي راحتي, وكنت نور عينيها, وبعدها تولت زوجتي هذا الدور فمهنتنا شاقة للغاية, و تجعلنا شديدي العصبية والضغط في أوقات كثيرة, لكن زوجتي تحملت الكثير بجانب تربيتها الراقية لأولادي, فالمرأة لها دور اساسي في تكوين هذا المجتمع, من الناحية السياسية والفنية والفكرية والأدبية, فكل العظماء كان لهم أمهات عظيمات سهرن علي نجاحهم, وكن أمهات بسيطات, ولكنهن يدركن بالفطرة معني التربية الحقيقية, وأهمية التعليم, فوالدة جمال عبد الناصر كانت سيدة بسيطة, وكذلك والدة أم كلثوم والسادات ونجيب محفوظ, كلهن أمهات أنجبن أبناء عظماء..فالأم هي المسئولة بنسبة كبيرة جدا عن تكوين شخصية الابن أو الابنة, ولا أعلم لماذا يخجل بعض الرجال من قول هذا ولا يعترفون به.
كيف تري الحياة العاطفية والزوجية للشباب حيث ارتفعت نسبة الطلاق حاليا؟
الشباب كتر خيره, لما تنزلي الشارع, وتشوفي الناس عابسة, والكل يجري ليلحق بالمترو أو بالأتوبيس, والشوارع مزدحمة, والتلوث والضوضاء يعم الجميع, فكل هذا لابد أن ينعكس علي حياة الشباب, فحياتهم أصبحت مبعثرة فوضوية مثل الشارع والمجتمع الذي يعيشون فيه, وهذا انعكاس للازمة الاقتصادية التي تمر بها مصر منذ سنوات, لاشك أن الاقتصاد ومشاكله هو أساس كل المشاكل الاجتماعية والعاطفية والزوجية, فكيف ينجح الشباب في زواجهم, وهم لا يعيشون في مجتمع صحي؟ والتعليم المحترم غير متوافر, والتعليم الخاص باهظ التكلفة, والشارع غير آمن, فلا أحد يطمئن علي نفسه في شوارع مصر الآن, نتيجة القلق المستمر, كل هذه الضغوط لابد أن تؤثر في ارتفاع نسبة الطلاق, نحن نحتاج لعودة مصر الهادئة بالفعل.
ما معايير اختيارك لأدوارك حاليا؟
يجب أن تكون ذات مضمون عميق وواضح, ورسالة محددة, أستطيع من خلالها مخاطبة الشباب, وأن تساعد في عملية البناء وطرح نقاط القوة والضعف في المجتمع بطريقة فنية, وليس الهدف منها التسلية فقط, فأنا لست مسلياتي.
ما الدور الذي تتمني أن تعود به إلي السينما؟
اشتقت للسينما بالفعل, وأتمني تقديم دور شخصية سياسي مفكر ومسئول لكن يصيبه الجنون في النهاية, حاجة كده شبه فيلم الاختيار,حيث كان شخصية مركبة, لها وجهان مختلفان, وأتمني تحويل رواية نجيب محفوظ أولاد حارتنا إلي عمل تليفزيوني أو سينمائي والمشاركة فيه.
بمناسبة حديثك عن فيلم الاختيار كيف تري نفسك عندما تراه الآن؟
يضحك عزت العلايلي ويقول: أري نفسي سيئا جدا, وأنتقد بشدة أدائي التمثيلي, والحقيقة لا أعرف كيف نجح هذا الفيلم ؟عامة الاختيار له معي ذكريات كثيرة, حيث كنت سأقوم بإخراجه, ويوسف شاهين كان سيقوم بالتمثيل, وفجأة قال يوسف: أنا مش همثل! وهرب من الدور, ورشحنا محمود ياسين, لكنه وقتها كان مشغولا بفيلمه نحن لا نزرع الشوك فرفض شاهين ترشيح محمود وأصر علي ضرورة تفرغ من يقوم بهذا الدور, ومن المواقف الطريفة أننا رشحنا أيضا عبد الحليم حافظ, فسأل عبد الحليم يوسف شاهين: الفيلم فيه غناء؟ فأجاب شاهين لأ مفيش أنت علطول بتغني, مثل بقي!,.. وفجأة قال لي شاهين: ستقوم أنت بالدور, وكانت مفاجأة, ولعبت الدورو فيلم الاختيار أثر كثيرا علي حياتي السياسية وقتها, وجعلني أهتم بالقراءة في شئون السياسة وأصبحت أكثر حنكة.
كانت تجمعك صداقة قوية مع يوسف شاهين, وقمت معه بأفضل أعمال السينما المصرية, فما أكثر المواقف التي تتذكرها له؟
يوسف شاهين الله يرحمه صديقي, واشتغلنا مع بعض عدة أفلام, وكتبنا مع بعض جزء من فيلم الاختيار, وعملت معه الارض ومن المواقف المضحكة, في إحدي المرات ذهبت معه حفلة أم كلثوم, في طنطا, التي غنت فيها أغنية ألف ليلة وليلة, حيث كنت سأقوم بالبطولة معها في فيلم سومة وكان هيخرجه يوسف شاهين فبعد انتهاء الحفلة قال لها شاهين بلدغته وتهتهته المعروفه: يعني إيه تووووووف دي وكان يقصد بها أغنية طوف وشوف, فردت أم كلثوم: أنت خواجة وإيش فهمك في الأغاني اسكت أحسن, فضحكنا جميعا, ولكن أتذكر أنني لم أحدثها إطلاقا, وفضلت الاستماع لها فقط.
كيف يقضي عزت العلايلي وقته الآن؟
مشغول جدا بمتابعة الأحوال السياسية, وغير ذلك اسمع أم كلثوم وفيروز, ومحمد عبد الوهاب, وعبد الحليم حافظ, وأكتب أيضا, وأقرأ الأعمال التي تعرض علي واستمتع بالجلوس مع أسرتي وأحفادي.
بمناسبة عشقك للأغاني, وقدرتك المعروفة علي حفظ الأغاني والقصائد, وحبك للكلمة الحلوة, ألم تفكر في كتابة شعر أوأغاني؟
يعلق عزت العلايلي ساخرا: بكتب كثير وبعدها أشعر أنه بايخ, فأقوم بتقطيع الورق فورا, الحقيقة الأجيال القديمة قامت بتأليف سيمفونيات وكتابة كلمات أكثر من رائعة لن تتكرر, عامة لكل جيل محبوه وعشاقه وأغانيه.
ما أكثر الأفلام التي لفتت نظرك مؤخرا؟
عدت من مهرجان مراكش ودبي بعد مشاركتي بهما منذ فترة قريبة, وشاهدت هناك عددا من الأفلام التي أعجبتني كثيرا, منها فيلم فتاة المصنع لمحمد خان, كما لفت نظرة فيلم هائل اسمه عمر وهو فيلم فلسطيني.
تعتقد علي من نطلق الرصاص؟
علي كل خائن وغير شريف في وطنننا الغالي وعلي مدعي الشرف والدين والكرامة, الكاذبون جميعا؟
ومن هم أهل القمة؟
المصريون جميعا, أري فيهم قدرات هائلة لم تستثمر بعد, وأشعر بالخوف في حالة عجزنا عن استثمارها ودفعهم للعمل بطريقة صحيحة مثمرة لكل الأطراف.
وماهي أحلامك المؤجلة؟
الحقيقة أنا راض جدا عن مشواري الفني, وقدمت أدوارا عديدة, وأتمني في الفترة المقبلة تقديم أدوارا تتحدث عن الأسرة المصرية بكل كواليسها ومشاكلها وخباياها.
رابط دائم: