رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ريجان بدأ محاولات الإصلاح لكن المبادرة الأوبامية تواجه حربا لأهداف سياسية
التعليم‏..‏ إرهاب يهدد أرض الأحلام‏!‏

مروة فودة
الفرق بين المتعلم والجاهل كالفرق بين الحي والميت‏..‏ في الغرب وجدت الإسلام‏,‏ ولم أجد المسلمين‏,‏ وفي البلاد الإسلامية وجدت المسلمين ولم أجد الإسلام‏..‏

 عبقرية بلا تعليم أشبه بكنز من الفضة في منجم.. التعليم كالماء والهواء.. من قال لا أقدر قلت له حاول ومن قال لا أعرف قلت له تعلم ومن قال مستحيل قلت له جرب.. من الفيلسوف الأشهر أرسطو صاحب المقولة الأولي إلي إمام التجديد محمد عبده ثم الرئيس الأمريكي بنجامين فرانكلين فعميد الأدب العربي طه حسين وانتهاء بالإمبراطور الفرنسي نابوليون بونابرت صاحب المقولة الأخيرة جميعها كلمات حملها التاريخ عبر صفحاته كي تضئ طريق الإنسان لأهمية التعليم كأداة رئيسية في نهضة الأمم أو ضياعها في حالة إهماله أو سقوطه فريسة بين شقي رحي السياسة من جانب والاقتصاد من جانب آخر.
أمة في خطر!
كان هذا عنوان تقرير أمريكي شهير حذر من خطر يهدد الأمة الأمريكية ولكن ليس عن الإرهاب هذه المرة وإنما جاء التهديد من تراجع مستوي التعليم في الولايات المتحدة هذا صحيح فالخطر جاء من الجهل وليس من القنابل ذ1983 من الدراسات أن مشكلات الأمة الأمريكية في التعليم ترجع بالدرجة الأولي إلي انخفاض المستويات الأكاديمية للطلاب, وإلي تدني نوعية التعليم كما أشار بأصابع الاتهام للمعلم نفسه. ولأن هذا التقرير جاء والحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي لم تكن قد وضعت أوزارها بعد وكانت ذكري القمر الاصطناعي سبوتنيك الذي أطلقه الدب الأحمر عام1957 مازالت ذكري ماثلة في الأذهان, فجاء هذا التقرير بمثابة الصدمة للسياسيين والمواطنين الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي آنذاك الجمهوري رونالد ريجان إلي وضع خطة طويلة المدي لإصلاح منظومة التعليم الأمريكية.
وظلت اللجنة منعقدة حتي نهاية القرن الماضي لتمهد الطريق لإدارة الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب فخرج للنور تقرير جديد عام1990 بعنوان أمريكا عام2000 استراتيجية للتعليم واحتوي التقرير علي الكثير من اتجاهات الإصلاح التي نادي بها تقرير.1983 ولأن القضية لا تتعلق بالغطاء السياسي الذي يلون البيت الأبيض سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا فقد تابع الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون خطي سابقيه وإن زاد عليهم باعتبار التعليم هو المعركة التي يجب أن يحارب من أجلها الأمريكيون لأنه أحد الأعمدة الأساسية للأمن القومي الأمريكي, وتوالت الخطوات حتي في عهد إمبراطور الحرب الجمهوري جورج بوش الابن فصدر عام2000 إستراتيجية التعليم من عام2001 إلي عام2005 حيث أكدت علي دور التعليم في تعزيز قوة الدولة.
أوباما وألعاب السياسة
ورغم أن الرئيس الديمقراطي باراك أوباما دخل البيت الأبيض بأغلبية ليست قليلة مقارنة بسلفه بوش الابن, ورغم ما يتمتع به من تأثير علي جموع الأمريكيين لفصاحته, فإن هذه العوامل لم تساعده في تمرير خطته الاقتصادية والاجتماعية- بعيدا بالطبع عن السياسة الخارجية- فواجه مشكلة تلو الأخري, أبرزها علي الصعيد المحلي هو خطته لإصلاح التعليم التي تحولت إلي ساحة للحرب السياسية بين حزب الشاي اليميني من جانب وبين البيت الأبيض من جانب آخر. وتدور رحي هذه الحرب حول مشروع المعايير الأساسية المشتركة وهي مجموعة معايير للتعليم في أمريكا تمتد من مرحلة رياض الأطفال حتي المرحلة الثانوية, حيث تشمل خططا لما يجب أن يتعلمه الأطفال في كل صف دراسي حتي يكونوا مؤهلين للالتحاق بالكليات وشغل الوظائف.
ظهر هذا المشروع للمرة الأولي علم2010 كاستجابة لخطاب أوباما عن حالة الاتحاد الذي خصص جانب كبير منه للتعليم, والتأكيد علي أن الإنفاق في تحسين جودة التعليم سيأتي بثماره بإنتاج اقتصاد قوي في نهاية الأمر, وتبنته45 ولاية. وسوف يتبع في العام الدراسي2014-2015 باختبارات جديدة تسعي لتقييم ما هو أكثر من القدرة علي حشو الرأس بالحقائق أو الإلمام بحيل خوض الاختبارات. وتركز المعايير علي التفكير النقدي والتحليل بدلا من الحفظ عن ظهر قلب; والعمل علي ضمان أن الطلاب بشكل عام يتعلمون الأشياء نفسها في المدارس الحكومية عبر أنحاء الدولة; وتقليل معدلات إصلاح الأخطاء بالكليات والجامعات حيث تشير التقديرات إلي أن40% من الطلاب الذين يدخلون الكليات ينبغي عليهم المشاركة في دورات إصلاحية قبل أن يمكنهم التسجيل في الفصول المعتمدة; ومساعدة الطلاب علي التنافس علي الوظائف التي تطالب برفع مستويات المهارات عنها في الأجيال السابقة.
حصان طروادة
صحيح أن المبادرة قديمة نسبيا, إضافة إلي انشغال الأمريكيين بالعديد من القضايا علي رأسها البطالة, إلا إن التيار اليميني ممثلا في حزب الشاي شرع في استغلالها لشق الاتفاق حولها بعد تمكن الحزبين الديمقراطي والجمهوري من تجاوز خلافاتهما والتوصل إلي صيغة مشتركة لمعايير الإصلاح وذلك تحت وطأة الحقائق الخاصة بتراجع نوعية التعليم في الولايات المتحدة, حيث صنف البرنامج العالمي لتحديد مستوي التلاميذ درجة تحصيل طلاب المدارس الثانوية في أرض الأحلام في المستوي القريب من المتوسط في المهارات المتعلقة بمادتي الرياضيات والعلوم. كما سجلت تكاليف التعليم الجامعي ارتفاعا متواصلا رغم أنها لا تجدي نفعا حيث يبقي أكثر من25% من خريجي الجامعات عاطلين أو نصف عاطلين عن العمل في حالة تمكنهم من بدء مشروعهم الخاص. ولكن ولأن للسياسة حسابات أخري, فإن حزب الشاي قرر أن يستغل هذه الحالة التعليمية كحصان طروادة الذي يقتحم به المشهد السياسي حيث مورست ضغوطا علي حكام الولايات الجمهوريين من أجل إعادة تقييم دعمهم الممنوح لـالمبادرة الأوبامية. وتأتي هذه الحملة الشرسة التي اشتملت علي التظاهر في الولايات ذات الأغلبية الجمهورية وإرسال خطابات عبر البريد الالكتروني إلي النواب الجمهوريين في الكونجرس ونشر دعاية لحشد الأمريكيين ضد دعم المبادرة باعتبارها مرسوما من مستوي عال غير مرحب به.
ولمعرفة أسباب هذه الحملة الشرسة التي يقودها حزب الشاي يجب العودة إلي بداية تأسيس هذا التيار فقد خرج من عباءة الحزب الجمهوري عام2009 كرد فعل للهزيمة القاسية التي تلقاها الجمهوريون في انتخابات عام2008 الرئاسية والبرلمانية. وفي ظل الضعف الذي أصاب الحزب الجمهوري, نجح أعضاء التيار مستغلين قربهم من أماكن صنع القرار وما يمتلكون من نفوذ علي الإعلام والاقتصاد في التأثير علي انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي جرت عام2010 فدفعوا ببعض رموزهم إلي مقاعد البرلمان كما ساعدوا الجمهوريين علي استعادة بعض خسارتهم عام2008, ولكن هذه الانتصارات لم تساعدهم في عرقلة مشروع أوباما الخاص بالرعاية الصحية الذي أقره الكونجرس عام2010 وأسهم في إعادة انتخاب أوباما مرة أخري عام.2012
بداية مبكرة لسباق طويل
يعد السباق الرئاسي الأمريكي من أطول سباقات الرئاسة حول العالم فهو ماراثون يستمر نحو عامين يسعي خلالهما كل أطراف اللعبة السياسية إلي تحقيق الفوز والوصول للناخب بكل الطرق الممكنة, ولأنه سباق طويل لا يقتصر علي مقعد الرئاسة فحسب وإنما علي مقاعد الكونجرس وعدد من حكام الولايات, فإن الاستعداد لهذا السباق يبدأ مبكرا, وهكذا بدأ الاستعداد لماراثون2016 الانتخابي عبر العديد من السبل, أولها تسليط الضوء علي أخطاء الإدارة الديمقراطية سواء في الاقتصاد الذي مازال يعاني من ارتفاع معدلات البطالة, إضافة إلي فضيحة تجسس المخابرات الأمريكية علي العديد من زعماء العالم وشبكات الإنترنت والاتصالات الهاتفية عبر استغلال شركات الإنترنت.
وفي إطار هذا التحرك جاءت هذه الحملة من حزب الشاي ضد المبادرة الأوبامية حيث يري منظموها أنهم يمكنهم الانتصار فيها مقارنة بمشروع الرعاية الصحية خاصة مع قرب السباق الانتخابي فنجحت في استغلال خوف الحزب الجمهوري من تكرار هزيمة2008 النكراء في التأثير علي القرار الجمهوري حيث أوقفت ولاية إنديانا العمل بها بالفعل, بينما بدأت ولاية ميتشجان دراسة تعليق العمل بها, كما انسحبت ولايتي جورجيا وأوكلاهوما من اتحاد يطور الاختبارات اعتمادا علي المعايير الجديدة متعللتان بتكلفة الاختبارات الجديدة. أما علي الصعيد المجتمعي فارتفعت نبرة القلق من كون الاختبارات المرتبطة بالمبادرة بالغة الصعوبة.
صوت التاريخ
إن البطاقة الخضراء التي تعطي صاحبها الحق في الإقامة الدائمة علي أراضي الولايات المتحدة, يجب منحها بشكل آلي وسريع لأي طالب أجنبي يظهر مواهب في علوم الهندسة.. كانت هذه هي النصيحة الأخيرة التي وجهها العبقري ستيف جوبز مؤسس شركة آبلللأمريكيين قبل وفاته, فقال هذه الكلمات لأوباما, مسلطا الضوء علي مجال العلوم الهندسية لأنه الحقل الذي يحتاج إلي الكثير من المتفوقين من أجل سد العجز التي تعاني منه الولايات المتحدة.
ربما تكون عبارة أزمة التعليم في أمريكا غريبة علي الأذهان بالنظر إلي التفوق العلمي والتكنولوجي الذي تشتهر به الولايات المتحدة, ولكنها حقيقة واجهها الأمريكيون منذ ثمانينيات القرن الماضي بتقرير أمة في خطر, فمتي نستجيب لنداء رواد الإصلاح عبر التاريخ ونعمل علي وقف نزيف ثروتنا البشرية بهجرة العقول المفكرة والمبدعة لأرض الأحلام بحثا عن الفرصة لتحقيق الحلم؟ إن التاريخ شاهد الأزمنة, نور الحقيقة, حياة الذاكرة, معلم الحياة, رسول القدم كانت هذه إحدي حكم شيشرون ماركوس توليوس خطيب روما الشهير, قالها عام43 ق.م, وظلت خالدة, فهل ننتبه ونعي دروس التاريخ؟

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق